رفعت إيران نسبة تخصيب اليورانيوم إلى مستوى يمكّنها من تطوير سلاح ذرّي في منشأة نطنز، تزامناً مع سريان جو من التشاؤم حول إمكان نجاح مسار فيينا في إحياء الاتفاق النووي، في وقت قدّم الرئيس الإيراني السابق محمود نجاد أوراق ترشّحه لخوض الانتخابات الرئاسية مجدداً. كشفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس الأول عن رفع إيران تخصيب اليورانيوم من 60 إلى 63 بالمئة في منشأة نطنز، تزامناً مع تعثّر محادثات فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وقالت الوكالة، في تقرير وجهته إلى الدول الأعضاء، إن إيران فسرت زيادة نسبة نقاء اليورانيوم بحدوث «تقلّبات في مستويات التخصيب»، مؤكدة أن «تحليل الوكالة للعينات البيئية المأخوذة في 22 أبريل 2021 يظهر مستوى تخصيب يصل إلى 63 بالمئة، وهو ما يتّسق مع تقلبات مستويات التخصيب التي وصفتها إيران»، دون أن يتطرق لسبب هذه التقلبات. وجاءت الخطوة التصعيدية بعد ساعات من تقارير إيرانية تحدثت عن وصول محادثات فيينا غير المباشرة مع الولايات المتحدة بشأن إحياء الاتفاق النووي إلى «طريق مسدود»، بسبب رفض إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إزالة 500 شخص وكيان إيراني من قوائم العقوبات. ونقلت التقارير عن مصادر أن «إصرار واشنطن على إبقاء الأفراد والكيانات ضمن قائمة العقوبات، سيمنع طهران الاستفادة من الامتيازات الاقتصادية الممنوحة بموجب الاتفاق النووي الموقّع في عام 2015 مع القوى الكبرى». وأشارت إلى أن هذا الأمر «سيعوق تطبيع إيران علاقاتها التجارية مع بقية دول العالم، بما يتعارض مع المادة 29 من الاتفاق النووي». تشاؤم وإصرار وفي حين، رأت وزارة الخارجية الفرنسية، أنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي ينبغي إنجازه لإحياء الاتفاق النووي مع إيران في إطار زمني ضيق للغاية، قال السفير الروسي ميخائيل أوليانوف، الذي يرأس وفد بلاده بالمفاوضات النووية مع إيران، إن المفاوضات في فيينا تحرز تقدماً والهدف إنهاء التفاوض بأسرع وقت ممكن. وأشار أوليانوف إلى أن الهدف ما زال 21 من الشهر الجاري، رغم أنه بات «صعباً، لكنه ليس مستحيلاً». واعتبر المسؤول الروسي أن شك البعض في إمكان إعادة العمل بالاتفاق النووي في حلول نهاية الشهر الجاري قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في 18 يونيو المقبل هو «استنتاج متسرع». ماكنزي والعراق ويأتي التشاؤم بشأن مسار فيينا الذي تأمل حكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني في أن يفضي إلى تفاهم يسمح برفع العقوبات الأميركية الخانقة، قبل مغادرتها السلطة في أغسطس الماضي، بالتزامن مع تعقيدات بعدة ملفات إقليمية في مقدمتها العراق واليمن وسورية وغزة بين إيران والولايات المتحدة. ورأى قائد القيادة المركزية الأميركية، كينيث ماكنزي، أن إيران لا تزال تمثّل أكبر وأخطر تهديد للاستقرار في الشرق الأوسط. وأضاف ماكنزي، في تصريحات متلفزة أمس الأول: «إيران لا تزال تمارس أنشطة تخريبية واسعة النطاق، سواء بشكل مباشر أو من خلال مجموعات تعمل بالوكالة»، مشيراً إلى أن طهران «لا تهددنا فقط، بل تهدد أصدقاءنا وشركاءنا في جميع أنحاء المنطقة». وتابع، في إشارة إلى محادثات فيينا، قائلا: «بينما يتابع دبلوماسيونا محادثات دبلوماسية، فليس من مصلحة إيران تعكير صفو الأجواء بالمغامرات العسكرية». وأشار ماكنزي إلى أن «إيران تحاول اتباع سياسة إخراج القوات الأميركية من العراق بشنّ هجمات من خلال الميليشيات التابعة لها، لكن يجب أن أؤكد أن هذا ستقرره الولايات المتحدة والحكومة العراقية، وليس بعض الدول الأخرى مثل إيران». انتخابات الرئاسة إلى ذلك، شهد اليوم الثاني للترشح للانتخابات الرئاسية في إيران حالة من الجدل، بعدما قدّم الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد أوراق ترشحه، في وقت أعلن وزير الخارجية محمد جواد ظريف أن ترشحه «ليس في مصلحة الوطن والشعب». وقدّم نجاد أوراق ترشحه للرئاسة، أمس، وأظهر بطاقة هويته بعد التسجيل للانتخابات، قائلا إن «صاحبها من صُنع إيران تماماً». وتجمعت مجموعة من أنصار نجاد أمام مبني وزارة الداخلية أثناء تقديمه أوراق الترشّح، وهتفوا «أيها الأصوليون، أيها الإصلاحيون انتهت اللعبة»، فيما حاول الرئيس السابق تسلّق سياج حديدي لتحيّة أنصاره ومصافحتهم. في غضون ذلك، أعلن ظريف رسمیاً عبر «إنستغرام» أنه لن يترشح في انتخابات الرئاسة المقبلة. وكتب ظريف: «بالنظر إلى المخاوف على مدى السنوات الثماني الماضية، وخاصة منذ عيد النوروز هذا العام، على حساب تقويض اللُّحمة الوطنية والأمل وثقة الشعب، فإنّ ترشيحي للانتخابات الرئاسية ليس في مصلحة الوطن والشعب». وهاجم ظريف التيار المتشدد ضمنا بالقول: «الآن بعد أن شعر أصدقائي القلقون بالارتياح بشأن ترشيحي، أحثّهم على التركيز على أولوياتهم الخاصة، وهي اكتساب السلطة الداخلية، وأن يتركونا نركز على أولويتنا الخاصة، وهي حماية المصالح الوطنية وتخليص الشعب من العقوبات الظالمة للولايات المتحدة». ولم تقتصر مفاجآت اليوم الثاني على ترشّح نجاد واعتذار ظريف، حيث سجل المساعد الاقتصادي لقائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني رستم قاسمي، اسمه للترشح، لينضم إلى عسكريين آخرين قدّموا أوراق ترشحهم. وبدأ تسجيل المرشحين للرئاسة أمس الأول، حيث قدّم أوراق الترشح في اليوم الأول كل من وزير الدفاع الأسبق حسين دهقان، والقائد السابق لمقر خاتم الأنبياء، سعيد محمد، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في حكومة نجاد، محمد نامي، وهو من قادة الجيش. في الوقت ذاته، أعلن منوشهر متكي، المتحدث باسم مجلس وحدة المحافظين، أن رئيس القضاء، إبراهيم رئيسي، سيترشح. على صعيد منفصل، أعلن مقر «حمزة سيد الشهداء» التابع للقوة البرية لـ «الحرس الثوري» الإيراني في محافظة أذربيجان الغربية القضاء على «خلية إرهابية» مكونة من 7 أفراد، بعد محاولتهم التسلل من الأراضي التركية إلى مدينة سلماس الحدودية.
مشاركة :