كانت لينزي ماكورميك مدربة لركوب الأمواج، حيث اعتادت أن تشاهد تراكم القمامة على طول شواطئ مدينة ماليبو الأميركية. وعندما تحولت حياتها المهنية إلى الإنتاج التلفزيوني واضطرت إلى السفر، احتفظت معها بمجموعة من أدوات النظافة التي كانت تتضمن الكثير من الزجاجات القابلة لإعادة التعبئة، بغرض تقليل استهلاك البلاستيك. وذكرت وكالة "بلومبرج" للأنباء أن الشيء الوحيد الذي لم تتمكن ماكورميك من إيجاد نسخة قابلة لإعادة التعبئة منه، هو معجون الأسنان. وبعد أن أجرت بعض الأبحاث، قررت أن تصنع أقراص معجون أسنان خاصة بها، حيث كانت تظن أنها سوف تقوم بصنعها لنفسها ولأسرتها وأصدقائها فقط. ولكن بمجرد أن أدركت ماكورميك مدى تكلفة الآلة التي تقوم بتشكيل المعجون على هيئة أقراص، قررت إنشاء متجر على الإنترنت وبيع منتجها، لمجرد سداد تكاليف المعدات. وقد كانت تلك هي بداية إطلاق مشروع "بايت". وسرعان ما توسع تشغيل مشروع معجون الأسنان الناشئ، ليشمل صنع أقراص غسول الفم، وخيوط تنظيف الأسنان الخالية من البلاستيك، وفرش الأسنان النباتية بنسبة 100 بالمئة، والجيل المبيض. وتأتي المنتجات مع حاويات زجاجية قابلة لإعادة التدوير وأغطية من الألومنيوم، يمكن إعادة استخدام كليهما، كما يتم توزيع المواد التي يمكن إعادة تعبئتها داخل تلك العبوات، في أكياس مصنوعة من أسمدة عضوية. ويقبل العملاء على شراء منتجات العناية بالأسنان، ولكن ربما يكون أكبر عامل يساعد على جذبهم هو عدم وجود نفايات غير قابلة لإعادة التدوير بعد استخدام تلك المنتجات. وتعد "بايت" مجرد واحدة من عدد متزايد من الشركات التي تقدم منتجات ذات تغليف بسيط أو دون تغليف تماما، للمستهلكين الذين عادة ما يكونون على استعداد لدفع قدر أكبر من المال مقابل الحصول عليها. وقد نمت مبيعات المشروع في عام 2020 بأكثر من 200 بالمئة، بالمقارنة مع العام السابق. وتقول ماكورميك: "إننا موجودون لأن العملاء يشترون منتجاتنا.. أعتقد أنه مع إدراك العملاء أنهم لديهم القدرة على القيام بتلك التغييرات، سيدفع ذلك الصناعة بأكملها إلى اتجاه أكثر استدامة." ويعد ذلك ما تطلق عليه جوليا أتوود -وهي اختصاصية مواد في مجموعة أبحاث الطاقة النظيفة "بلومبرج إن إي إف"- "مرحلة الغضب" لتأثير المستهلك على الشركات. وتقول أتوود إن "قطاع التعبئة والتغليف ضخم، وقد قام بتطوير بعض الاقتصادات الجيدة جدا"، مضيفة أنهم قادرون على العمل بسعر رخيص لأن "لا أحد يهتم كثيرا". وقد بدأ هذا الأمر يتغير، حيث أعلنت بعض أكبر العلامات التجارية الاستهلاكية في العالم اعتزامها تغيير عبواتها. وكانت شركة "كوكا كولا" قالت في عام 2019 إنها ستبيع مياه شرب "داساني" في عبوات من الألمنيوم. وفي شهر فبراير الماضي بدأت في طرح زجاجات كوكاكولا المصنوعة من البلاستيك المعاد تدويره. وفي عام 2016، أعلنت شركة "وول مارت" الأميركية للبيع بالتجزئة، هدفا عالميا يهدف إلى الوصول إلى عبوات قابلة لإعادة التدوير بنسبة 100 بالمئة بحلول عام 2025، وذلك للعلامات التجارية الخاصة، ثم وسعت ذلك الهدف إلى الوصول لعبوات قابلة لإعادة التدوير بنسبة 100 بالمئة، أو قابلة لإعادة الاستخدام أو قابلة للتسميد صناعيا، في عام 2019. وتعد تلك أيضا خطوة تتعلق بالأجيال، إلى حد ما. وقالت أتوود إن "جيل الألفية" و"الجيل زد" (وهو الجيل الذي يلي جيل الألفية)، دائما ما يصنفون الاستدامة كعامل رئيس في قراراتهم الشرائية. في حين أن هناك بدائل راسخة للمواد البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة، مثل الكرتون الورقي. وتحتاج الشركات إلى قدر من الوقت من أجل إجراء تغييرات كبيرة. ويعد العمل الذي يقومون به حاليا هو أيضا جزء من التخطيط لمستقبل التعبئة والتغليف، مع نمو تأثير الأجيال الشابة. وذكرت وكالة "بلومبرج" أن صانعي السياسات بدؤوا - في اتجاه ضد استخدام المواد البلاستيكية - في إلقاء المزيد من الثقل على التغيير الذي يحركه المستهلكون، ولاسيما في الاتحاد الأوروبي، والذي قدم لأول مرة إجراءات لإدارة نفايات عمليات التغليف والتعبئة في ثمانينات القرن الماضي. وتعود اللوائح الألمانية الخاصة بنفايات الاستهلاك، إلى تسعينيات القرن الماضي على الأقل، عندما جعلت الدولة منتجي وموزعي السلع المعبأة الموجهة نحو المستهلك، مسؤولين عن جمع عبوات منتجاتهم و إعادة تدويرها، أو التخلص منها.
مشاركة :