أعلن سانتياجو ويلز، رئيس مفاوضات دعم مصائد الأسماك في منظمة التجارة العالمية، بدء مرحلة جديدة من المحادثات ابتداء من أمس، على نص منقح صدر علنا لأول مرة، وتسريع المفاوضات لتؤدي إلى إقرار "نص نظيف" في اجتماع ختامي للوزراء في 15 تموز (يوليو) المقبل. وقال ويلز، وهو أيضا سفير كولومبيا لدى منظمة التجارة العالمية، "إن التعديل الأخير خطوة حاسمة لتقديم مسودة نظيفة إلى الوزراء. النسخة الأخيرة تتضمن أجزاء بين أقواس معقوفة، التي عادة ما تشير إلى خلاف بين الأعضاء، لكنها تقدم أيضا مواطئ قدم مشتركة للمجموعات المتفاوضة للوصول إلى اتفاق". النص الجديد يتكون من تسع صفحات، مع شرح للنص من 26 صفحة وضعته رئاسة المفاوضات. المعاملة الخاصة للدول النامية هي القضية الأكثر صعوبة، لكن نجوزي أوكونجو إيويالا المديرة العامة لمنظمة التجارة "ترغب في أن ترى في اجتماع تموز (يوليو) نصا متقدما جدا يكون نهائيا"، حسب تعبيرها. ردا على ذلك، قال ويلز "هناك قضايا لا تزال بحاجة إلى تسوية، أصعبها المعاملة الخاصة للدول النامية". ويجري التفاوض على نص موحد منقح تم تقديمه في كانون الأول (ديسمبر) الماضي لإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن التصدي للإعانات الضارة. كانت تلك المرة الثالثة فقط خلال مفاوضات ما زالت متواصلة منذ عقدين من الأعوام، يقدم رئيس المفاوضات فيها نصا مكتوبا للتفاوض سيكون لبنة لاتفاقية عالمية لمصائد الأسماك. ولم يكن مثل هذا النص مطروحا إلا في مناسبتين سابقتين، في 2007 و2017، وهي خطوة جددت الأمل في التوصل إلى نتيجة إيجابية. مع ذلك لم يتحقق التوافق بعد على كثير من فقرات النص بسبب اختلافات كبيرة بين الدول. يقول المطلعون بعمل منظمة التجارة العالمية هنا "إن سد الخلافات سيتطلب تنازلات حقيقية من جانب الأعضاء". والمسودات السابقة للاتفاقية التي تم تسريبها التي لم يتم نشرها علنا عكست خلافات في الرأي حول ثلاث قضايا على الأقل، هي: من يجب أن يكون مؤهلا للدعم والإعفاءات من بعض بنود الاتفاقية؟ هل هي جميع الدول النامية ضمنها القوة الاقتصادية الكبرى الصين، شأنها شأن أي دولة نامية والأقل نموا؟ أو تلك التي تستوفي معايير تستند، على سبيل المثال، إلى مستويات الدخل القومي؟ ثم إلى متى سيتم إعفاء هذه الدول من بعض الضوابط على الأقل؟ وهل يمكن للدول الأقل نموا أن تمدد فترة انتقالها لبضعة أعوام إذا قامت الأمم المتحدة بترقيتها من فئة إلى فئة أخرى؟ والإجابة عن هذه الأسئلة تعني إبرام الاتفاقية، حسبما قال مصدر مطلع لـ"الاقتصادية". لكن ماذا يقول رئيس المفاوضات؟ أكد ويلز، أن نصه الجديد يصوغ المعاملة الخاصة للدول "جزئيا"، كإعفاء من الإعانات الممنوحة للدول ذات الدخل المنخفض أو فقيرة الموارد أو ضعيفة في قدراتها في صيد الأسماك والأنشطة المرتبطة بالصيد بالقرب من الشاطئ، وقد يكون هذا الإعفاء محددا بإطار زمني. علاوة على ذلك، بالنسبة إلى ركيزة الصيد الجائر والقدرة المفرطة على وجه الخصوص، يقترح النص الجديد آلية لـ"معاملة خاصة" بديلة، حيث يمكن لجميع الدول النامية السعي إلى الحصول على إعفاء مبدئي محدد المدة. بعد ذلك، يقول ويلز، "يمكن للدول النامية التي لديها حصة محدودة من الصيد العالمي للأسماك ومقدار إجمالي محدود من إعانات مصائد الأسماك، السعي إلى الحصول على تمديد من خلال اللجنة المعنية في منظمة التجارة". والمعاملة الخاصة للدول النامية هي "الركيزة" الثالثة في صميم المسودة. والنظامان الآخران هما نظامان مقترحان للحد من تأثير الإعانات في الأرصدة السمكية العالمية، وفي أساطيل الصيد وأنشطتها، بمعنى الصيد الجائر والقدرة المفرطة. بالنسبة إلى مسودته الأخيرة، أضاف الرئيس "أعلم أن الأمر لن يكون سهلا. ليس هناك ما هو سهل عندما يحتاج 164 عضوا إلى توافق في الآراء، لكن هذا ممكن.. الشيء الجيد هو أن لدينا نصا كاملا أمامنا.. حان الوقت الآن للركض إلى خط النهاية. كان الاختيار بين مزيد من الطموح والأقل، اخترت مزيدا، في حين طالب الأعضاء باستمرار بطموح أعلى في مختلف الاجتماعات". وذكر رئيس المفاوضات أنه سيتحدث إلى كل وفد على انفراد بشكل رسمي أو غير رسمي، "سواء في غرفتي أو في مقهى". كما سيتحدث مع رؤساء وفود على شكل مجموعات جغرافية، في 21 و22 من الشهر، "كي تتمكن الوفود من تحديد القضايا الرئيسة في النص التي هي الأصعب بالنسبة إليها". وستتواصل المحادثات بعد ذلك أسبوعا بعد أسبوع حول قضايا محددة بهدف الوصول إلى اتفاق نهائي بحلول اجتماع تموز (يوليو). ويقول المتفائلون إزاء هذه المفاوضات "حتى لو لم يتم حل عدد قليل من القضايا بحلول ذلك الوقت، يمكن تسويتها في الخريف قبل أن يبدأ المؤتمر الوزاري الرسمي في جنيف في 30 تشرين الثاني (نوفمبر)". لكن أصحاب النظرة المغايرة يؤكدون أنه يمكن للأعضاء أن يجدوا أنفسهم أيضا في مفاوضات مكثفة أخرى في تلك الفترة قد تحول دون الوصول إلى اتفاق قبل المؤتمر الوزاري. بعيدا عن مفاوضات مصائد الأسماك، يهدف رئيس المفاوضات الزراعية إلى إصدار مسودة نص بحلول العطلة الصيفية نهاية تموز (يوليو)، كما تهدف ثلاث مفاوضات أخرى حول التجارة الإلكترونية، والتنظيم المحلي في الخدمات، وتيسير الاستثمار، إلى اتخاذ قرارات في اجتماع نهاية العام. يقول المعنيون في عمل منظمة التجارة "إن من شأن إنهاء معظم محادثات دعم قطاع مصائد الأسماك بحلول تموز (يوليو) أن يساعد على تقدم المفاوضات الأخرى". مفاوضات مصائد الأسماك لا تقل تعقيدا عن المفاوضات الزراعية التي أخفقت المنظمة في تحقيق تقدم فيها منذ نحو عقد من الأعوام. ومن التحديات التي تواجهها هذه المفاوضات: كيف يمكن تعريف الصيد غير المشروع وغير المبلغ عنه وغير المنظم في سياق اتفاق منظمة التجارة العالمية؟ ما طريقة تقييم صحة الأرصدة السمكية، هل بالاستناد إلى مفهوم "الغلة المستدامة القصوى"، أم الاعتماد إلى بيانات كمية ووضع نماذج لذلك، أو الاستناد إلى حكم الخبراء؟ كيفية تحديد متى يكون الرصيد السمكي العالمي قد تم استنزافه بالصيد المفرط؟ ومتى يحدث الصيد المفرط؟ وكيف يمكن للحكومات أن تطبق ضوابط الإعانات مع قلة فرص الوصول إلى البيانات المتعلقة بحالة مخزوناتها؟ هناك أيضا اختلافات في كيفية سيطرة الحكومات على مصائد الأسماك. جميع هذه الأمور تعاني ضعفا في التعريفات والبيانات، كما أن صيد الأسماك عادة ما يكون متعدد الأنواع. وبدأت المفاوضات في 2001 بولاية "توضيح وتحسين" ضوابط منظمة التجارة بشأن إعانات مصائد الأسماك التي تم وضعها في مؤتمر هونج كونج الوزاري "2005"، بما في ذلك الدعوة إلى حظر أشكال معينة من الإعانات المقدمة لمصائد الأسماك التي تسهم في الإفراط في القدرة على الصيد والصيد المفرط. في المؤتمر الوزاري في بوينس آيرس "2017"، قرر الوزراء وضع برنامج عمل لاختتام المفاوضات واعتماد اتفاق نهائي بشأن إعانات مصائد الأسماك، في المؤتمر الوزاري في 2020 الذي لم ير النور بسبب كوفيد - 19.
مشاركة :