شهر رمضان والبرمجة الإيجابية المستدامة

  • 5/16/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

انتهى‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬دورة‭ ‬كاملة‭ ‬مدتها‭ ‬شهر‭ ‬كامل‭ ‬أي‭ ‬30‭ ‬يومًا،‭ ‬بما‭ ‬يساوي‭ ‬720‭ ‬ساعة‭ ‬متكاملة،‭ ‬وبالمجان،‭ ‬من‭ ‬يتصور‭ ‬ذلك؟‭!‬ ترى‭ ‬كم‭ ‬ندفع‭ ‬لحضور‭ ‬دورة‭ ‬تدريبية‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬السعادة‭ ‬الزوجية؟‭ ‬كم‭ ‬ندفع‭ ‬لحضور‭ ‬دورة‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬الذات،‭ ‬وما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالطاقة‭ ‬الإيجابية‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬مصطلحات؟‭ ‬الكثير‭ ‬منا‭ ‬مهووس‭ ‬بحضور‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الدورات‭ ‬ويدفع‭ ‬لحضورها‭ ‬مبالغ‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬يبالي‭ ‬كم‭ ‬هو‭ ‬الثمن،‭ ‬المهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يحضر‭ ‬ويستفيد،‭ ‬وبعضنا‭ ‬الآخر‭ ‬يحضر‭ ‬لمجرد‭ ‬أن‭ ‬يأخذ‭ ‬الشهادة‭ ‬ليضعها‭ ‬في‭ ‬ملفه‭ ‬الشخصي‭ ‬ويكتب‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬سيرته‭ ‬الذاتية،‭ ‬والبعض‭ ‬يحضر‭ ‬لأنه‭ ‬مجبر‭ ‬على‭ ‬الحضور،‭ ‬فيجلس‭ ‬طوال‭ ‬الوقت‭ ‬ليلعب‭ ‬في‭ ‬الهاتف‭ ‬الذي‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬ويتحدث‭ ‬مع‭ ‬زملائه‭ ‬ويخرج‭ ‬لشرب‭ ‬الماء‭ ‬أو‭ ‬لتناول‭ ‬الفطور،‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬اليوم،‭ ‬أخذها‭ ‬سياحة‭.‬ وكذلك‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬بعضنا‭ ‬استفاد‭ ‬سلوكيًا‭ ‬وجسديًا‭ ‬ومعنويًا،‭ ‬ويمكنه‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬حياته‭ ‬وفقًا‭ ‬لمخرجات‭ ‬التي‭ ‬خرج‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬ويستمر‭ ‬كذلك‭ ‬ربما‭ ‬طوال‭ ‬حياته‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬الإيجابية‭ ‬المستدامة،‭ ‬وبعضنا‭ ‬الآخر‭ ‬استفاد‭ ‬نوعًا‭ ‬ما‭ ‬بحيث‭ ‬وجد‭ ‬أنه‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يغير‭ ‬بعض‭ ‬سلوكياته‭ ‬إن‭ ‬رغب،‭ ‬فالتدخين‭ ‬والكذب‭ ‬والغضب‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬والسلوكيات‭ ‬الخاطئة‭ ‬وجد‭ ‬أنه‭ ‬يمكنه‭ ‬تغييرها‭ ‬إن‭ ‬رغب‭ ‬ذلك،‭ ‬فهو‭ ‬مازال‭ ‬يسأل‭ ‬نفسه‭ ‬هل‭ ‬أتغير‭ ‬أم‭ ‬أبقى‭ ‬على‭ ‬سلوكياتي‭ ‬الحالية؟ أما‭ ‬الفئة‭ ‬الثالثة‭ ‬فهي‭ ‬لم‭ ‬تشعر‭ ‬بالدورة‭ ‬التدريبية،‭ ‬فقضى‭ ‬جل‭ ‬وقته‭ ‬في‭ ‬النوم‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬مشاهدة‭ ‬المسلسلات‭ ‬والأفلام‭ ‬والبرامج‭ ‬السمجة‭ ‬والسهر‭ ‬في‭ ‬المقاهي‭ ‬لتدخين‭ ‬الشيشة‭ ‬والجلوس‭ ‬مع‭ ‬الأصدقاء‭ ‬حتى‭ ‬أذان‭ ‬الفجر،‭ ‬ليعود‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬للنوم‭.‬ قد‭ ‬يسأل‭ ‬سائل،‭ ‬أنا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أتغير‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬كيف؟ يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬الدورة‭ ‬التدريبية‭ ‬الرمضانية‭ ‬يوجد‭ ‬أمران‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نفهمهما‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬ندخل‭ ‬رمضان،‭ ‬هما‭: ‬مميزات‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬معرفته‭ ‬بالبرمجة‭ ‬الإيجابية،‭ ‬فما‭ ‬ذلك؟ مميزات‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭:‬ 1-‭ ‬البرمجة‭ ‬النفسية‭: ‬أكدت‭ ‬دراسات‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬أن‭ ‬التغيير‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتحقق‭ ‬عندما‭ ‬نكرر‭ ‬ما‭ ‬نريد‭ ‬من‭ ‬6‭ ‬إلى‭ ‬21‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬الشهر،‭ ‬مع‭ ‬تخيل‭ ‬النجاح‭ ‬والاسترخاء‭ ‬والاقتناع‭ ‬بالنجاح‭ ‬ثم‭ ‬الإقدام‭ ‬على‭ ‬الفعل،‭ ‬فما‭ ‬بالنا‭ ‬برمضان‭ ‬الذي‭ ‬يمتد‭ ‬30‭ ‬يومًا،‭ ‬فأي‭ ‬عمل‭ ‬تود‭ ‬تغييره‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكرره‭ ‬30‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬بلا‭ ‬انقطاع،‭ ‬فهل‭ ‬يتغير،‭ ‬جرب؟ 2-‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭: ‬بنيّة‭ ‬ترك‭ ‬المفطِّرات‭ ‬منذ‭ ‬طلوع‭ ‬الفجر‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬الفرد‭ ‬متعلقًا‭ ‬بها،‭ ‬حتى‭ ‬مدفع‭ ‬الإفطار‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬ما‭ ‬تشتهيه‭ ‬أمام‭ ‬ناظريك‭ ‬طوال‭ ‬الوقت،‭ ‬فالماء‭ ‬البارد،‭ ‬والأكل‭ ‬الساخن،‭ ‬والغريب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬للمرء‭ ‬تناول‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬الخفاء،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يفعل‭.‬ 3-‭ ‬الإنجاز‭ ‬والهدية‭ ‬والشهادة‭: ‬دورة‭ ‬متكاملة‭ ‬مدتها‭ ‬30‭ ‬يومًا‭ ‬على‭ ‬صيام‭ ‬النهار‭ ‬وقيام‭ ‬الليل‭ ‬وصلاة‭ ‬التراويح‭ ‬وتلاوة‭ ‬القرآن‭ ‬والذكر‭ ‬والصدقة‭ ‬وصون‭ ‬اللسان‭ ‬عن‭ ‬الكلام‭ ‬غير‭ ‬المرغوب‭ ‬وكل‭ ‬تلك‭ ‬الآفات‭ ‬المجتمعية،‭ ‬وترك‭ ‬المعاصي‭ ‬والمحرمات،‭ ‬ليس‭ ‬ذلك‭ ‬فحسب‭ ‬وإنما‭ ‬ترتفع‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الطاقات‭ ‬والهمم‭ ‬في‭ ‬العشر‭ ‬الأواخر،‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬مقل‭ ‬العين‭ ‬تدمع‭ ‬من‭ ‬سماع‭ ‬قراءة‭ ‬القرآن‭ ‬في‭ ‬صلاة‭ ‬القيام،‭ ‬ثم‭ ‬تتذكر‭ ‬قول‭ ‬المصطفى‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬‮«‬من‭ ‬صام‭ ‬رمضان‭ ‬إيمانًا‭ ‬واحتسابًا‭ ‬غفر‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬تقدم‭ ‬من‭ ‬ذنبه،‭ ‬ومن‭ ‬قام‭ ‬رمضان‭ ‬إيمانًا‭ ‬واحتسابًا‭ ‬غفر‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬تقدم‭ ‬من‭ ‬ذنبه،‭ ‬ومن‭ ‬قام‭ ‬ليلة‭ ‬القدر‭ ‬إيمانًا‭ ‬واحتسابًا‭ ‬غفر‭ ‬له‭ ‬ما‭ ‬تقدم‭ ‬من‭ ‬ذنبه‮»‬،‭ ‬متفق‭ ‬على‭ ‬صحته،‭ ‬يا‭ ‬لها‭ ‬من‭ ‬إنجاز‭ ‬وهدية‭ ‬وشهادة‭.‬ 4-‭ ‬التجديد‭: ‬وكَسْر‭ ‬الرَّتابة‭ (‬الروتين‭)‬،‭ ‬فمواعيد‭ ‬النوم‭ ‬والأكل‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬البيت‭ ‬كلها‭ ‬تتغير،‭ ‬ومن‭ ‬المعروف‭ ‬إن‭ ‬التجديد‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬وسائل‭ ‬الإبداع‭.‬ 5-‭ ‬تنظيم‭ ‬الوقت‭: ‬فكل‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬تتم‭ ‬وفق‭ ‬أوقات‭ ‬محددة،‭ ‬وليست‭ ‬على‭ ‬مزاج‭ ‬الفرد‭ ‬نفسه،‭ ‬وإنما‭ ‬بحسب‭ ‬رغَّبة‭ ‬الشرع،‭ ‬كالإمساك‭ ‬عند‭ ‬الفجر،‭ ‬والإفطار،‭ ‬وصلاة‭ ‬التراويح،‭ ‬ومواعيد‭ ‬إقامة‭ ‬الصلاة‭ ‬في‭ ‬المساجد،‭ ‬وصدقة‭ ‬الفطر‭.‬ هذه‭ ‬بعض‭ ‬مزايا‭ ‬رمضان،‭ ‬لنأتي‭ ‬للنقطة‭ ‬الثانية،‭ ‬وهي‭ ‬البرمجة‭ ‬الإيجابية،‭ ‬فماذا‭ ‬تعني؟‭ ‬ البرمجة‭ ‬الإيجابية‭:‬ يشير‭ ‬علماء‭ ‬النفس‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬برمجة‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬السلب‭ ‬إلى‭ ‬الإيجاب‭ ‬تتطلب‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬تكرر‭ ‬العمل‭ ‬الإيجابي‭ ‬أو‭ ‬السلوك‭ ‬الإيجابي‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬حتى‭ ‬يصبح‭ ‬عادة‭ ‬إيجابية‭ ‬لديك،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تستبدل‭ ‬السلوك‭ ‬السلبي‭ ‬بالإيجابي،‭ ‬وفي‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬نكرر‭ ‬الصوم‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬يومًا،‭ ‬وهي‭ ‬كافية‭ ‬لترسيخ‭ ‬السلوك‭ ‬الإيجابي‭ ‬والاعتياد‭ ‬عليه‭ ‬ليصبح‭ ‬عادة‭ ‬مكتسبة،‭ ‬ونتجنب‭ ‬خلال‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬السلوك‭ ‬السلبي‭ -‬أيًا‭ ‬ما‭ ‬كان‭- ‬ما‭ ‬أمكن‭ ‬ذلك،‭ ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العادات‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬الإقلاع‭ ‬عنها‭ ‬باتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬أولاً‭ ‬ثم‭ ‬الإصرار‭ ‬والعزيمة‭ ‬ولا‭ ‬مانع‭ ‬من‭ ‬التدرج‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬كالتدخين‭ ‬مثلاً‭ ‬والإفراط‭ ‬في‭ ‬شرب‭ ‬المنبهات‭ ‬وغيرها‭. ‬لنتخيل‭ ‬الآن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬وما‭ ‬الأمور‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬عشنا‭ ‬فيها‭ ‬لنبرمج‭ ‬حياتنا‭ ‬ولننتقل‭ ‬من‭ ‬السلبية‭ ‬إلى‭ ‬الإيجابية‭: ‬ 1-‭ ‬المحيط‭ ‬الإيجابي‭: ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬المحيط‭ ‬والمجتمع‭ ‬كله‭ ‬منشغلاً‭ ‬بالتغيير‭ ‬والإيجابية‭ ‬فإنك‭ ‬حتمًا‭ ‬ستتأثر‭ ‬به،‭ ‬ففي‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نشاهد‭ ‬وأن‭ ‬نستشعر‭ ‬تفاعل‭ ‬الجميع‭ ‬مع‭ ‬الأجواء‭ ‬المحيطة‭ ‬برغبة‭ ‬ذاتية‭ ‬في‭ ‬التغيير،‭ ‬دون‭ ‬إجبار‭ ‬أو‭ ‬ضغوط‭ ‬خارجية،‭ ‬بل‭ ‬تجد‭ ‬الأفراد‭ ‬يمارسون‭ ‬الصلاة‭ ‬والصوم‭ ‬وبقية‭ ‬العبادات‭ ‬طواعية‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬إكراه،‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الطاعة‭ ‬والالتزام،‭ ‬فمن‭ ‬أمرهم‭ ‬بذلك؟‭ ‬وكيف‭ ‬انصاع‭ ‬الجميع؟‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬أجواء‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬تؤسس‭ ‬لنمط‭ ‬اجتماعي‭ ‬إيجابي،‭ ‬ينعكس‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭.‬ 2-‭ ‬شهر‭ ‬النشاط‭ ‬والفاعلية‭ ‬والتفاعلية‭: ‬فئة‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬تعتقد‭ ‬أن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬يأتي‭ ‬فيأتي‭ ‬معه‭ ‬الخمول‭ ‬والنوم‭ ‬والكسل،‭ ‬والسهر‭ ‬واللهو‭ ‬ولا‭ ‬إنتاج‭ ‬ولا‭ ‬دوام،‭ ‬ومشاهدة‭ ‬التلفزيون‭ ‬والبرامج‭ ‬السمجة‭ ‬التي‭ ‬تضحك‭ ‬على‭ ‬الذقون،‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬شهر‭ ‬الإنجازات‭ ‬العظيمة‭ ‬والهمم‭ ‬العالية‭ ‬والنشاط‭ ‬والحيوية‭. ‬فعلى‭ ‬مدار‭ ‬التاريخ‭ ‬كانت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإنجازات‭ ‬لا‭ ‬تتم‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬رمضان،‭ ‬والناس‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الصوم،‭ ‬ففي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬يكون‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬قمة‭ ‬الحالة‭ ‬الروحانية‭ ‬والقرب‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى،‭ ‬لذلك‭ ‬يكون‭ ‬الإنجاز‭ ‬أعظم‭. ‬وعلى‭ ‬ذلك‭ ‬ليكن‭ ‬شعارنا‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬دائمًا‭ ‬وبصفة‭ ‬مستدامة‭ ‬لنتغلب‭ ‬على‭ ‬الكسل،‭ ‬لنتغلب‭ ‬على‭ ‬الجوع‭ ‬وعلى‭ ‬العطش،‭ ‬لنقاوم‭ ‬التعب،‭ ‬لنبتعد‭ ‬عن‭ ‬السهر‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬حاجة‭.‬ 3-‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭: ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أجواء‭ ‬الاحترازات‭ ‬الصحية‭ ‬وضرورة‭ ‬الالتزام‭ ‬بقواعد‭ ‬التباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬أثناء‭ ‬التجمعات‭ ‬واللقاءات‭ ‬العائلية،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يُمكننا‭ ‬التمتع‭ ‬بالأجواء‭ ‬الرمضانية‭ ‬المفعمة‭ ‬بالإيمان‭ ‬والمشاعر‭ ‬الإيجابية‭ ‬التي‭ ‬تزيّنها‭ ‬جمعات‭ ‬الأهل‭ ‬والأصدقاء،‭ ‬وذلك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التواصل‭ ‬المرئي‭ ‬مع‭ ‬الأهل‭ ‬والأحبة،‭ ‬وحتى‭ ‬يمكننا‭ ‬قراءة‭ ‬القرآن‭ ‬عبر‭ ‬الشاشات‭ ‬الافتراضية‭ ‬والتلاوة‭ ‬الجماعية‭ ‬للقرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬واللقاء‭ ‬في‭ ‬المساجد‭ ‬وتحية‭ ‬الجيران‭ ‬والأحبة‭ ‬بعد‭ ‬الصلاة،‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬تساهم‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬مستويات‭ ‬طاقة‭ ‬مرتفعة‭ ‬وتكوين‭ ‬روابط‭ ‬وعلاقات‭ ‬جديدة‭ ‬بين‭ ‬البشر‭ ‬والناس،‭ ‬فرمضان‭ ‬ذو‭ ‬طاقة‭ ‬إيجابية‭ ‬رائعة‭.‬ 4-‭ ‬ممارسة‭ ‬الرياضة‭ ‬الخفيفة‭: ‬رمضان‭ ‬وأجواؤه‭ ‬الإيجابية‭ ‬لا‭ ‬تمنع‭ ‬أبدًا‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬الرياضة‭ ‬الخفيفة‭ ‬والبسيطة‭ ‬كرياضة‭ ‬المشي‭ ‬أو‭ ‬بعض‭ ‬التمارين‭ ‬المنزلية،‭ ‬إذ‭ ‬قد‭ ‬يعاني‭ ‬الجسم‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬تراجعًا‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الطاقة‭ ‬أثناء‭ ‬محاولته‭ ‬التأقلم‭ ‬مع‭ ‬الصيام،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يستدعي‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬ممارسة‭ ‬تمارين‭ ‬رياضية‭ ‬خفيفة‭ ‬خلال‭ ‬اليوم‭. ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬تفيد‭ ‬ممارسة‭ ‬تمارين‭ ‬التمدد‭ ‬أو‭ ‬تمارين‭ ‬التنفس‭ ‬البسيطة‭ ‬أو‭ ‬المشي‭ ‬لمسافة‭ ‬قصيرة‭ ‬لبضع‭ ‬دقائق‭ ‬في‭ ‬تجديد‭ ‬النشاط‭ ‬واستعادة‭ ‬الحيوية‭.‬ 5-‭ ‬التطلع‭ ‬لبناء‭ ‬إنسان‭ ‬جديد‭: ‬من‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬نفسه‭ ‬وترك‭ ‬كل‭ ‬العادات‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬يستشعر‭ ‬أنها‭ ‬سلبية‭ ‬يمكنه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬الإيجابي‭ ‬لدورة‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬فأنت‭ ‬إنسان‭ ‬حر،‭ ‬يمكنك‭ ‬التوجه‭ ‬للإيجابية‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬ترغب‭ ‬ويمكنك‭ ‬أن‭ ‬تركن‭ ‬وتبقى‭ ‬في‭ ‬السلبية،‭ ‬فلا‭ ‬يجبرك‭ ‬أحد‭ ‬على‭ ‬شيء،‭ ‬فالصيام‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬علاقة‭ ‬خفية‭ ‬بينك‭ ‬وبين‭ ‬خالقك‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬أحد‭ ‬ماذا‭ ‬تفعل‭ ‬في‭ ‬الخفاء،‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬تدعي‭ ‬أنك‭ ‬صائم‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬تدخل‭ ‬المطبخ‭ ‬ولا‭ ‬تجد‭ ‬أحدا‭ ‬فيه‭ ‬فيمكنك‭ ‬أن‭ ‬تشرب‭ ‬بضع‭ ‬جرعات‭ ‬من‭ ‬الماء‭.. ‬من‭ ‬رآك‭ ‬ومن‭ ‬شاهد؟‭ ‬لا‭ ‬أحد،‭ ‬وهنا‭ ‬نرتقي‭ ‬بالإنسان‭ ‬إلى‭ ‬مرتبة‭ ‬الإحسان‭ ‬‮«‬اعبد‭ ‬الله‭ ‬كأنك‭ ‬تراه‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬لم‭ ‬تبلغ‭ ‬مرتبة‭ ‬الحساسية‭ ‬والشفافية‭ ‬والشعور‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المرتبة‭ ‬فأعلم‭ ‬‮«‬فإن‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬تراه‭ ‬فإنه‭ ‬يراك‮»‬‭. ‬ فعندما‭ ‬يبلغ‭ ‬الإنسان‭ ‬مرتبة‭ ‬الإحسان،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬أعماله‭ ‬تتغير،‭ ‬فيصبح‭ ‬إنسانًا‭ ‬جديدًا،‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬المعطيات‭ ‬وكل‭ ‬العلاقات‭ ‬البشرية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬بهذه‭ ‬الشفافية،‭ ‬عندئذ‭ ‬تتغير‭ ‬حياته‭ ‬طوال‭ ‬السنة‭ ‬وبطريقة‭ ‬مستدامة‭.‬ ولقد‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الآيات‭ ‬القرآنية‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تغيير‭ ‬السلوك‭ ‬الإنساني‭ ‬يؤدي‭ ‬حتمًا‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬واقع‭ ‬الإنسان،‭ ‬فإن‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الرعد‭ ‬–‭ ‬الآية‭ ‬11‭ (‬إِنَّ‭ ‬اللَّهَ‭ ‬لا‭ ‬يُغَيِّرُ‭ ‬مَا‭ ‬بِقَوْمٍ‭ ‬حَتَّى‭ ‬يُغَيِّرُوا‭ ‬مَا‭ ‬بِأَنْفُسِهِمْ‭)‬،‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يأتي‭ ‬تغيير‭ ‬الواقع‭ ‬السيئ‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الفرد‭ ‬أولاً،‭ ‬فالفرد‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬بتغيير‭ ‬نفسه‭ ‬أولاً‭ ‬من‭ ‬الجهل‭ ‬والتخلف‭ ‬والخمول،‭ ‬ويستكمل‭ ‬ذلك‭ ‬بقوله‭ ‬في‭ ‬سورة‭ ‬الأنفال‭ ‬–‭ ‬53‭ (‬ذَلِكَ‭ ‬بِأَنَّ‭ ‬اللَّهَ‭ ‬لَمْ‭ ‬يَكُ‭ ‬مُغَيِّرًا‭ ‬نِعْمَةً‭ ‬أَنْعَمَهَا‭ ‬عَلَى‭ ‬قَوْمٍ‭ ‬حَتَّى‭ ‬يُغَيِّرُوا‭ ‬مَا‭ ‬بِأَنْفُسِهِمْ‭)‬،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬الله‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬لا‭ ‬يصرف‭ ‬نعمة‭ ‬أنعم‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬أمة‭ ‬من‭ ‬الأمم‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬يتخلون‭ ‬عن‭ ‬أسباب‭ ‬التقدم‭ ‬والتمكين‭.‬ لنعيد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬نفوسنا،‭ ‬فأين‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬تغيير‭ ‬سلوكياتنا‭ ‬وحياتنا‭ ‬في‭ ‬رمضان؟‭ ‬ Zkhunji@hotmail‭.‬com

مشاركة :