أنا أفكر إذًا أنا موجود 2

  • 5/16/2021
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

يقول ابن خلدون في مقدمته الشهيرة المغلوب مولع دائمًاخ بتقليد الغالب. لعل ابن خلدون دون منازع هو الأب الروحي ومؤسس علم الإجتماع بل هو أكبر عالم إجتماع عرفه التاريخ البشري وذلك حسب تصنيف العديد من المؤسسات العالمية في هذا التخصص. ليس هذا موضوعنا نحن تكلمنا في المقال السابق عن هجوم الإمام ابو حامد الغزالي وتكفيره للفيلسوف الكبير ابن سينا ولكن مالم نستكمله في المقال الماضي أن القاضي الفيلسوف العالم ابو الوليد ابن رشد رد على ابو حامد الغزالي في كتابه الشهير تهافت التهافت وكان رده بعد وفاة الغزالي بحوالي قرن أو أقل وحينما قسم كتابه (تهافت التهافت) قسمه كما قسم الغزالي كتابه الي قسمين رئيسين الإلهيات والطبيعيات يتناول فيها المسائل العشرين التي فصلها الغزالي ورد عليها ابن رشد بالتفصيل والتحليل والتجريد وبالمنطق. ولكن الإشكالية ليست في رد الغزالي على ابن سينا ولا في رد ابن رشد على الغزالي فهذا نقاش علمي لا غبار عليه بل هو نقاش فلسفي منطقي جدلي جيد جدًا ومحبوب ومندوب علمياً رغم إن عليه بعض التحفظات الشرعية التي لها مبرراتها الصحيحة عقلًا ونقلًا.. ولكن ربما نتحدث عنها لاحقاً نحن الآن بخصوص النقاشات العلمية البحتة ومخرجاتها بين العلماء والمفكرين المسلمين عبر التاريخ والتي نستطيع إسقاطها على العامة بالتبعية. أولًا: نقول لماذا التكفير والذهاب الي المعتقد وهذا او ذاك إنما أجتهد فأصاب أو أجتهد فأخطأ. ثانيًا: مخرجات تلك النقاشات والكتب والتفكير الجدلي الاستدلالي المنطقي التجريدي والتجريبي الذي كان بين علماء المسلمين مثل الفارابي وابن سينا ثم ابن رشد ومن بعدهم الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي أستفاد منه علماء الغرب في العصور الحديثة فمثلًا يقولون أن رينيه ديكارت هو ابو الرياضيات الحديثة وذلك من خلال نظام الإحداثيات الديكارتيه وهي ماهي إلا نقل بحت لما في كتب ابو محمد بن موسى الخوارزمي في خوارزمياته التي سميت فيما بعد logarithm ثم نقل حرفياً ما في كتب الفارابي وابن سينا وأبن رشد ليبهر العالم بنظرية الشك. ونحن أين من ذلك ؟! نحن كنا مختلفين هل أبن سينا كافر بالكلية ام انه كفر بالاعتقاد وهل الغزالي كافر ام لا مع أن الغزالي كان يرد على الإلحاد والشك بالفلسفة والمنطق. وهو الذي كان يسمى الشيخ الإمام البحر وحجة الإسلام في عصره وعالم كبير من علماء الأمة بل من علماء التاريخ على إمتداده ولو كان هنالك إنصاف أجده في مصاف سقراط وأرسطو وافلاطون بل والله العظيم أنه يسبقهم ويتقدم عليهم بمراحل وقد سبق ديفيد هيوم وديكارت وغيرهم بل يقول المستشرق الفرنسي دي بور De Beure إنه أكبر فيلسوف عرفه التاريخ وهذا كله مع آنه حجة في الإسلام وحافظ وعلامة في العقيدة والتشريع. ثم هل ابن رشد كافر أم مسلم وهو العالم القاضي الحافظ ونصبت له التماثيل في اسبانيا واللوحات في إيطاليا وصنفه الكثير من العلماء الغرب بأنه الفيلسوف الأكبر وكفى إنه سُمي بأسمه كويكب (بن رشد 8318) ثم محي الدين بن عربي هل هو زنديق أم مسلم صحيح الإسلام. استغفر الله العظيم وهل صح إسلامنا بالدرجة التي تخولنا للحكم على الآخرين. ثم نترك نتاجهم العلمي والمعرفي وكتبهم وآثارهم العلمية ونذهب الي نواياهم قبل الف سنة او خمسمائة سنة ونتطنع بما لا نعلم. والمصيبة ان هذا النتاج المعرفي الكبير بنى الغرب حضارتهم عليه ونحن نختصم هل كفر ام لم يكفر؟!. وختامًا: يخرج ولدك من المنزل وتتصل عليه وتسأله أين ذاهب؟! لآنك لا تعلم ، كيف تعلم بنية شخص قبل الف سنة؟!.

مشاركة :