مجرد رأي.. الاختبارات القياسية وإدارة سلوك الحجاج

  • 9/30/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لا شك في أن المملكة تبذل سنوياً جهوداً كبيرة في تنظيم وإدارة موسم الحج، ما أتاح الفرصة لاستقبال أكبر عدد ممكن من الحجاج من كافة دول العالم، بلا استثناء، وسواءً أتى حجاج بيت الله من دول صديقة أو غير صديقة، ملمين بمتطلبات الحج أو أدنى من ذلك، ومهما كانت نواياهم سواءً قاصدين إقامة ركن من أركان الإسلام أو التخريب أو الهجرة غير الشرعية. هذا الحدث السنوي الذي لا مثيل له من حيث تفويج الملايين في مساحة ضيقة في وقت واحد، وبشكل متتالٍ، فرض الكثير من التحديات التنظيمية والأمنية والتقنية. وخلال السنوات الأخيرة قامت المملكة بتطوير البنى التحتية؛ لتسهيل مناسك الحج والعمرة، والتقليل -على وجه الخصوص- من مخاطر نفير الحجاج إلى مزدلفة، وقبل ذلك التصعيد إلى عرفات، بعد تطوير موقع رمي الجمرات وتوسعة الطواف. يبقى التحدي الأكبر اليوم بجانب فاعلية التقنيات المستخدمة حالياً لنقل الحجاج، هو التعامل مع سلوكيات الحجاج وما يبدونه بقصد أو من غير قصد من أخطاء تربك الحجاج، وتصل كما حدث هذا العام إلى وفاة عدد ليس بقليل من الحجاج، عسى الله أن يتقبلهم في الشهداء وألا يحرمهم أجر المكان والزمان. هذا التحدي الذي يلازم موسم الحج من المستبعد أن يتم تجاوزه عن طريق التوسع في البنى التحتية أو تقنيات النقل -وإن قللت منها بعض الشيء- وهو ما يفرض التفكير في وسائل أخرى أكثر واقعية من جانب، ومن جانبٍ آخر تستفيد من تجارب العالم في إدارة السلوكيات وتقليل المخاطر. واحد من الاقتراحات التي أتمنى دراستها بعناية هو فرض اختبارات قياسية موحدة (standardized) على الحجاج القادمين للمرة الأولى للحج؛ لاختبار السلوك والاستجابة للمواقف عن طريق عرض محاكاة افتراضي للحج عبر موقع الوزارة الإلكتروني أو الملحقيات السعودية حول العالم، بحيث يلزم تجاوز الاختبار لمنح التأشيرة. مثل هذه الاختبارات بالمناسبة تحتاج إلى إنشاء قسم جامعي في إحدى الجامعات السعودية؛ لتقديم وتعزيز تقنيات الاختبار لاختبار قدرة الحاج على الاستجابة للأحداث والتعامل بإيجابية في موسم الحج، وذلك على غرار الاختبارات التي تفرضها دول العالم لاستقبال المهاجرين أو الطلاب؛ للتأكد من مهاراتهم اللغوية مثل (IELTS) أو (TOEFL) وغيرها من الاختبارات القياسية التي تعتمد على قياس المهارات. المزايا التي تفرضها عادةً الاختبارات القياسية والتي تقدم برسوم تغطي تكلفة تطويرها ليس فقط اختبار السلوك بل تقدم مجالاً تخصصياً لتطوير العمل العلمي في مجال حيوي وهام مثل الحج والعمرة من جانب، ومن جانبٍ آخر يفرض على الحجاج أنفسهم والجهات المسؤولة في دولهم الوصول إلى الحد الأدنى من المعرفة بما ينتظرهم في موسم الحج وكيفية التعامل مع الأزمات الطارئة. ولعل شمول تطوير مثل تلك الاختبارات بتواجد ممثلين للاختبارات بصورة سنوية في دول العالم من خلال السفارات أو الملحقيات سواءً بانتداب أو تدريب أحد الممثلين للمملكة ربما من الملحقية الثقافية التعليمية؛ للتواصل مع الجهات الرسمية لتسهيل هذه المهمة، مما يرفع من مستوى التطوير لآليات استقبال الحج بصورة استباقية. مثل هذه الأفكار قد تقدم حلولاً علمية تقلل من السلوكيات الخاطئة والتي يمكن أن تربك الحج أو كيفية التعامل مع الأزمات الطارئة والتواصل مع الجهات المسؤولة والعقوبات التي تفرضها المملكة على مخالفي الأنظمة وما شابه ذلك، لكنها لا تكفي لوقف التجاوزات المقصودة والمنظمة والتي تحدث من حين لآخر من بعض الدول تحت ذريعة الحج. هذه القضية قد تحتاج إلى إعادة النظر في التوسع في آليات جديدة مثل: استخدام أوسع لكاميرات المراقبة خاصة في مواقع سير الحجاج إلى عرفة ومزدلفة، وقطارات المشاعر وغيرها، ولعل تطبيق نظام الشرطة السرية قد يمثل أيضاً حلاً مسانداً لتوثيق أية تجاوزات تحدث في حينها، والتعامل مع المشكلة بما يقتضيه الموقف. أخيرًا.. لا يمكن نسيان ما قدمته حكومة المملكة خلال العقود الماضية من تطوير للمشاعر المقدسة والبنى التحتية، واهتمام بالغ بالحجيج، ولعل الأخذ بآليات جديدة في إدارة سلوكيات الحجاج يزيد من فاعلية تلك الجهود.

مشاركة :