المنظمات بين الحكومية أو ما يعرف بالمنظمات غير الحكومية أو غير الربحية أو ذات النفع العام هي تلك المنظمات والهيئات المستقلة عن الحكومة والأفراد ولها أهداف نفعية سامية للمجتمع والدولة، ويتم تمويلها ذاتياً من أعضائها أو ما يعرف بجمعيتها العمومية، ومن الأمثلة عليها: هيئة المحامين، الغرف التجارية، هيئة الأطباء، هيئة الصحافيين....الخ.وهذه المنظمات لها طابع نفعي عالٍ للمجتمع وللدولة، فلا تهدف للربح ولا لتحقيق مكاسب سياسية، إنما غايتها تحقيق نفعية عامة لا تستطيع الدولة أو الأفراد القيام بها، وذلك لخاصية الحياد الذي تتمتع به للأسباب التالية: 1. استقلاليتها عن الدولة والأفراد. 2. مواردها ذاتية من اشتراكات أعضائها. 3. مجالس إداراتها منتخبة من جمعيتها العمومية.ولك أن تتخيل مدى الموثوقية العالية التي تتحلى بها التقارير الصادرة من جهة تتمتع بكل تلك السمات العالية، ونرى أن أي مساس بتلك الأركان الثلاثة يعد تهديداً خطيراً لقوة وكفاءة ونفعية المنظمات غير الحكومية، فهذه السمات توفر للجهات غير الربحية أثرين رئيسين هما: أ. المصداقية العالية لبعدها عن الجانب السياسي. ب. مرونة وسهولة وسرعة التحرك والتفاعل مع المستجدات.بالمثال يتضح المقال: عندما تصدر إدارة السجون تقريراً يفند مزاعم دول أو منظمات معادية فإنه لن يجد أي قبول أو موثوقية، في حين أن صدوره عن هيئة المحامين الوطنية المستقلة وغير الخاضعة لسلطة وإشراف الحكومة سوف يجعله تقريراً عالي الموثوقية والمصداقية.وبحكم أن المنظمات غير الحكومية جهات محايدة ومستقلة وغير تابعة سياسياً لحكومات أو أفراد فهي مفيدة وإيجابية في حل المشاكل، فالدولة قد لا تكون الجهة المناسبة لتقييم نفسها أمام المجتمع الدولي، والسماح للمنظمات الأجنبية يمس السيادة الوطنية ويلحق بها الضرر، ويُنَفِّر الشعور العام عند المواطنين من التدخلات الأجنبية المرفوضة في الشأن الوطني.ومن أبرز الأمثلة الناجحة لأداء المنظمات غير الحكومية في المملكة هو أداء الغرف التجارية السعودية التي قادت مقاطعة تجارية بقرار منها دون أي تدخل حكومي عندما شعر قطاع الأعمال السعودي أن الحكومة التركية تمارس أدواراً تؤذي الأمن والمصالح السعودية، ولم يسفر ذلك عن أية مخالفات لاتفاقية منظمة التجارة العالمية إذ إن المقاطعة كانت شعبية وليست من الحكومة السعودية، وبالفعل آتت المقاطعة الشعبية -التي قادها قطاع الأعمال السعودي- ثمارها عندما توددت الحكومة التركية مؤخراً للمملكة طالبة عودة العلاقات التجارية إلى سابق عهدها.وفضلاً عما سبق؛ تعد المنظمات غير الحكومية أو غير الربحية أو ذات النفع العام كيانات قانونية عالية المستوى وهي جزء رئيسي من منظومة الحوكمة العامة للدولة، ويقتضي التعامل معها احترافية تشريعية وتنفيذية عالية الدقة لتحقيق الاستفادة منها بصورة فعلية، كما يجب تعزيز أركانها الثلاثة: أولاً: انسيابية تدفق مواردها المالية من أعضائها، فليس لها مصدر دخل رئيسي إلا اشتراكات أعضائها، ويجب ألا يمس أو يعطل لأنها تعد الوسيلة الداعمة لاستمرار نفعية المنظمات غير الحكومية بصورة إيجابية ومستقلة؛ وخلاف ذلك سيؤثر على استقلالها المالي وقد تعلن إفلاسها أو تلجأ إلى طلب الدعم الحكومي الذي إن توفر سيخل بحياد واستقلال الهيئات غير الربحية. ثانياً: انتخاب مجالس إداراتها من قبل جمعياتها العمومية. ثالثاً: استقلالها عن الجهات الحكومية والأفراد، والوثوق بها وبكوادرها وعدم الالتفات إلى فكر الوصاية المتخوف من استقلالها التام، فهي منظمات وطنية تخضع للقانون الوطني، ومخالفو القانون سيحاسبون وفق الأطر العامة للنزاهة والشفافية وحفظ الأمن والاستقرار الوطني سواء كانوا كيانات حكومية أو غير حكومية أو أفراداً.إنها فعلاً منظمات عالية الدقة والاحترافية وتحتاج إلى خبراء في الحوكمة والتشريعات الخاصة بالمنظمات بين الحكومية.@falkhereiji
مشاركة :