لم يبق التلاميذ اللبنانيون أنفسهم بمنأى عن تداعيات الأزمة، ففقدت باميلا (11 عاماً) جزءاً كبيراً من عامها الدراسي نتيجة صعوبة التعلم عن بعد. وفي شقة في منطقة برج حمود المكتظة، إحدى ضواحي شرق بيروت، تشير إلى طاولة يكسوها الغبار وتقول لفرانس برس بغصّة "كنت أدرس على هذا المكتب". أما اليوم، فلم تعد عليه إلا لوحة مفاتيح حاسوب أطاح به انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس. وفاقم الانفجار، الذي أسفر عن مقتل أكثر من مئتي شخص، من معاناة العائلة التي كانت تجهد أساساً لتأمين لقمة عيشها، ويعجز والدا باميلا اليوم عن شراء حاسوب جديد لها. وتقول الطفلة، التي تبدو مدركة جداً لما يحصل حولها، إن الحاسوب الجديد "يكلف اليوم ملايين الليرات" في بلد فقدت فيه العملة المحلية حوالى تسعين في المئة من قيمتها في مقابل الدولار. وبدلاً من الحاسوب، بدأت باميلا متابعة صفوفها عبر الهاتف الخلوي. لكن الأمر لم يكن سهلاً على قدر توقعاتها، إذ أن انقطاع التيار الكهربائي حتى "18 ساعة في اليوم" عقّد أكثر قدرتها على متابعة تعليمها. وتقول "كرهت الدراسة عبر الإنترنت، لم أعد قادرة على المتابعة". يستمع إيلي إلى ابنته، لكن الأمر الوحيد الذي يخطر بباله هو مغادرة البلاد، لا بل يقرّ أنه أراد أن تترك باميلا الدراسة منذ أشهر حتى. ويقول، سائق الأجرة السابق، "لا يهمني التعلم ولا هذا البلد أساساً كله.. ما عشناه فيه يكفينا". بعكس والدها، لم تتخلَّ باميلا يوماً عن شغفها بالتعلم، وتحلم بيوم تعود فيه إلى مقاعد المدرسة، وتقول "أريد أن أتعلم لأتمكن لاحقاً من أن أجد عملاً جيداً وأساعد والدي".
مشاركة :