العجز القانوني أمام الجرائم الإلكترونية يهدد الأمن والسيادة في تونس

  • 5/18/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تونس – حذرت هياكل تونسية تعنى بالنشاط في مجال الأمن السيبراني مؤسسات حكومية من تواتر الاختراقات الإلكترونية على مواقعها الرسمية، ما يهدد كينونتها وتواجدها بالبلاد، وسط دعوات خبراء إلى التحلي باليقظة من أجل حماية المعطيات الخاصة. ودعت الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية مستعملي الشبكات المعلوماتية ومواقع التواصل الإجتماعي وخاصة فيسبوك إلى المزيد من اليقظة والحذر، نتيجة وجود حملة تصيد (Phishing) بصدد الانتشار عبر تزوير صفحات العديد من العلامات التجارية. وأوضحت الوكالة أنّ هذا النوع من الصفحات، التي يزورها القراصنة، يطلب من المستخدمين ملء نموذج ويوحي إليهم بأنه يمكنهم ربح جوائز، لكن في الواقع تتم عملية التسجيل من خلال موقع ويب مزور ويحتوي على ميثاق رسومي لفيسبوك يهدف إلى اختراق معلومات الدخول الخاصة بالضحايا. وشدّدت الوكالة على ضرورة اتباع التوصيات، وذلك بتثبيت امتدادات “واب أوف تراست” (WOT)” و”نيتكرافت” (Netcraft) و”أدبلوكبلاس” (adblockplus) في متصفح الويب لدى المستخدم للتحقق من موثوقية مواقع الويب التي تمت زيارتها وحظر الإعلانات المشكوك فيها، والتأكد من صحة الصفحة ومن العلامة المعنية عن طريق فحص “شارة التحقق الزرقاء” بجوار العنوان، فضلا عن التحقق من مصدر المعلومات على موقع العلامة التجارية على سبيل المثال. ويعرّف الخبراء الجريمة الإلكترونية بالجريمة التقنية التي تنشأ في الخفاء وتوجه للنيل من الحق في المعلومات المنقولة عبر نظم وشبكات المعلومات وفي مقدمتها الإنترنت، وتظهر مدى خطورتها في الاعتداءات التي تمس حياة الأفراد الخاصة وتهدد الأمن والسيادة الوطنيين. واحتلت تونس المرتبة 64 عالميا في مؤشر الأمن السيبراني (مؤشر يقيس مدى جاهزية الدول لمنع التهديدات الإلكترونية واستعدادها لإدارة الحوادث السيبرانية)، وفقا لتقرير أعدته أكاديمية الحكومة الإلكترونية في إستونيا. كما تحتل تونس المركز الرابع عربيا وفقا للتقرير ذاته الذي صدر في يونيو 2018. ولم يخف مراقبون تونسيون وجود ثغرات في الأنظمة المعلوماتية بالبلاد، مطالبين المؤسسات بالمزيد من اليقظة والحذر من إمكانيات اختراق مواقعها. ودعا كريم مقنم رئيس مصلحة اليقظة في الوكالة إلى “مزيد دعم المنظومة والقيام بالإجراءات لحماية المعطيات” مطالبا “المؤسسات بحماية معلوماتها عن طريق النصائح المقدمة وتوفير بعض المعطيات”. وأضاف، في تصريح لـ”العرب”، “رصدنا خلال الفترة الأخيرة وخصوصا في أوقات الحجر الصحي عمليات تصيّد وقرصنة متكررة للحصول على معلومات مهمة للتحيل ثم استغلالها، وقد شملت بعض المؤسسات والعلامات التجارية وشركات اتصالات”. وأردف مقنم “الثغرات موجودة لأن التكنولوجيا تتطور وتتبعها الأنظمة المعلوماتية وهذا يتطلب إمكانيات كبيرة لمواكبته، والقوانين التونسية لا تتماشى مع حماية المعطيات الشخصية ونحن لسنا بمعزل عن العالم، والهجمات السيبرانية موجودة يوميا مثل القراصنة الذين يطلبون فدية مقابل اختراق المعطيات الشخصية”. وتابع “منذ سنة 2004 لم يتم تحيين القوانين التونسية وهي لا تتماشى مع التطور التكنولوجي القائم في العالم، لكننا نحاول أن نتفاعل مع الموجود ونسعى لتوفير الآليات والحلول الممكنة من خلال تشجيع المؤسسات الكبرى على بعث مراكز استجابة للطوارئ المعلوماتية للنسج على منوال قطاع الصحة والشؤون الاجتماعية والقطاع البنكي لحماية المعطيات والفطنة والتدخل السريع”. ويعد الأمن السيبراني من الرهانات الهامة في مستقبل الحكومات والشعوب، وسط سباق عالمي على أشّده من أجل الحصول على المعلومات وتوظيفها حسب المصالح والأهداف الشخصية. ويؤكد مراقبون أنه في ظل ضعف القوانين التونسية تتضرر الشركات بشكل متواتر من عمليات القرصنة المتكررة. ووصف الخبير في الأمن المعلوماتي بسام لموشي وضعية تونس في حماية الأمن المعلوماتي بـ “الكارثية”، قائلا “الوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية تلقت أخبارا مفادها أن صفحات تتقمص أسماء أشخاص وصفات شركات ومؤسسات طلبت معلومات تتعلق بالمعطيات الشخصية لاستغلالها ضدّهم”. وأضاف، في تصريح لـ”العرب”، “وقعت مؤخرا قرصنة ستة مواقع تابعة لبلديات تونسية وهي سليانة ورفراف والجديدة وماطر وصوّاف والمسعدين، بالإضافة إلى أكثر من 120 موقعا تونسيا، ما يفرض المزيد من اليقظة من قبل المؤسسات لحماية معلوماتها”. وبخصوص وضعية الأمن المعلوماتي في تونس أفاد لموشي بأنه “سهل الاختراق، والأمن المعلوماتي مكلف عند خسارة معلومات تتعلق بالمشتركين”. وطالب بـ”ضرورة توعية المؤسسات ومستخدمي الإنترنت لتجنب القرصنة، لأن كل الدول الآن تسعى لافتكاك المعلومات، ما يفرض تثقيف المستخدمين وتحذيرهم عبر التدقيق في أمن المعلومات كخطوة للحماية من أجل التفطّن للثغرات”. وتابع “كل الحروب الجديدة هي حروب معلوماتية بالأساس، وحاليا وقعت قرصنة أكثر من 300 موقع إسرائيلي في الحرب الإسرائيلية الفلسطينية، ولا يوجد نظام واحد في العالم محمي بنسبة مئة في المئة ودائما توجد ثغرات”. واستطرد الخبير في الأمن المعلوماتي “علينا أن نكافئ كل شخص يتفطن لوجود ثغرة ثم يعلن عنها عوض أن يأتي غيره ويستغلها لفائدته”. وسبق أن تعرض موقع التلفزيون الرسمي التونسي إلى عملية اختراق، حيث تم تعطيل الصفحة الرسمية للتلفزيون، وموقع القناتين الأولى والثانية. وبحسب إذاعة محلية تمت عملية الاختراق من قبل “الذئب المغربي”. وفي فبراير الماضي أعلنت وزارة الداخلية أنها ألقت القبض على شخص بتهمة قرصنة أكثر من سبعين حسابا في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وابتزاز أصحابها وتلقي أموال.

مشاركة :