أم نضال.. تضحي بأولادها من أجل فلسطين

  • 9/30/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

عمان - أسعد العزوني: قالت الفلسطينية مالكة سلامة أبوعكر "أم نضال" ، وهي أم لشهيد وأسيرين وجريح أنها لا تمانع إن كان أولادها الأربعة ثمنا لفلسطين، مؤكدة أن معاناة الأمهات الفلسطينيات ممن استشهد أو اعتقل أبناؤهن أو أصيبوا بجراح، لم يعد لها حدود حيث الحزن والمعاناة والبكاء والأمراض، لكنها في ذات السياق شددت أن صبر الأم الفلسطينية انتصر على ظلم الاحتلال. وأضافت لـ الراية في حوار أجرته معها على هامش جلسات مؤتمر "حماية الأسرى والمعتقلين، مسؤولية والتزام دولي" الذي عقد في عمان، أن الاحتلال بدأ باعتقال أولادها وهم في سن الـ 13، وأن ضباط المخابرات الإسرائيلية أقسموا لها أنهم لن يسمحوا بأن يكون أولادها معها في أي عيد. وإلى نص الحوار: > حدثينا عن معاناتك مع سجون الاحتلال؟ - لدي أربعة أولاد وبنتان، وكنت وزوجي أبو نضال متفقين على تعليمهم ليتخرجوا أطباء ومهندسين، لكن جيش الاحتلال حرمنا من تحقيق هذه الأمنية، لأنه بدأ باعتقالهم وهم في سن الـ 13، قبل الانتفاضة الأولى بسنة، بحجة أنهم يرشقون المستعمرين والجنود بالحجارة، ويحتجزونهم مددا متفاوتة ثم يطلقون سراحهم، وبعد ذلك يأتون لاعتقالهم وهكذا دواليك. كان الاعتقال الأول لرأفت وهو في الصف التاسع عام 1987، وبعد ستة أشهر اعتقلوا أخاه نضال وكانا توأمين، وسجنوهما في سجن الفارعة القريب من نابلس، وقد أشبعوهما تعذيبا وضربا وحرمانا من النوم وإزعاجا، ووضعوا رأسيهما في الأكياس كما يفعلون مع بقية المعتقلين. كانت الاعتقالات تتكرر في أول يوم في امتحان التوجيهي والأعياد، وأقسم لي ضباط المخابرات الإسرائيلية ذات زيارة لأبنائي في معتقلاتهم أنهم لن يسمحوا لي بالفرحة بالعيد مع أولادي، لذلك قدم أولادي امتحانات التوجيهي في السجون . كنت في الأسبوع الأول من كل شهر أشد الرحال إلى سجن الفارعة، وفي الأسبوع الثاني سجن مجيدو، والثالث معتقل النقب الصحراوي وكان الرابع جريحا، وقد زاد من معاناتي أنهم حجزوا هوية زوجي أبو نضال ومنعوه من الحركة الأمر الذي زاد التعب علي وأنا لم أعد قادرة على تحمل التعب، لكنني أقول أنه إذا كان أولادي ثمنا لفلسطين، فليكن، كما أنني أؤكد أن صبر الأم الفلسطينية انتصر على ظلم الاحتلال. > لماذا تسلط الاحتلال على أولادك وبهذه الصورة؟ - كنت ناشطة وأعمل على تهريب المطاردين من قبل الاحتلال، كما أن بيتنا كان ملتقى للتنظيمات الفلسطينية، ونصلح بينهم وقت الخلافات، ولم نكن نفرق بين هذا أو ذاك. عندما حاول جيش الاحتلال اعتقال ابني محمدا في السادس من شهر أغسطس عام 1988، هرب وطاردوه في الانتفاضة الأولى وكان ناشطا، وقد استشهد بعد فترات اعتقال ثلاث في سجن طولكرم وعوفر والنقب وكان معه في سجن النقب أخواه رأفت ونضال وقد تعرضوا للتعذيب كثيرا. وفي المرة الرابعة جاءت القوات الخاصة في الجيش الإسرائيلي وحاصرت البيت وسألوا عنه وقلت لهم أنني لا أعرف مكانه، ولكنه هرب من البيت، ولم يشعروا به، وانهالواعلي ضربا بالهراوات، وكنت أجري أمامهم في البيت وهم يضربونني وأقول بأعلى صوتي بالقرب من الشبابيك أن الجيش الإسرائيلي موجود في البيت. لم يكتفوا بالضرب، بل كانوا يجبرونني على الخروج منتصف الليل أثناء تساقط الأمطار لأمسح الكتابات المؤيدة للثورة والانتفاضة عن الجدران، ويواصلون ضربي بالهراوات وأصرخ من شدة الألم، وكنت عندما يأتون لاعتقال شاب من الحي أقفز إلى الجيب وأقول لهم إنه ولدي، فينهالون علي بالضرب وينزلونني من الجيب. > هلا حدثتينا عن مشوار السجن ؟ - كنت أصحو مع أذان الفجر وأصلي ومن ثم أشد الرحال إما مع الصليب الأحمر أو في سيارة نكون قد استأجرناها بـ 500 شيقل إسرائيلي أي ما يعادل نحو 200 دولار، ونصل النقب في الحادية عشرة صباحا، وعندها تبدأ رحلة العذاب حيث النزول من السيارة والتفتيش الدقيق والإهانات والتأخير، وعدم الموافقة على إدخال الملابس أو الحرامات. كنا في حال سمحوا لنا بتكملة المشوار ندخل السجن عند مغيب الشمس ولمدة نصف ساعة فقط، يسمحون لنا بالتحدث تحت المراقبة مع أبنائنا بالهاتف ونراهم من وراء زجاج، وكنا نواجه صعوبات في الحديث بالهاتف، وأستطيع القول إن مشوار السجن عذاب بحد ذاته. ومن أصعب الزيارات كانت زيارة سجني النقب وعوفر،لأننا كنا نعود إلى بيوتنا مرضى ومنهكين، وقد كانت أحوالنا تسوء أكثر عندما كنا نسمع أبناءنا وهم يتحدثون عن معاناتهم. > كيف تنظرين كأم إلى معركة الأمعاء الخاوية التي يخوضها المعتقلون الفلسطينيون في سجون الاحتلال ؟ - لي الشرف أن ابني نضال البالغ من العمر 46 عاما واعتقل وعمره 13 عاما من الذين يشاركون في هذه المعركة، وقد اعتقل في المرة الأخيرة في شهر مايو الماضي، واستمرت عملية اعتقاله من الساعة الثانية عشرة ليلا حتى الخامسة فجر اليوم التالي، وشهد بيتنا معركة كبيرة حيث التفتيش والضرب والتكسير والتخريب. عادة ما تأتي القوات الخاصة في الثالثة فجرا لاعتقال الناشطين في مخيم الدهيشة، لكنهم عندما جاؤوا لاعتقال نضال غيروا مواعيدهم لأنه كان خارج المنزل، وقد عاد إلى البيت يومها في السادسة فجرا، وبدأو بمحاصرة البيت في السادسة وخمس دقائق، وكنت قد صليت الفجر وذهبت لأنام، لكني سمعت زوجته تقول له مع السلامة، فنهضت من فراشي ونظرت إلى بيته المجاور لنا فرأيت قوة مكونة من خمسين جنديا يجرونه ويضربونه،علما أنه كان يوم سبت، ولم يكن من عادتهم اعتقال أحد في يوم السبت. عندما رأيتهم يضربونه ويجرونه على الأرض وهم يعرفون أن قدمه تؤلمه، وقد أجبروه على الصعود في طلعة قوية زحفا إمعانا في تعذيبه وقهره، صرخت بأعلى صوتي: الله يكسر إيديكو، فأطلقوا النار علي، والغريب في الأمر أنهم لم يسمحوا لي ولا لأبيه بزيارته، لكنهم سمحوا لزوجته بزيارته لمرة واحدة. بعد أسبوعين اعتقلوا أخاه رأفت كالعادة بنفس الطريقة التي اعتقلوا بها نضال، وقد فتحوا باب البيت بعتلة خاصة دون أن يشعر أحد ودخلوا غرفة النوم دون ضجة لإفزاع أهل البيت، وأخذوه إلى سجن عوفر عند أخيه نضال. هناك 450 معتقلا إداريا بدون محاكمة وهؤلاء من النشطاء الذين يتحركون في المجتمع وقد قرروا الإضراب عن الطعام ومن بينهم ولدي نضال الذي أوصاني قبل الإضراب عن الطعام أن أنتبه لصحتي وألمح لنا أنه سوف يضرب عن الطعام في سجن النقب حيث نقلوه مؤخرا، وكان مقررا أن يفرجوا عنه في التاسع من هذا الشهر. > كيف تنظرين إلى خيمة الصمود في الدهيشة دعما للأسرى والمعتقلين؟ - بعد الإضراب عن الطعام انقطع الاتصال بيننا في 10 من شهر أغسطس الماضي، وأخبرنا الصليب الأحمر أن الاحتلال نقل نضال إلى سجن عسقلان وأن ظروف اعتقاله صعبة، وعلى الفور أقمنا 3 خيام بالقرب من صرح الشهيد في مخيم الدهيشة، وهناك خيمة خاصة للنساء، ونستمر في استقبال المؤازرين من كافة أنحاء فلسطين من السادسة فجرا حتى الحادية عشرة ليلا، ونبث فيها أغاني ثورية ونغني للثورة والأسرى، ونرحب بالضيوف الذين يشدون من أزرنا.

مشاركة :