كي لا تنحرف البوصلة

  • 5/17/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بين أزمة ورحاها تتشعّب وجهات النظر وتتشابك وتأخذ بُعداً هجومياً وتخوينياً وفي غالب الأحيان كثيراً من الجهل والشعبوية خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن أما آن الأوان لنستعمل لغةً خطابية موحّدة للعالم نخاطبه هو والمجتمع الدولي والدول العظمى، لا أن نخاطب أنفسنا وفيما بيننا بالكلام العقيم الذي لا يفضي لشيء وتكرار الشريط الاتهامي القديم نفسه الذي يسمعه شخصٌ ما ولا يعي ما وراءه. إسرائيل لطالما عمَدت بشكل ممنهج ولسنوات خاصة في أي حرب من الحروب الثلاث الأخيرة مع قطاع غزة في توظيف آلتها الإعلامية واللوبي الإسرائيلي في الخارج لاستمالة ومخاطبة العالم بالذي يراه تهديداً. هي تلعب على وتر كلمات "الإرهاب" و الأمن في إسرائيل "المهدّد"، وحق الدفاع عن النفس ضد فصيل يهدد مواطنيها، هذه اللغة نجحت في كسب الرأي العام الدولي في الوقت الذي يجب أن نركّز فيه على قضية الحق والتطهير العرقي والإثني الذي يحصل في الشيخ جراح وتعامل المستوطنين مع المقدسيّين الذي يتنافى تماماً مع المواثيق الدولية والإنسانية، وعلى برجٍ يُقصف في غزة من طابقه السادس عشر ليهبط تحت الأرض ويأخذ معه أرواحاً وشبه أموات يلفظون الأنفاس الأخيرة تحت الركام، والعائلات التي شردت قسراً والأطفال الذين لم يعد لهم لا أهل ولا منزل يحميهم. تحاول إسرائيل الترويج لـ"ديمقراطيتها" وحفاظها على حقوق الإنسان في المحافل الدولية وحقها في الدفاع عن "سيادتها" بالوقت الذي تقصف برجاً سكنيا متعذرة بوجود "حماس" بأحد طوابقه. وبالاستراتيجيات العسكرية لا تُقصف الأبنية السكنية إن كان فيها مدنيون بل المداهمة في سبيل ذلك. لكن إسرائيل ترفض التضحية بجندي منها في سبيل ذلك (بينما الجندي نفسه هذه وظيفته) وتفضّل أن تقتل مدنيين بدلا من ذلك. بالتالي: يبدو أن إسرائيل لا تقل عنصرية عن النازية حيث إنها تضحي بالمدني الفلسطيني بدل التضحية بجندي منها. ما يقتضي قوله أن التركيز في مخاطبة الغرب والعالم باللغة التي يفهمها هو تركيز على نُصرة الحق والإنسانية لا نصرة لفصيل، فلا نعزّز طرح إسرائيل حول التركيز على حرب بين حماس وإسرائيل بل الحرب الإثنية والتطهير العرقي وسلب ممتلكات الناس وقضية شعب طال أمدُها، ونفي الادعاءات التي يُرّوج لها من قبل إسرائيل حول خطاب معاداة السامية لليهود لاستعطاف الغرب. فالشعب الفلسطيني لم ولن تكون معه مشكلة مع الديانة اليهودية بل مع الصهيونية. وبالنهاية عندما نتحدّث عن حق شعب في أرضه في قضية بلغت عمر الثلاثة وسبعين عاماً بطبيعة الحال أكبر من أي حزب أو فصيل سياسي وعسكري من عمر تأسيسه وتشكيله في البلد، فالمسألة بجوهرها هي لدعم الحق والإنسانية وأحقيّة المُلكيّة بحُكم التاريخ والجغرافيا، فلسطين ليست حماس كما ولبنان ليس حزب الله واليمن ليس الحوثي، لكلٍّ منهم قضايا محقّة وإن اختلفت التفاصيل، فالقضية أكبر من أي حزبٍ وفصيل.

مشاركة :