الحمد لله رب العالمين

  • 11/25/2013
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

قرأت أن المرشال الفرنسي (دي تشيسول) وقع أسيرا في الجزائر إبان حرب التحرير، وكان قد حكم عليه أن يوضع على فوهة مدفع ليتطاير جثمانه بالهواء، ولكن أحد الجزائريين كان أسيرا فى فرنسا، وسبق لذلك المرشال أن أحسن معاملته فى الأسر وأطلق سراحه، فتعرف عليه الجزائري وحاول إنقاذه، واستصدار عفو عنه، فلم تقبل وساطته، فرافقه إلى المكان المعد لتنفيذ الحكم، ولدى الوصول إلى هذا المكان، تقدم الجزائري من المحسن إليه وقبله بحرارة ووقف بجانبه وقال لهم: نفذوا الحكم فى المرشال وفي، لقد عجزت عن إنقاذه فدعوني أموت معه، فتأثر الحاضرون، وانتهى الأمر بالعفو عن المرشال الفرنسي اعترافاً بالجميل. لاشك أن الدنيا مازالت بخير، وهنالك الكثير من الناس ممن يقدرون عمل الخير ويعترفون بالجميل.. ولكن حيث إن للعملة دائما وجهين.. فالوجه الآخر يقول إن هناك بالمقابل أناسا جاحدين وناكرين للمعروف، متى ما تحكموا وتمكنوا. ولست أدري عن مدى صحة رواية (سنمار) والقصر الذى بناه، ثم كان جزاؤه المعروف، الذى أصبح مثلا تتداوله الألسن. كما أنني أعتقد أن البيت الشهير القائل: أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني أعتقد أن هذا البيت بكل ما فيه من صدق وجزالة وتلقائية، لم يأت من فراغ. ولهذا فنحن نتفق على أن الاعتراف بالجميل موجود ومؤكد.. غير أن القلوب الكثيرة التى احترقت بالنكران والإساءة والظلم هي موجودة ومؤكدة كذلك. وأنا على يقين أن هناك من يقرأ هذا الكلام الآن تستحضر ذاكرته مواقف قد تحسب له أو عليه، أو مواقف كان شاهدا عليها كان فيها الضحايا وكان فيها الجلادون. ورغم أن هناك مثلا (رقيقاً) يقول: اعمل الخير وارمه فى البحر.. هذا المثل رغم إيثاره ومثاليته المفرطة، أشك في صموده وسط تيارات الحياة وزوابعها.. فلو أن الخير عندما يعمل ينتهي بنهاية فعله، وكثير من الناس لا يطلبون أجرا ولا ثناء ولا ذكرا لما فعلوه.. غير أن (أولاد الحرام ما تركوا لأولاد الحلال حاجة)، فهم لا يتركونك فى حالك بل يتعقبونك بالحجارة وكأنك حمار أجرب أو كلب مسعور، ولا يهدأ لهم بال إلا إذا (مسحوا بك البلاط). ليس هناك أكثر شقاء ممن يرى من قدم له (المعروف) يقلب عليه (ظهر المجن).. كما أنه ليس هناك (مرض ودناءة) أكثر ممن يعض اليد التى أطعمته. ومن الممكن جدا أن أقبل الظلم ممن لم يكن بيني وبينه (معرفة ومعروف)..غير (أنني أستجير بالله) ممن يضع حد السكين على عنق، من طوق عنقه يوماً بالإحسان. أن ألمي لا يضاهيه ألم عندما أتذكر بعض المواقف .. والحمد لله رب العالمين على ما أعطى وعلى ما أخذ.

مشاركة :