مدام حصة تـتصل بـ (سـيد)، السواق الهندي، تطلبه في مشوار إلى المطار.. سـيد مشغول الآن مع بنات مدام منيرة، وبعدها سيأخذ سارة وصديقاتـها إلى المدرسة، ثم يعرج على سميرة التي تحتاج للذهاب إلى المستشفى لموعد حصلت عليه بشق الأنفس. وبعدها سيعود أدراجه إلى السوق لأن أم عبدالله حجزت موعدا معه للعودة إلى البيت، وفي الطريـق سيلتـقـط شيئا من أنفاسه مع صحن فول وحزمة ثـوم معتبرة.!!. وحين يمسح الباشا سـيد صحن الفول وحزمة الثـوم سيكون الجميـع بانتظار قدومه الميمون وطلعته البهية ورائحـته المؤذية، في رحلات العودة المضنـية: مدام حصة ومنيرة وسميرة وأم عبدالله وما استجد من مواعـيد نساء أخريـات مع الجالس على المقـود (الذهبي) يأمـر وينهى ويتـشرط ويـرفع أسعار (المشاويـر) كيفـما يشاء، وإذا (إنت ما يبغى فيه ألف واحد غيرك).!!. مين قده الباشا سيد والحارات والشوارع والطرق طوع أمـر سعادتـه يجوبـها مع النساء (المضطرات) متى شاء وكيفـما شاء وبأي سعر شاء. إن حظه أسعد من حظ بلدياتـه (أنور)، الذي لم تكتـب له الهجرة إلى بلد لا تسوق فيه النساء السيارة. هو أسعد ما يكون بهذا البلد وأسعد أسعد ما يكون حين ينتـهي اليوم بعشريـن مشوارا وألفي ريال وأكـثر في جيـبه العامـر. هل بعد ذلك حظ مثـل حظه أو ثـروة مثـل ثروته؟!!. ومع ذلك سيد سيء الخلق والتصرف، إذ متى تأخرت أم عبدالله خمس أو عشر دقائق عن موعدها معه تركها هي وبناتـها على رصيف السوق ورحل إلى مشوار آخر. وذات يوم كانت مدام حصة واعدته الساعة العاشرة ليـلا لينقلـها من المطار إلى البيت ولم يحضر ولم يتـصل بها ليعتـذر، فاضطـرت، وهي على أعصابها، أن تركب سيارة ليموزيـن وتـتلو سورة يس كاملة منعا لموبقات التحرش والإصابات المحتـملة. ولم تخبر مدام حصة أحدا إن كان سائق الليموزيـن تحرش أم لم يتحرش بها، فهي وصلت إلى بيتها بسلام وكان الله بالسر عليما .!!. ومـرة اتصلت مدام أمل بالباشا سيد لأن ابنها الصغـير الوحيد، المريض بالتوحد، تشنج وهي تريـد نقله فورا إلى طوارئ المستشفى.. لم يعطـها اهتماما ورد بـبرود: (أنا ما فيه شغل إنتي ولد.. أنا مشغول الحين.. شوف إنتي أخو أو أبو أو جيران أو ليموزين.. يالله يالله أنا مشغول) وأقفـل السماعة. بكت الأم المضطـرة دما وقهـرا ولم تجد بدا من القفـز إلى أيـة سيارة ليموزيـن عابرة لتنقذ ولدها.. الدكتور قال بمجرد أن يتشنج أسرعي به إلى المستشفى وإلا ستـفـقدينه، وبالتالي رخص عمـرها أمام عمـره وليكن ما يكون. أخـيرا، وليس آخرا، كم باشا سيد لدينا وكم يكسبون على ظهـورنا وكم يتـعسفون مع نسائـنا ؟.. وهل يمكن إنقاذ ما تبقى لهـن من كرامة بتنظيـم تنقلـهـن من خلال نقل عام فعال ومحـتـرم، أو شركات لا يتـعسف فيها أكـثر من (سيد) ولا تفـوح فيها رائحة (كومار ) ولا تخضع لاستغلال (سنجار ).. هذا أقل ما نفعله لهـن طالما اخترنا أن تجلس المـرأة كملكة في المقعد الخلفي.!!.
مشاركة :