نظم «تريندز للبحوث والاستشارات» بالشراكة مع المجلس الروسي للشؤون الدولية، حلقة نقاشية عن بُعد، تحت عنوان «أمن الخليج من المنظور الإماراتي- الروسي»، شارك فيها خبراء متخصصون في الشأن الأمني الخليجي، لمناقشة التفاعلات الأمنية والاستراتيجية في المنطقة، واستشراف فرص التعاون الاستراتيجي والسلام والاستقرار الإقليمي الأوسع وذلك من منظوري الدولتين: دولة الإمارات وجمهورية روسيا الاتحادية. وتندرج الحلقة النقاشية ضمن سلسلة حوارات استراتيجية التي ينظمها «تريندز للبحوث والاستشارات»، بالتعاون مع العديد من المراكز البحوث والدراسات الدولية لتحليل التطورات الإقليمية والدولية، واستشراف تداعياتها المستقبلية على دول المنطقة. وأدار فعاليات الحلقة النقاشية د. نذير الدلالعة باحث رئيسي، في برنامج السياسة الخارجية والعلاقات الدولية بـ«تريندز للبحوث والاستشارات»، مؤكداً أنّ النقاشات والتحليلات المتعلقة بأمن الخليج تحظى باهتمام عالمي كبير، نظراً إلى ما تحظى به منطقة الخليج من أهمية جيوسياسية سواء لموقعها الجغرافي المهم أو بالنظر إلى ما تمتلكه من موارد طبيعية، أو دورها الحيوي في ضمان أمن الطاقة العالمي، وتمثل أهمية للقوى الكبرى، لاسيّما الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين. وأشار د. نذير إلى أن التطورات التي تشهدها المنطقة، خاصة التطلعات المتعلقة بإنهاء الحرب في سوريا، ستحمل روسيا على أن تصبح شريكاً في صنع سلام استراتيجي دائم في الشرق الأوسط والعالم العربي، فيما تقف معاهدة السلام بين دولة الإمارات وإسرائيل شاهداً على الحاجة الى إحلال السلام باعتباره الحل الوحيد للعديد من المشكلات الإقليمية الأساسية. الإمارات وأمن الخليج بدوره، تناول د. كريستيان ألكساندر باحث رئيسي، مدير برامج الأمن الدولي والإرهاب في «تريندز للبحوث والاستشارات»، في ورقته موقف دولة الإمارات من القضايا المتعلقة بالترتيبات الاستراتيجية والأمن في منطقة الخليج، مشيراً إلى أنّ الاستقرار الإقليمي يمثل هدفاً استراتيجياً للسياسة الخارجية لدولة الإمارات. وأوضح أنّ دولة الإمارات لا تنظر إلى أمن الخليج بمعزل عن الدوائر الأخرى سواء كانت عربية أو شرق أوسطية، من منطلق حرصها على تعزيز أسس الأمن والاستقرار الإقليمي، ولهذا فإنها تقوم بدور فاعل في هذه القضية الحيوية، سواء من خلال مواقفها المسؤولة والمتزنة تجاه قضايا وأزمات المنطقة، أو من خلال جهودها ومبادراتها النوعية في مكافحة التطرّف والإرهاب، أو من خلال انخراطها ومشاركتها الفاعلة في الجهود الإقليمية والدولية الهادفة إلى تحقيق الأمن الإقليمي. دور محوري واستعرض د. كريستيان ألكساندر الجهود والمبادرات المهمة التي قامت بها الإمارات لمواجهة التطرف والإرهاب على الصعيدين الإقليمي والدولي، إذ شاركت بفاعلية في التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا عام 2014، حتى تمت هزيمة التنظيم والقضاء على أماكن وجوده في الدولتين، كما شاركت كل من ألمانيا والولايات المتحدة في رئاسة مجموعة العمل المعنية بالاستقرار التابعة للتحالف الدولي ضد «داعش»، التي لعبت دوراً مهماً في المساعدة على استقرار المناطق المحررة من «داعش» وقدّمت دعماً رئيسياً لمبادرات الاستقرار وإعادة الإعمار التي يقودها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق منذ العام 2015. وأوضح د. كريستيان ألكساندر، أن دولة الإمارات شاركت في رئاسة مجموعة العمل المعنية بالاتصال الاستراتيجي التي كانت تتمثل مهمتها في معارضة خطاب داعش وتقويض آيدلوجيته، وقامت بالتعاون مع الولايات المتحدة في تأسيس مركز «صواب»، الذي يتصدى للأفكار المغلوطة وتصويبها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويعمل على إيجاد خطاب إيجابي بديل مناهض للتنظيمات المتطرفة والإرهابية. وأوضح أنّ دولة الإمارات تعمل في الوقت ذاته على تعزيز قيم التسامح والتعايش والوسطية، باعتبارها ضرورة لمكافحة الأيديولوجيات المتطرّفة، وطرحت العديد من المبادرات النوعية التي حظيت بالترحيب والتقدير الدوليين، كإنشاء وزارة للتسامح، وبناء البيت الإبراهيمي في أبوظبي الذي سيضم كنسية ومسجداً وكنيساً جنباً إلى جنب، وهي مبادرات تقود من خلالها الإمارات الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة الفكر المتطرف وتعزيز ثقافة التعايش وقبول الآخر والوسطية والاعتدال، باعتبارها عنصراً رئيسياً في الحرب على التطرف والإرهاب، فضلاً عن اتخاذ دولة الإمارات موقفاً صارماً ضد حركات التطرّف التي كثيراً ما ألهمت أيديولوجياتها التنظيمات الإرهابية، بما فيها تنظيم الإخوان. وأشار د. كريستيان ألكساندر إلى أن دولة الإمارات بذلت ولا تزال الجهود الرامية لتعزيز المبادئ والآليات اللازمة لتأسيس نظام إقليمي جديد أكثر استقراراً في الشرق الأوسط، نظام إقليمي يتمحور حول ثلاثة مبادئ أساسية، أولها ضرورة ضمان احترام السيادة الوطنية وإنهاء التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى في المنطقة، ولهذا فإنها تدعو باستمرار إلى التمسك بهذا المبدأ في العلاقات بين دول المنطقة، وتدعو بعض الدول، وخاصة إيران إلى الكف عن التدخل أو التهديد بالتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وثانيها العمل على تطوير مؤسسات متعددة الأطراف وآليات ومبادئ قوية كفيلة بدعم الحل السلمي للنزاعات بين الدول، وتشجيع الدول على حل أي نزاعات داخلية من خلال التفاوض السياسي، فيما المبدأ الثالث دعم قضايا التنمية والحوكمة في دول المنطقة، وتقديم المساعدات اللازمة لها من أجل تجاوز التحديات المختلفة التي تواجهها، وذلك من منطلق إدراكها أن ذلك يصب في صالح الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي. ودعمت دولة الإمارات هذه الفكرة من خلال سياستها الخاصة بالمساعدات الإنمائية التي باتت عنصراً رئيسياً في جهودها الرامية إلى تعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار في المنطقة وغيرها. توظيف شراكات وأشار د. كريستيان ألكساندر في المحور الثالث من ورقته في الحلقة النقاشية، إلى بذل دولة الإمارات جهوداً لتعزيز الاستقرار في المنطقة وخارجها من خلال إقامة شراكات استراتيجية مع دول من خارج المنطقة ودول غير عربية، حيث طورت شراكة راسخة مع الولايات المتحدة، ودعمت جهودها الرامية إلى مواجهة المخاطر والتحديات التي تهدد أمن واستقرار منطقة الخليج ومنطقة الشرق الأوسط. وأبان أنّ دولة الإمارات سعت إلى تنويع شراكاتها مع القوى الكبرى الأخرى، لاسيّما تلك التي يزداد نفوذها في الخليج والشرق الأوسط، حيث ترتبط بعلاقات قوية مع كل من الصين وروسيا والهند وكوريا الجنوبية واليابان، فضلاً عن دعم دولة الإمارات الجهود والمبادرات الدولية متعددة الأطراف، مثل التعاون في مجال الطاقة ضمن «أوبك+»، لضمان استقرار الأسعار في السوق، وضمان أمن إمدادات الطاقة، والتدفق الحر للنفط إلى الأسواق العالمية. منظور روسي إلى ذلك، تناول د. نيكولاي سوركوف الخبير في المركز الروسي للشؤون الدولية، الموقف الروسي تجاه القضايا المتعلقة بالترتيبات الاستراتيجية والأمن في منطقة الخليج، مشيراً إلى روسيا تنظر باهتمام متزايد لأمن الخليج، وتعمل على تعزيز علاقاتها مع دول المنطقة، وتنظر إلى التوجه الأمريكي الأخير بتخفيض الوجود العسكري في المنطقة على أنه يمكن أن يشكل فرصة لتعزيز تعاونها مع دول الخليج. ويرى سوركوف، أن روسيا تدرك أنه من الصعب إنهاء التنافس الجيوسياسي بين بعض الأطراف المتصارعة في المنطقة في المدى القصير، ولهذا تعمل على تخفيف حدة التوتر، وتعزيز إجراءات بناء الثقة فيما بينها، وتروج لإنشاء هيكل أمني جديد في الخليج لتقليل التوترات وخطر المواجهة العسكرية المباشرة، واعتماد الحوار والشفافية في حل القضايا الخلافية بين إيران ودول المنطقة. وأوضح نيكولاي سوركوف، أن روسيا تبنّت مواقف واضحة تجاه قضايا أمن الخليج، فخلال عام 2001 دعت إلى حل الأزمة العراقية، وحذرت من خطورة التصعيد بشأنها، وفي عام 2007 وخلال جولة الرئيس بوتين لمنطقة الخليج، ناقشت موسكو مع دول المنطقة التوترات المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني. وأوضح سوركوف، أن روسيا اقترحت في عام 2019 على دول المنطقة بناء نظام أمني في الخليج على غرار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والاستفادة من هذا النموذج في اتخاذ تدابير لبناء الثقة المختلفة بين دول المنطقة. ورأى سوركوف، أنه يمكن البدء في اتخاذ خطوات عملية لتأسيس منظمة الأمن والتعاون في الخليج بتشكيل آلية تشاور متعددة الأطراف تكون بمنزلة قناة طارئة للاتصال في حالة حدوث توترات، والعمل على إيجاد طرق لتعزيز الثقة المتبادلة. وأشار د. نيكولاي سوركوف، إلى أن إقامة حوار مستدام مقترناً بتغيير في الرأي العام والتفاعل الإيجابي، سيسمح باتخاذ خطوات أكثر جرأة تتعلق بالقضايا الجوهرية مستقبلاً، كإعلان الخليج منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وإبرام معاهدة بشأن الأسلحة التقليدية، والشفافية فيما يتعلق بالتحركات الكبيرة للقوات والتدريبات وبناء نظام أمني خليجي يضم إيران ودول مجلس التعاون، كما حدث في هلسنكي عام 1975، حينما جرى توقيع اتفاق الأمن الأوروبي، من خلال الجمع بين دول منظومة الأمن والتعاون الأوروبي بدول المحور السوفييتي والأمريكي في منظومة واحدة. نموذج وأشاد سوركوف بسياسة دولة الإمارات الإقليمية، باعتبارها نموذجاً للسياسات الهادئة والمتوازنة التي تدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الخليج ومنطقة الشرق الأوسط. وتحدث عن الدور الصيني في المنطقة من خلال الرؤية الروسية، معتبراً أنّ الاتفاق الصيني - الإيراني بمنزلة خطوة إيجابية لما لبكين من أهمية ودور متزايد في المنطقة، ولمقاربتها القائمة على جعل الاستقرار دافعاً للتنمية أيضاً. وخلص المشاركون في الندوة، إلى أن المنظور الإماراتي - الروسي لأمن الخليج ينطلق من أهمية التعاون بين دول المنطقة والقوى الكبرى في مواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه دول المنطقة، وفي مقدمتها خطر الجماعات المتطرّفة والإرهابية، مشدّدين على أهمية إنشاء منصة للحوار والتواصل لتفادي التوترات المحتملة، وضرورة التعاون في المجالات التنموية والصحية، لاسيّما فيما بات يعرف بـ «دبلوماسية اللقاح». وأوضح المشاركون، أنّ دولة الإمارات أثبتت جدارتها وأهليتها للتحول إلى قطب دولي لإنتاج اللقاح وتوزيعه، في الوقت ذاته فإن روسيا باتت طرفاً فاعلاً في إنتاج لقاح «كوفيد-19» بفعل نجاحها في إنتاج لقاح «سبوتنيك- 5» وتسويقه، وهذا ينظر إليه كفرصة لتعزيز صورة روسيا في العالم. تابعوا أخبار الإمارات من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :