البداوة ليست سُبة

  • 5/21/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

العربي الذي لا يعتز بأصله وفصله وهويته التي من أهم معالمها لغته العربية التي يتحدثها، فكيف يتأتى له، أو لها، أو لهم، استخدامها إذا أنها ذات الهوية البدوية التي نبتت من عمق الجزيرة العربية وتشرفت بأن نزل القرآن الكريم بها، لهجة، وتفصيلا، ومعنى، وهدى، ورشادا ثم إعجازا أيضا.. البداوة شرف وحضارة، وقيم وأعراف، البداوة هي نبت الجزيرة العربية وحضارة (جنوب غرب آسيا) والتي يؤرخ لها بـ(منذ ما قبل التاريخ) حيث يرجع تاريخها -في علوم الحضارات- إلى نحو 5000 عام ق.م. كما امتدت إلى ما هو أعمق بكثير في تراث المخطوطات العربية المحفوظة في المتاحف العالمية، فقد أضحى تاريخها مرتبطا بتجمع شعوب هذه المنطقة وتكوينها فى شكل جماعات وقبائل بعد فترات التشتت والانتشار، هذا التجمع الذى يفرز من الاختراعات والنظم ما يحقق لشعب ما سمة الحضارة، على أن حضارات الأمم تكتسب خصائصها ومظاهرها عبر العصور المتعاقبة عليها. يقول الدكتور "رالف دانتون" فى كتابه "شجرة الحضارة" وهي دراسة محكمة أجراها في مؤسسة فرانكلين: "إن أهم مركز لتدجين النبات واستئناس الحيوان في بلاد العالم القديم هي تلك المنطقة الواقعة في جنوب غرب آسيا.. ومن العبث في الوقت الحاضر أن نحاول البحث عن أصل المكان الذي تم فيه تدجين النباتات المختلفة واستئناس بعض حيواناتها على وجه التحديد وكل ما نستطيع أن نقوله هو أنه نحو عام 5000 ق.م. وكانت نظم حياة القرية منتشرة في معظم أرجاء هذه المنطقة وأن قبائل آنذاك متباينة، كانت تشترك في اتباع تقليد واحد، وقد تستخدم القبائل المختلفة الزخرفة، أو أوانيها الفخارية، وتبني منازلها، بطرق تختلف عن بعضها اختلافاً بسيطاً، ولكن أوجه التشابه بينها كانت تغطي على أوجه الخلاف". على ما يبدو أن كثيرا من العرب هم عبء على العروبة لجهلهم بذواتهم وبهويتهم وبتفصيل لغتهم، وفي العلوم الحديثة بـ(افتقارهم لدبلوماسية اللغة) وخاصة إن كان الواحد منهم دبلوماسيا! وعلى ما يبدو أن العربي الذي لا يعتز بأصله وفصله وهويته التي من أهم معالمها لغته العربية التي يتحدثها، فكيف يتأتى له، أو لها، أو لهم، استخدامها إذا أنها ذات الهوية البدوية التي نبتت من عمق الجزيرة العربية وتشرفت بأن نزل القرآن الكريم بها، لهجة، وتفصيلا، ومعنى، وهدى، ورشاد ثم إعجازا أيضا! ولا غرابة فهي لغة أهل الجنة كما ورد في كتاب قصص الأنبياء للإمام أبي الفداء إسماعيل بن كثير! وإذا ما تحدثنا علما وأدبا بطريقة (بما أن، وإذا) للاستدلال المنطقي فسنجد أن للبدو لغة يطلق عليها (العربية) نسبة إلى يعرب بن إسماعيل الذي كان يقطن الجزيرة العربية. ومن هنا نستطيع القول: بما أن البدو هم أهل الجزيرة يتمنطقون بالعربية، إذا العربية بدوية وبالتالي الهوية العربية بدوية لأنها جزء من كل بحسب الدلالة المنطقية. ولذلك كان هناك من يتحدث العربية وينسب نفسه جغرافيا للعرب وللغة ذاتها ثم يظهر في وسائل الإعلام متحدثا بها، ثم ينتقص من الرحم التي خرجت منه هذه اللغة ومن أهلها ومن موطنهم بوصفهم (البدو) إذا، هو كائنا من كان، لا يستحق أن يكون عربيا بالضرورة، لأنه نوع من العقوق الجغرافي والتنكر الإنثروبولوجي! وهذا نوع من البشر إذا ما تواجد بيننا وجب أن نضعه في هامش الوجود العربي فلا يستحق الانتماء للعربية التي تشدق بها، مستخدما سب نفسه قبل غيره فهو من تلك البقعة ويتحدث نفس اللغة وينفث نفس النفس ويرتشف نفس الماء ويرتدي نفس الرداء، لكن تعاقب الاحتلال المقيت -للأسف الشديد- لبعض بلادنا العربية، قد ترك بصماته المحمومة بالمسخ على كثير من أبناء العرب وتحتاج إلى زمن لكي نرفع هذه البصمات المخجلة والمنتمية لبقايا المحتل المقيت. نحن للأسف الشديد لا نعرف ماذا تعني كلمة بداوة، ويعتقد البعض أنها سمة لحياة الصحراء القاسية والمتمثلة في الحل والترحال على ظهور الإبل. وهذا يرجع إلى عدم النضج المعرفي والوعي بالذات وبالوجود وبالحضارات المتعاقبة على الجزيرة العربية التي نبتت منها الحضارة بمصطلحها العلمي كما أثبت ذلك الباحثون، حيث يقول د. ويل ديورانت: إن تاريخ الحضارة بدأ من الجزيرة العربية (وخاصة الجنوب الغربي لقارة آسيا) حيث صنع أول نول وأول محراث.. قد لا يعلم الكثير منا أن أول مدينة على وجه الأرض هي صنعاء وقد سميت بهذا الاسم لأن سيدنا سليمان عليه السلام عندما دخلها وكانت ذات طرز معمارية محكمة فقال: "ما أجمل صنعتها"، كما ورد في كتاب سير الأعلام لشمس الدين الذهبي. لا نستطيع القول سوى أن ندعو الله جل وعلا أن يخرج بلادنا العربية من محنتها، وأن يجمع شمل العرب والعروبة، وأن يحمي بلادنا ويحسن لها اختيار قادة يدركون معنى البداوة جيدا ويدافعون عنها بكل فخر وإباء؛ لأنها تعني الأصالة والحضارة الضاربة في عمق التاريخ، وأن يشفي صدور قوم غلها الجهل والحقد والتخلف والحسد، كفانا، فأحوال الأمة لم تعد لتحتمل التنابز والتعالي وقلة الفهم وتحدر الدبلوماسية.

مشاركة :