شهد قطاع غزة خسائر فادحة على مدار 11 يوما من الغارات والقصف الإسرائيلي، سواء بشرية أو مادية. فإلى جانب مئات القتلى والجرحى، هُدمت عشرات المباني في القطاع، ولحقت أضرار بالغة بالبنية التحتية التي قد تحتاج لسنوات لإعادة البناء. ودخل اتّفاق لوقف إطلاق النار توصّلت إليه بوساطة مصرية إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة حيّز التنفيذ في الساعة الثانية من فجر الجمعة بعد 11 يوماً من تصعيد عسكري هو الأعنف بينهما منذ 2014. وفتح وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة المجال أمام طرح ملف إعادة إعمار القطاع ، الذي كانت القاهرة سباقة فيه بمبادرتها الأخيرة، حيث أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تقديم مصر مبلغ 500 مليون دولار لإعادة الإعمار. ولا تتوافر حاليا إحصاءات أو تقديرات دقيقة حول حجم الخسائر التي لحقت بالقطاع، لكن وبحسب ما نقل موقع "سكاي نيوز عربية" عن السياسي الفلسطيني أسامة شعث، المستشار في العلاقات الدولية، فإن كلفة إعادة الإعمار هذه المرة ستكون أعلى مما كانت عليه عام 2014 الذي شهد موجة عنف إسرائيلية شبيهة، مرجحا أن تصل إلى 8 مليارات دولار. شعث قال إنه "من المفترض أن يكون هناك مؤتمر دولي لدعم جهود إعادة الإعمار، على غرار ما جرى في 2014"، مشيرا إلى أن "إحصاء وتقدير حجم الضرر الواقع على القطاع يحتاج لفترة قد تصل إلى 3 أشهر". يُذكر أنه في أكتوبر 2014، بعد الحرب التي شهدتها غزة التي استمرت 7 أيام وألحقت أضرارا هائلة بالبنية التحتية في القطاع، احتضنت القاهرة "مؤتمر إعادة إعمار غزة" بمشاركة ممثلين لـ50 دولة ومنظمة، وشهد تعهدات من المشاركين بتقديم 5.4 مليار دولار دعما للفلسطينيين، نصفها لإعادة الإعمار. والثلاثاء الماضي، أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، تقديم مصر مبلغ 500 مليون دولار كمبادرة مصرية تخصص لصالح عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة نتيجة الأحداث الأخيرة. كما وجه الشركات المصرية المتخصصة بالاشتراك في تنفيذ عملية إعادة إعمار غزة. من جهته، أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأربعاء، بدء التنسيق الفوري مع الوزارات والجهات المعنية لتنفيذ المبادرة المصرية لمساندة الفلسطينيين في قطاع غزة، لافتا إلى الدور المهم الذي تقوم به القيادة السياسية على مختلف الصعد من أجل احتواء الموقف وإنهاء التصعيد واستعادة الاستقرار. وخصص صندوق "تحيا مصر" -صندوق حكومي- حسابا في كل البنوك المصرية لتلقي المساهمات من داخل وخارج مصر لإعادة إعمار غزة وتلبية للاحتياجات المعيشية والدوائية للفلسطينيين. كما أعلن الصندوق استعداده لإطلاق قافلة مساعدات إنسانية للقطاع، تتضمن أكثر من 100 حاوية ستصل لقطاع غزة خلال أيام. وقبلها وفي خضم الأزمة، أعلنت مصر دعمها لقطاع غزة واستعدادها لعلاج مصابي الاعتداءات الإسرائيلية وإرسال 65 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية، وتجهيز 11 مستشفى بمحافظات شمال سيناء والإسماعيلية والقاهرة، ودعم شمال سيناء بـ 37 فريقا طبيا في مختلف التخصصات الطبية لعلاج مصابي الاعتداء الإسرائيلي. وعودة إلى كلفة إعادة الإعمار، نقل موقع "سكاي نيوز عربية" عن المحلل السياسي الفلسطيني ماهر صافي إشارته إلى أن الأرقام غير واضحة الآن بخصوص حجم الضرر الذي لحق بالقطاع، حيث إن هناك مباني هدمت بشكل كلي، كما وقعت أضرار بالغة بالبنية التحتية، وهناك مبانٍ أخرى تضررت جزئيا وبعضها لم يعد يصلح للعيش الآدمي. وأوضح أن "نحو 850 وحدة سكنية تعرضت للضرر بخلاف العديد من الأبراج السكنية، سواء بشكل كلي أو جزئي". يُذكر أن البنك الدولي والاتحاد الأوربي وبعض الدول العربية ستحذو حذو القاهرة في مجال إعادة إعمار القطاع. والثلاثاء الماضي، اتفق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع السيسي والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، على إطلاق مبادرة إنسانية في غزة، كما أعلن برنامج الأغذية العالمي منتصف الأسبوع، أن غزة "لم تعد تتحمل المزيد من الصدمات"، معبرا عن حاجته إلى 14 مليون دولار ليتمكن من تقديم المساعدة الطارئة خلال الثلاثة أشهر المقبلة لنحو 160 ألف شخص تضرروا في القطاع، و60 ألفا آخرين في الضفة الغربية. ورجح البرنامج في بيان لمديرته الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كورين فلايشر، إمكانية زيادة أعداد المتضررين بشكل أكبر، كما أكد حاجته لـ31.8 مليون دولار إضافية لتقديم المساعدات الاعتيادية لأكثر من 435 ألف شخص في غزة والضفة الغربية لمدة 6 أشهر مقبلة.
مشاركة :