الأسواق تتجاهل سيناريوهات عودة النفط الإيراني قريبا طوكيو - يقاوم أغلب المشترين السابقين للنفط الإيراني في آسيا احتمالات استئناف طهران صادرات النفط سريعا بسبب عدم حصولهم على ضوء أخضر من الولايات المتحدة، والتي تفرض حصارا اقتصاديا شبه تام على طهران، يشمل حظرا على قطاعات النفط والبنوك والشحن البحري. وهذا الموقف يأتي بينما تعكف شركات التكرير الهندية وشركة تكرير أوروبية واحدة على الأقل على إعادة تقييم المشتريات لإفساح المجال لنفط إيران في النصف الثاني من 2021، بعدما قال الرئيس حسن روحاني الخميس الماضي إن “الولايات المتحدة مستعدة لرفع العقوبات”. ويثير ذلك فضول المتعاملين الراغبين في معرفة الاتجاه الذي ستسلكه شركات التكرير اليابانية والكورية الجنوبية، بعد أن كان البلدان ثالث ورابع أكبر مشتر للخام والمكثفات من إيران بواردات بلغت نحو 450 ألف برميل يوميا في المتوسط بين 2016 و2018. وفي أثناء غياب إيران الذي دام عامين عن قائمة الموردين بسبب العقوبات، استبدلت شركات التكرير اليابانية والكورية الإمدادات الإيرانية وأحلت محلها الخام والمكثفات من منتجين في الشرق الأوسط وأستراليا والولايات المتحدة والمكسيك. وقال متحدث باسم فوجي أويل “فور توافر النفط الإيراني للاستيراد، سندرس جدواه الاقتصادية كما نفعل مع النفط من أي دول أخرى، ومن المرجح أن نستأنف الاستيراد إذا كان مجديا من الناحية الاقتصادية”. وقال مسؤول مشتريات في مصفاة يابانية، إنه “حتى في حالة رفع العقوبات، فسيحتاج المشترون إلى التأكد من قدرة البنوك على تحويل الأموال، وأن شركات الشحن ستستطيع إرسال الناقلات إلى إيران، وأن بوسع شركات التأمين توفير الغطاء التأميني”. ويعتقد المسؤول في الشركة أن “الأمر سيستغرق وقتا طويلا نظرا لحاجتنا إلى تخطي تلك العقبات”. ولم تتخذ إنيوس هولدنغز، أكبر شركة تكرير يابانية، أي خطوة بخصوص مشتريات محتملة للخام الإيراني، ولكنها أشارت إلى أنها ستتفقد “الأمر مستقبلا، مع إيلاء الاهتمام بأي خطوات على صعيد العقوبات الأميركية”. وتتخذ الشركات المنافسة من كوريا الجنوبية موقفا مماثلا. وقال مشتر كوري “سيكون أمرا جيدا إذا أمكن استيراد النفط الإيراني لكنه لن يؤثر كثيرا علينا إذا تعذر استيراده.. من الممكن أن نستأنف واردات نفط إيران إذا كانت ستدر المال”. وفي تايوان، قال متحدث باسم فورموزا للبتروكيمياويات إنه يتعين أن تكون أسعار النفط الإيراني منافسة للخامات السعودية كي تكون مغرية. وتلقي الوضعية القائمة بظلال قاتمة على الأسواق، فقد توقعت شركة التكرير الحكومية هندُستان بترولويم الجمعة تراجع أسعار النفط وبقاءها دون 70 دولارا للبرميل إذا رفعت واشنطن العقوبات عن طهران. وقال م.ك. سورانا رئيس مجلس إدارة الشركة “حدثت تذبذبات في أسعار النفط خلال الأيام الأربعة الأخيرة بين 70 و65 دولارا للبرميل على وقع النقاشات الجارية بخصوص إيران وأي خطوة إيجابية في هذا الصدد ستخفض أسعار الخام”. وتابع “لا نتوقع ارتفاعا يذكر لأسعار الخام فوق 70 دولارا”، مضيفا أن “عدم التقدم في المحادثات مع إيران محسوب في الأسعار بالفعل”. وتعد الهند ثالث أكبر مستهلك للنفط ومستورد له في العالم، وقد أوقفت الاستيراد من طهران في 2019 مع انتهاء أجل إعفاء مؤقت كان ممنوحا لعدد من الدول بعد انسحاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي في 2015. وفي هذه الأثناء، حذر بنك باركليز البريطاني من أن التوصل لاتفاق سريع بشأن إحياء الاتفاق النووي قد يشكل مخاطر كبيرة على أسعار النفط خلال النصف الثاني من 2021. لكنه قال في مذكرة إن ذلك قد يؤدي إلى معدل تناقص أبطأ لقيود تحالف أوبك+ على الإنتاج، وهو ما من شأنه أن يخفف من أثر ذلك. وأبقى على توقعاته بالنسبة إلى متوسط أسعار النفط بالنسبة إلى خامي برنت، وغرب تكساس الوسيط، عند 66 دولارا و62 دولارا للبرميل، على التوالي. وبينما يترقب العالم مصير محادثات فيينا، كشف تقرير حديث أن إيران تستمر في الالتفاف على العقوبات عبر استخدام العملات المشفرة في بيع الخام. وخلصت دراسة أعدتها شركة إليبتيك لتحليلات سلسلة الكتل إلى أن 4.5 في المئة من إجمالي استخراج عملة بِتكوين يجري في إيران، مما يدر على البلد الملايين من الدولارات في شكل عملات مشفرة يمكن استخدامها لتمويل الواردات. إيران تبيع احتياطاتها من الطاقة في الأسواق العالمية، مستخدمة عملية تعدين بِتكوين للالتفاف حول العقوبات التجارية وتفيد الأرقام أن إنتاج إيران من بتكوين يعادل إيرادات بنحو مليار دولار سنويا، عند مستويات الاستخراج الحالية. وفي حين أن الأرقام الدقيقة “من الصعب للغاية تحديدها”، فإن تقديرات إليبتيك تستند إلى بيانات من مستخرجي بِتكوين جمعها مركز كمبريدج للتمويل البديل حتى أبريل 2020، وبيانات من شركة توليد الكهرباء التي تسيطر عليها الحكومة الإيرانية في يناير الماضي بأن ما يصل إلى 600 ميغاواط من الكهرباء يستخدمها مستخرجو العملات المشفرة. واعترفت طهران رسميا باستخراج العملات المشفرة كصناعة في السنوات الأخيرة، لتتيح لها الكهرباء بأسعار رخيصة وتُلزم مستخرجيها ببيعها إلى البنك المركزي. وجذبت الكهرباء الرخيصة المزيد من المستخرجين، وبخاصة من الصين، إلى إيران. وتسمح طهران بالعملات المشفرة المستخرجة في إيران لتمويل واردات السلع المرخص بها. وقالت الدراسة “أدركت إيران أن استخراج بِتكوين ينطوي على فرصة جذابة لاقتصاد يرزح تحت نير العقوبات ويعاني من نقص في السيولة النقدية، مع فائض من النفط والغاز الطبيعي”. وبحسب الدراسة، فإن الكهرباء التي يستخدمها مستخرجو العملات المشفرة في إيران تتطلب نحو 10 ملايين برميل من الخام سنويا لتوليدها، أي حوالي 4 في المئة من إجمالي صادرات إيران النفطية في 2020. وتضيف “بالتالي فإن إيران تبيع عمليا احتياطاتها من الطاقة في الأسواق العالمية، مستخدمة عملية تعدين بِتكوين للالتفاف حول العقوبات التجارية”. ويحظر البنك المركزي الإيراني تداول بِتكوين والعملات المشفرة الأخرى المستخرجة في الخارج، لكن العملات متاحة على نطاق واسع في السوق السوداء، كما تشير إلى ذلك تقارير محلية.
مشاركة :