النهضة تلوّح بالتخلي عن المشيشي للتهدئة مع الرئيس قيس سعيد

  • 5/23/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لوحت قيادات بارزة في حركة النهضة إلى استعدادها للتخلي عن دعمها لرئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي مقابل تشكيل تحالف حاكم جديد، في خطوة تحمل حسب مراقبين رسائل للتهدئة مع الرئيس قيس سعيد وحزامه السياسي (التيار الديمقراطي وحركة الشعب) حيث باتت الحركة على يقين أن معركة الصلاحيات التي تخوضها ضد الرئيس ستكون تكلفتها باهظة وستقود في نهابة المطاف إلى إضعاف نفوذها في المشهد. تونس - بعثت حركة النهضة الإسلامية من جديد برسائل تهدئة إلى الرئيس التونسي قيس سعيد وحزامه السياسي عبر تعبير قيادات في الصف الأول عن نيّتها التخلي عن رئيس الحكومة هشام المشيشي وتكوين حكومة جديدة في إطار تحالف سياسي حاكم، ما يعكس رغبة الحركة في تقديم تنازلات والانحناء أمام العاصفة تجنبا للتداعيات الوخيمة لمعركة الصلاحيات على مستقبلها السياسي. وقال وزير الصحة السابق والقيادي البارز في حركة النهضة عبداللطيف المكي إنه ضد حكومات التكنوقراط وإنه “سيناضل من أجل تكوين حكومة سياسية مدعومة بالكفاءات”. وأقرّ في تصريح لإذاعة محلية مساء الخميس أن “حكومة التكنوقراط تعتبر خطأ في حق البلاد” وأنها “لا يمكن أن تتماشى إلّا مع الأنظمة الاستبدادية”. وأضاف أن “الحكومة يجب أن تُعبّر عن خيارات سياسية كي تتقدّم”، مشيرا إلى أنه” يثمّن مبادرة الحوار الوطني التي طرحها الاتحاد العام التونسي للشغل مع تعديل النظام السياسي”. وتابع المكي أنه “يساند النظام البرلماني مع إكسابه عناصر الصلابة السياسية والاستقرار”، وفق قوله. ولاحظ المراقبون تغير مواقف قيادات النهضة في الآونة الأخيرة، حيث سبق أن دعا المكي الاتحاد العام التونسي للشغل، المركزية النقابية في البلاد، إلى تفعيل مبادرة الحوار الوطني، مبينا أنّ الوضع السياسي أثّر على الوضعين الاقتصادي والصحّي. ويرى المراقبون أن التغيير الحاصل في الخطاب يرتبط أساسا بالتطورات السياسية والإقليمية في الداخل والخارج، حيث فرضت الترتيبات الجديدة بالمنطقة مراجعة بعض المواقف وأوّلها التخفيف من حدّة الخلاف مع سعيّد لتجاوز العقبات الصعبة وتكييف المناخ السياسي وفقا للمصالح والأهداف الحزبية حتى وإن اقتضى الأمر التضحية بالمشيشي. عبدالعزيز القطي: عبداللطيف المكي قد يقدم نفسه بديلا لترؤس الحكومة عبدالعزيز القطي: عبداللطيف المكي قد يقدم نفسه بديلا لترؤس الحكومة وتعكس الدعوات المتصاعدة من قيادات النهضة إلى التسوية بتقديم التنازلات والتلويح بالتخلي عن المشيشي للخروج من الأزمة، حقيقة مخاوف الحركة كحزب يتصدر المشهد منذ أكثر من عشر سنوات، من خسارة موقعه في صناعة القرار السياسي، كما يحمل التكتيك السياسي الجديد قلقا واضحا من أغلب قيادات الحركة حول مستقبل الحزب في المشهد السياسي التونسي. وأفاد الناشط والمحلل السياسي عبدالعزيز القطي أنه “ليس هناك رضا تامّ عن المشيشي داخل الحركة، وربما المكي يقدّم نفسه كبديل جديد لترؤس الحكومة”. وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “منذ سقوط حكومة إلياس الفخفاخ في فبراير الماضي والمكي يدعو إلى حكومة سياسية، واليوم نعرف جيدا أن هناك تغييرات إقليمية بعد المصالحة الخليجية والترتيبات التركية – المصرية الجديدة، فضلا عن زيارة رئيس الحركة راشد الغنوشي إلى قطر الأسبوع الماضي”. وتابع “النهضة تعي جيّدا أن تغيير المواقف يكون موازيا لما يحدث إقليميا وفقا لأجندات داخلية وخارجية، وهي اليوم تريد أن تجد حلاّ مع الرئيس سعيّد الذي عطّل كل مناوراتها للركوب على الوضع الداخلي للبلاد، وبعد أن فشلت في كل محاولاتها تريد أن تغيّر موقفها، والمشيشي سيكون كبش فداء وسيتم التخلي عنه”. وتوقع الناشط السياسي ” تنحي الغنوشي من رئاسة البرلمان وعودته إلى النهضة للخروج من الأزمة”. وبخصوص ما إذا كانت مبادرة المكي نوعا من رسالة تهدئة مع الرئيس وحزامه بالترويج لفكرة التخلي عن المشيشي، قال القطي “هي مرونة وتكتيك سياسي، والنهضة معروفة بانحنائها أمام العواصف، والعمل على الرجوع بعد تحسن الأوضاع”. وبشأن السيناريوات المطروحة في المشهد إما بالعودة إلى حكومة الرئيس أم لحكومة ترأسها النهضة، أشار إلى أن “النهضة خرجت من كل المجالات، وأصبح تعيين رئيس جديد للحكومة بيد الرئيس سعيّد”. وذهب متابعون للشأن السياسي في تونس إلى أن النهضة تحاول تغيير التكتيك السياسي عبر التلويح بالتخلي عن المشيشي، ويلاحظ هؤلاء وجود تناقض داخل الحركة ذاتها، فبينما تدعو قيادات إلى تنحية المشيشي تتمسك أخرى ببقائه رغم فشله في أدائه الحكومي. وقال المحلل السياسي خليل الرقيق في تصريح لـ”العرب”، “محاولات النهضة الآن تندرج في إطار ما يمكن تسميته بـ’الخطة ب’ التي بدأت منذ أسابيع مع تصريحات قياداتها على غرار العجمي الوريمي وسمير ديلو والتلويح بالتخلي عن المشيشي”. Thumbnail وأضاف “تصريحات المكي تتزامن وتتناقض مع تصريحات لرئيس الكتلة البرلمانية للحركة عماد الخميري الذي طلب من المشيشي “أن يفعّل التعديل الوزاري الذي طرحه منذ أشهر”. وأردف “يبدو أن النهضة تجاري الأمور وتحاول توظيف الأحداث، ومثلما تخلت سابقا عن الحبيب الصيد ويوسف الشاهد وإلياس الفخفاخ وغيرهم، هي مستعدة للتخلي عن المشيشي خدمة لمصالحها الحزبية”. وقال الرقيق “الرسالة واضحة وهي أن حكومة المشيشي أصبحت تمثل مشكلا للنهضة، والمشيشي هو الطرف الأضعف في مثلث الرئاسة والحكومة والبرلمان، وبالتالي يمكن للنهضة أن تجمع حلفاءها وتقرر التخلي عنه”. وتعدّ الحكومة السياسية التي يمكن أن تتشكل ما بعد مرحلة المشيشي تحالفا سياسيا حاكما، لكن مسألة العودة إلى تعيين البديل نقطة اختلاف مفصلية بين الرئيس والنهضة. وتعليقا على ذلك، أكّد الرقيق “أنها مسألة في صلب الابتزاز السياسي، والتعيين يعود وجوبا إلى الرئيس سعيّد الذي لا يريد أن تذهب الأمور للفصل الـ97، بينما لا تريد النهضة الذهاب للفصل الـ98 الذي يوكل للرئيس التعيين الجديد”. وفي تقديره فإن اتحاد الشغل سيلعب دور الوسيط في التسوية بين الطرفين، في ظل إصرار سعيد على عدم التراجع على مواقفه كما هو الشأن بالنسبة إلى التعديل الوزاري أو تركيز المحكمة الدستورية. وترزح تونس تحت وطأة أزمة سياسية حادة منذ أشهر بسبب تعديل وزاري في حكومة هشام المشيشي يرفضه الرئيس سعيّد، ويتشبث بتمريره الحزام السياسي للحكومة بقيادة النهضة. وعادت الدعوة إلى رحيل حكومة المشيشي إلى الواجهة من جديد من قبل بعض الأحزاب السياسية خاصة التيار الديمقراطي الذي دعا في بيان له الخميس كل القوى المجتمعية والديمقراطية داخل البرلمان وخارجه إلى توحيد الجهود والتصدي لها حتى رحيلها. ويتوقع متابعون أن تتوسع هذه الدعوات قريبا في ظلّ توتر العلاقة بين الحكومة واتحاد الشغل، فضلا عن خلاف سعيّد والمشيشي حول التعديل الوزاري.

مشاركة :