تحقيق إخباري: لبنانيون يعتمدون على التحويلات للبقاء على قيد الحياة وسط أزمة اقتصادية قاسية

  • 5/24/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

اعتمد رياض حكمت (33 عاما) الموظف في مصرف لبناني بشكل أساسي على راتبه البالغ مليونين ونصف مليون ليرة لبنانية لدفع الرسوم المدرسية لابنه واحتياجات أسرته اليومية. لكن وعندما انهارت العملة المحلية منذ أكثر من عام وانخفضت قيمة الرواتب بنسبة تزيد عن 80 في المائة، أصبح حكمت في حاجة ماسة إلى مساعدة مالية لإعالة أسرته. ولحسن حظه، يعتبر حكمت من بين العديد من اللبنانيين الذين يمكنهم الاعتماد على أحد أفراد أسرته الذي يعمل في السعودية ويحول اليه مالا لمساعدته في الأوقات الصعبة الحالية. وقال حكمت لوكالة أنباء ((شينخوا)) "كان أخي يحول لحسابي 400 دولار أمريكي شهريا مما يحدث فرقا كبيرا بالنسبة لي، ولولا ذلك لما تمكنت من إبقاء طفلي في المدرسة". ويمر لبنان بأزمة اقتصادية ومالية غير مسبوقة وسط نقص في الاحتياطيات الأجنبية للمصرف المركزي، مما أدى إلى انهيار العملة المحلية بالتوازي مع ارتفاع التضخم وفقدان الآلاف من الوظائف بسبب الأزمة الاقتصادية في البلاد وبسبب تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19). وقالت شادية مولوي التي كانت تعمل في شركة لبيع أجهزة كمبيوتر لـ((شينخوا)) إنها فقدت وظيفتها حيث قامت الشركة بتسريح عشرات الموظفين في العام الماضي بسبب تقلص عملياتها. وذكرت أن شقيقتها المقيمة في كندا قامت بإنقاذها بتحويل 300 دولار أمريكي اليها شهريا. وأضافت شادية التي يعمل زوجها كموظف توصيل في سوبر ماركت "لقد أنقذت أختي عائلتي من الجوع". وقد أصبح اللبنانيون يعتمدون بشكل متزايد على أفراد الأسرة العاملين في دول أجنبية بعدما فرضت المصارف المحلية قيودا على سحب الودائع بالليرة اللبنانية بينما أوقفت تماما السحب بالدولار الأمريكي. بدوره، قال إسماعيل لـ((شينخوا)) "لسوء الحظ فقدت مدخراتي البالغة 35 ألف دولار أمريكي في المصرف، لكن أختي تساعدني بمبلغ يتراوح بين 400 و 500 دولار أمريكي شهريا لكي أتمكن من دفع مصاريفي الشهرية". وقال رئيس قسم البحوث والتحليلات الاقتصادية في مجموعة (بنك بيبلوس) نسيب غبريل لـ((شينخوا)) إن تحويلات اللبنانيين العاملين والمقيمين في الخارج تأتي لإنقاذ آلاف العائلات في لبنان. وأشار إلى أن الظروف المعيشية في البلاد ستتدهور أكثر بحلول نهاية شهر مايو، حيث يخطط المصرف المركزي لرفع الدعم عن المنتجات الغذائية والأدوية والوقود مما سيرفع الأسعار ويغرق المزيد من الناس في الفقر. وكان حاكم المصرف المركزي طالب الحكومة في 14 ابريل الماضي في ظل تناقص موجوداته من العملات الأجنبية برفع الدعم حيث لم يتبق لديه سوى 16.88 مليار دولار تشكل 15 في المئة من أموال المودعين في المصارف التجارية. وكانت وزارة المالية بدورها أعلنت في وقت سابق أن مخصصات تمويل واردات السلع الأساسية ستنفذ بحلول نهاية مايو الجاري. وتدعم الحكومة اللبنانية سلة غذائية بتكلفة 500 مليون دولار شهريا تتضمن الزيوت والحليب واللحوم والأسماك والحبوب ومواد تدخل في الإنتاج الزراعي والحيواني، حيث يوفر المصرف المركزي الدولار الامريكي للمستوردين بالسعر الرسمي البالغ 1515 ليرة لبنانية للدولار الواحد في وقت يتجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء 12 ألف ليرة. وقال غبريل إن لبنان هو أحد أكبر البلدان المتلقية للتحويلات في العالم التي تساعد في تعويض تراجع القوة الشرائية بعد انهيار العملة المحلية وزيادة البطالة. وذكر أن تدفقات التحويلات إلى لبنان بلغت 7.2 مليار دولار أمريكي في العام 2019، لكنها انخفضت من 5.8 مليار دولار أمريكي في الأشهر التسعة الأولى من العام 2019 إلى 4.7 مليار دولار أمريكي في الأشهر التسعة الأولى من العام 2020 نظرا لتباطؤ الأعمال في جميع أنحاء العالم بسبب (كوفيد-19). أما تقديرات البنك الدولي فتشير إلى أن التحويلات الخارجية إلى لبنان في العام 2020 قد بلغت 6.9 مليار دولار أمريكي. وتأتي معظم التحويلات إلى لبنان من دول الخليج العربي (بنسبة 43 في المائة) تليها أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية وأفريقيا وأستراليا وأمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية. وقال أستاذ السياسة والتخطيط بالجامعة الأمريكية في بيروت ناصر ياسين لـ((شينخوا)) إن 150 ألف عائلة لبنانية تحصل على 120 مليون دولار شهريا من خلال خدمة شركات تحويل الأموال، بينما يتم استلام الباقي عبر حسابات مصرفية دولارية فتحت حديثا. ويواجه لبنان سلسلة أزمات سياسية اقتصادية ومالية ومعيشية متشابكة مما أدى بحسب تقرير صادر عن البنك الدولي إلى بلوغ نسبة الفقر المدقع في لبنان 23.2 بالمائة في العام 2020 بعدما كانت 8.1 في المائة، كما أن الطبقة الفقيرة بلغت 32 في المئة بعدما كانت 19.8 في المائة.

مشاركة :