الاستراتيجية الثقافية.. حاضنة معرفية لأهداف المجلس

  • 5/25/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تعد الاستراتيجية الثقافية المشتركة التي تنتهجها دول مجلس التعاون الخليجي من أهم بنود خطتها التنموية الشاملة الأهداف، والتي تسعى إلى تطوير البنى الفكرية بوصف الثقافة أساساً لتماسك الأمة وحضارتها، وتنمية العطاء الحضاري إلى جانب التشبع بالهوية الحضارية العربية الإسلامية والحفاظ عليها، وتوطيد المضمون القومي الإسلامي، والتصدي لمحاولات الاستلاب الثقافي التي تعزز من الوحدة الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني والتي تؤكد كافة مشروعاتها أن التراث نبع إلهام لا مجرد نصوص جامدة، إلى جانب أهمية دور اللغــة العربية الفصحى في استيعاب العصر، وضرورة الحوار مع الثقافات الأخرى لإقرار القيم الإنسانية المشتركة. الانصهار الثقافي حول الدور الذي لعبته الثقافة المشتركة في توحيد شعوب دول مجلس التعاون الخليجي، يقول علي عبيد الهاملي، نائب رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم بدبي: لعبت الثقافة منذ القدم دوراً كبيراً في توثيق الأواصر بين شعوب الخليج قبل تأسيس مجلس التعاون الخليجي. فقد شكلت اللغة العربية عاملاً مشتركاً بين شعوب المنطقة، رغم تعدد اللهجات واختلافها، كما شكل الدين عاملاً ثانياً من عوامل الثقافة المشتركة، في حين شكلت العادات والأعراف والتقاليد عاملاً ثالثاً من هذه العوامل. وقد كان لانتقال وهجرة بعض العلماء والمثقفين من بلد إلى آخر من بلدان الخليج، دور في تعزيز هذه الأواصر وإحداث الانصهار الثقافي بين شعوب هذه الدول. ويضيف: في العصر الحديث، ومع ظهور النفط واتجاه دول الخليج إلى الاستقلال واللحاق بالنهضة التي تعيشها البلدان الأخرى، كانت الرغبة في نشر التعليم بين أفراد المجتمعات الخليجية حافزاً لانتقال العلماء والمدرسين بين دول الخليج، وقد نقل هؤلاء العلماء والمدرسون ثقافات بلدانهم إلى الدول التي وفدوا إليها، ونشروا هذه الثقافات في مجتمعاتها. كما لعبت المطبوعات التي كانت تصدر في بعض بلدان الخليج دوراً في توثيق عرى التواصل والتعارف بين مثقفي الخليج وأدبائه من خلال نشر إنتاجاتهم الأدبية. نهضة معرفية ويتابع الهاملي: اليوم، ومع تطور وسائل الاتصال وإلغائها للحدود والمسافات بين الدول، تلعب الثقافة دوراً حيوياً في توثيق هذه العرى بين المجتمعات الخليجية من خلال نشر الفنون والآداب وشتى أشكال الإبداع، وإحداث التمازج الثقافي بين شعوب دول المجلس. الأمر الذي نتجت عنه هذه النهضة الأدبية والثقافية والفنية التي تعيشها دول المجلس، ما أدى إلى صهر أدبائها ومثقفيها وفنانيها، في بوتقة واحدة، وجعل منهم قوة ناعمة تلعب دوراً فاعلاً في تعزيز مكتسبات المجلس والدفاع عن إنجازاته التي فاقت التوقعات، وهو دور لا يقل أهمية عن الأدوار التي تلعبها السياسة والاقتصاد وغيرهما من القوى في ترسيخ كيان المجلس والانتقال به من نجاح إلى نجاح. وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه الثقافة الجديدة في الخليج وكيف يمكننا النظر لمعطيات التكامل الثقافي في الوقت الراهن، يقول الكاتب والباحث علي أبو الريش: هذا زمن التكتلات في مختلف المجالات وتأتي الثقافة كعصب رئيسي في حياة المجتمعات الأمر الذي يفرض علينا جميعاً حكومات ومثقفين الأخذ بعين الاعتبار الأهمية القصوى للعمل الثقافي وما له من دور محوري في تشكيل الهوية الوطنية لدول مجلس التعاون في بناء الشخصية الوطنية والعمل على تجسير العلاقة بين شعوب المنطقة وتقوية جذورها وتحديد دورها في خلق واقع خليجي يستطيع الحفاظ على الهوية وترسيخها في الوجدان وتكريسها في الذاكرة كإرث تاريخي. فإذا كانت الحياة كما يقول الفيلسوف الألماني نيتشه، حبلاً مشدوداً بين لا نهايتين، فإن الثقافة هي الحبل السري لكل بناء إنساني، ودول الخليج، بحكم القلة السكانية لدولها منفردة، لذلك كان لا بد من وجود البناء الذي يجمع دولها ككتلة واحدة مندمجة في وحدة ثقافية تتمسك بجذورها وتحفظ الود بينها وذلك التلاحم المتين الذي يحمي ثقافتها من التشرذم ويحميها من الضياع في محيط عدائي متمرس في تغييب هوية الآخر، ودول الخليج لديها إمكانية الوحدة الثقافية بما تمتلكه من وحدة السياق الثقافي. عراقة التاريخ يشير الباحث السعودي في مجال اللغة العربية، الدكتور هود إبراهيم العمراني، إلى أن المنهج التنموي للثقافة كان له بالغ الأثر في تعزيز الترابط المجتمعي والمعرفي بين دول مجلس التعاون الخليجي بداية من الموقع الجغرافي المميز لدول مجلس التعاون الثقافي الذي كان لا بد أن يظهر كافة تأثيراته في جوانب الحياة، هذه المنطقة كانت مكاناً للحضارات السابقة ورابطاً جغرافياً لحضارات بشرية عريقة (بلاد الرافدين - حضارات جنوب الجزيرة العربية - والحضارة الفارسية) ومما زاد من تغلغل الثقافة في هذه المنطقة أنها كانت ملتقى للنشاطات التجارية العالمية السابقة (طريق الحرير - الحضارة الصينية). وسواحلها تشهد أنها كانت محط نزول القوافل البحرية من الشرق (الحضارة الهندية) ومن الغرب (الحضارة المصرية والأفريقية). ناهيك عن عوامل الجذب التي كانت فيها بسبب بروز الدعوة الدينية لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ما أسهم في قدوم الكثيرين من جنسيات متعددة إلى المنطقة. تشريعات مشتركة وأكد العمراني أن دول الخليج سارعت إلى دعم التعاون في الحقل المعرفي والثقافي من خلال إصدار التشريعات مثل: لزوم الاحتفاظ باللغة العربية كلغة أساسية رافدة للهوية، دعم المتاحف ذات البعد الثقافي وتشجيع المجتمع على إنشاء مشاريعه الثقافية الخاصة، ما أسهم في تفعيل دور الثقافة السياحية وجذب الأنظار للمنطقة. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

مشاركة :