هذا هو السبب وهذا هو العلاج

  • 5/24/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

1 - أعلم ويعلم كل عاقل منصف أن بلادنا السعودية لا نظير لها في العصر الحاضر من جهة تحكيم الشريعة، وخدمة كتاب الله تعالى، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام. 2 - وأعلم ويعلم كل عاقل منصف أن ولاتنا منذ مئات السنين وإلى اليوم، بدءًا من الإمام محمد بن سعود رحمه الله، وإلى عصرنا هذا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظه الله، هم أنصار التوحيد، وأنصار الشريعة، ولا ندّعي لهم ولا لبلادنا العصمة من الخطأ، فالخطأ وارد، حتى في القرون المفضلة، ولكن نقول: لا نظير لهم في العصر الحاضر من جهة خدمة الإسلام والمسلمين، هذه حقيقة، والحقائق لا تُغالَط. 3 - وأعلم ويعلم كل عاقل منصف أن بلادنا وولاتنا يغيثون الملهوف، ويكسبون المعدومَ، ويقْرون الضيف، ويعينون على نوائب الحق، وأن كثيرا من المسلمين وغير المسلمين يأتون إلى هذه البلاد خماصا، ويعودون بطاناً، طائفة منهم يعودون بطانا من العلم الشرعي، كما في الجامعة الإسلامية التي فيها مئات الجنسيات وغيرها من الجامعات، وطائفة أخرى يعودون بطاناً من الأموال والأرزاق لما يجدونه من فرص عمل ميسرة، وطائفة يأتونها مرضى، أو سياميين، فينصرفون منها أصحاء متعافين، هذا أمر معلوم ومشاهَد، ولست بصدد حصر ما تقوم به بلادنا من خير، فخيرها بحمد الله كثير، وإنما هي أمثلة، كما أني لم أُرد بهذا المنة على أحد، حاشا وكلا، فالمنة لله تعالى، هو الذي أنعم علينا بهذا الوطن وهذه القيادة، واختار آل سعود لقيادة هذا الوطن، وخدمة الحرمين الشريفين، وقد قال الله تعالى: (وربك يخلق ما يشاء ويختار)، فخدموا الحرمين خدمة ما عرف التاريخ لها مثيلا، وهذا أمر يراه عيانا بيانا كل زائر للحرمين الشريفين، ولكني أذكر بنعمة الله عملا بقوله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث) وقوله تعالى (اذكروا نعمة اللَّه عليكم)، وقوله تعالى (فاذكروا آلاء اللَّه لعلكم تفلحون). ثم إني تأملت كثيرا وتساءلت: إذا كانت بلادنا وقادتنا بهذا الخير العميم في أمور الدين والدنيا، ويحسنون إلى الناس جميعا، كما هو الواقع بحمد الله، فما سبب ما نراه ونسمعه عن شخص أو أشخاص ربما لا يتجاوزون أصابع اليد من أبناء هذه البلاد، بعضهم يحمل درجات عليا حصلوا عليها على حساب الدولة، ما سبب عقوقهم لبلادهم وقادتهم؟ وما سبب فجورهم في الخصومة، وما سبب مخالفتهم لاعتقاد أهل السنة والجماعة، وكأنهم لم يدرسوا العقيدة قط؟ وما سبب ارتمائهم في أحضان الأعداء، الذين لا يريدون بهم ولا ببلادهم خيرا؟ وأيضاً ما سبب ما نراه ونسمعه عن قلة من أبناء دول إسلامية، آوتهم المملكة للدراسة على حسابها، أو أتاحت لهم الوظائف فيها، وأحسنت إليهم، لكنهم أساؤوا وعضوا اليد التي أحسنت إليهم، ما سبب ذلك ؟ وما علاجه؟ وسأحاول أن أجيب عن هذه التساؤلات: فأقول: قبل الجواب لا بد من تقرير حقيقة ناصعة، وهي أن أبناء هذه البلاد يحبون بلادهم وقادتهم ويقدمون أموالهم ودماءهم فداء للدين والوطن والقيادة، وإذا وجد شخص أو أشخاص قليلون مخالفون، فإنهم شاذون، والشاذ لا حكم له، كما أن غالبية الدارسين والعاملين في المملكة من غير السعوديين كذلك يحبون وطننا وقيادتنا، ويذكرونها بالجميل، ولست ُمع من يُهوّل، مدعياً أن كل الناس مستهدفون لبلادنا، كلا، هذه دعوى باطلة، والصحيح أن بلادنا محبوبة وقادتنا عند كل عاقل منصف في العالم، وليست مستهدفة إلا من الأشرار فقط، والأشرار منبوذون في كل مكان، يستخدمهم أصحاب المآرب السياسية، ثم إذا فرغوا منهم، رموهم في الطريق، وقالوا أميطوا الأذى عن الطريق، فإن ذلك من شعب الإيمان. وأما سبب معاداة من يعادي المملكة من الأشقياء، ففيه تفصيل، وبيانه كما يلي: 1 - إن كان الذي يعادي المملكة العربية السعودية من غير المنتسبين للعلم والدين، فسبب عداوته معروف، فقد دلّ الدليل من الكتاب والسنة أن كل من جاء بمثل ما جاءت به الرسل من الدعوة إلى التوحيد فإنه يُعادَى ويُؤذَى من أعداء الإسلام، هذه سنة الله، والمملكة بحمد الله دعت إلى ما دعا إليه رسول الله من التوحيد، بل وأُسِّسَت على كلمة التقوى، ودعوة التوحيد من أول يوم ولا تزال بحمد الله، فطبيعي أن يعاديها أعداء الإسلام، ولكنهم مخذولون، وناصر التوحيد منصور، بدليل قوله تعالى ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد). 2 - أما إن كان الذي يُعادي المملكة العربية السعودية، من المنتسبين للعلم والتدين، فالسبب في نظري هو ظهور طريقة في الدعوة لم تكن معروفة في بلادنا، فالمعروف في بلادنا هو وجود علماء يُدَرِّسون في المساجد العلوم الشرعية على طريقة السلف، ليس لهم مطامع سياسية، بل يقررون في دروسهم علوم الشريعة، ويذكرون أيضاً في دروسهم أن من أصول الاعتقاد: السمع والطاعة لولاة الأمور بالمعروف، وعدم منازعتهم الأمر، وإذا انتهى الدرس انصرف كلٌ إلى بيته، الشيخ والطلاب، فلا تجمعات حزبية، ولا استراحات يقال فيها ما لا يقال في المساجد، ولا رحلات يتدرب فيها على العنف، ولا قراءة في كتب فكرية تخالف معتقد أهل السنة والجماعة، فكانت النفوس طيبة، ومحبة لدينها وبلادها وولاة أمرها، لأن هذا هو منصوص العقيدة التي يدرسونها، هذا هو المعهود في بلادنا. فجاء دعاة الإخوان أصحاب التهييج السياسي، ورأوا أن الجو مناسب لهم لتكوين التنظيمات والأسر والرحلات والجوالة وغيرها، على غرار ما أحدثوه من تنظيمات شريرة في بلادهم، ومن خلالها صاروا يقررون كتبا فكرية تملأ القلوب حقدا وغلاً على غير جماعتهم وحزبهم، وصاروا يكثرون من عبارات جديدة لم يعهدها أبناء هذه المملكة مثل (مواجهة الطواغيت - التجمعات السرية- العزلة الشعورية - الأناشيد الثورية التي تدعو للموت، وترحب بالسجون)، وبذلوا جهودا كبيرة في فصل الشباب عن العلماء الكبار الذين يدرسون في المساجد، ووصل بهم الأمر إلى اتهام العلماء بكل نقيصة، ثم صاروا يدندنون على مسألة «الحاكمية» ليتخذوها سلما للخروج والثورات، في هذا الجو الحركي المشحون بالتوجس المؤدي للتوحش، نشأ أفرادٌ أصبحوا فيما بعد أساتذة، فصار التخطيط الحزبي، والتهييج السياسي، هو منهجهم مع طلابهم يتوارثونه فيما بينهم، بل وأصابوا بلوثتهم الإخوانية والسرورية (بعض) طلاب المنح، يذهبون بهم لأنشطة غير صفية، وربما رحلات سياحة، أو عمرة، ويلقون إليهم ما تعلموه من قياداتهم الحركية، وكان أهم ما يركزون عليه التوجس من الدولة وعدم الثقة بها وبأي خير يصدر منها، ولذلك فإن داء الإخوان مرض عضال، من أصيب به أصبح مسعورا، كمن عضه الكلب المسعور، كما في الحديث (تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلَب بصاحبه) فيعوي، ويفجر في الخصومة، ويشتم بأبشع الألفاظ المنحطة كالمجنون والمسعور، لأن العقائد الفاسدة امتزجت به، كما يمتزج داء الكلَب بصاحبه، فلا يبقى منه عِرْقٌ ولا مفصل إلا دخله، والعياذ بالله، والواقع شاهد بذلك. فإن قيل: وهل لهذا البلاء والداء من دواء؟ فالجواب: نعم، فإنه ما من داء إلا له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله، وسيكون بيان ذلك في مقال قادم إن شاء الله.

مشاركة :