شهد قطاع غزة اليوم (الثلاثاء)، بدء خطوات لتخفيف الأزمة الإنسانية عقب موجة التوتر الأخيرة مع إسرائيل، وسط تحركات دبلوماسية لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار. وأدخلت السلطات المصرية عبر معبر رفح البري مع قطاع غزة قافلة ثانية من المساعدات إلى سكان القطاع ضمن مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لإعادة إعمار القطاع. وقالت مصادر فلسطينية إن قافلة ثانية موجهة من صندوق "تحيا مصر" دخلت إلى غزة مكونة من 20 حاوية محملة بأكثر من 500 طن مواد بناء وأدوات صحية. وبحسب المصادر فإن قافلة مصرية مماثلة من المساعدات دخلت يوم أمس الإثنين مكونة من 130 حاوية عبر معبر رفح. يأتي ذلك فيما سمحت إسرائيل اليوم بإدخال معدات إنسانية إلى غزة وفتح مسافة الصيد البحر قبالة شواطئ بحر القطاع لأول مرة منذ انتهاء موجة العنف مع الفصائل الفلسطينية المسلحة. وقال زكريا بكر منسق اتحاد لجان الصيادين في غزة لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن السلطات الإسرائيلية سمحت للصيادين بدخول البحر لمسافة 6 أميال من شمال القطاع حتى جنوبه. وذكر بكر، أن القرار الإسرائيلي جاء بعد منع الصيادين من نزول البحر استمر 15 يوما، معتبرا أن الخطوة من شأنها إعادة الحياة لأكثر من 4 آلاف صياد يعتاشون من وراء مهنة الصيد. وقال بيان صادر عن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس الليلة الماضية، إنه بموافقة القيادة السياسية تقرر السماح بإدخال معدات إنسانية فقط إلى غزة اعتباراً من يوم غد الثلاثاء عبر معبر (كرم أبو سالم / كيرم شالوم) التجاري الوحيد. وذكر البيان أن المعدات عبارة عن معدات طبية وغذاء وأدوية ومحروقات للقطاع الخاص، لافتا إلى أنه في الوقت الحاضر لن يكون من الممكن تصدير البضائع من قطاع غزة. بالإضافة إلى ذلك تقرر السماح بنقل المرضى وموظفي المنظمات الدولية والصحفيين الأجانب عبر معبر (إيرز/ بيت حانون) شمال قطاع غزة، بحسب البيان. وجاء في البيان أن "الإجراءات المدنية الأساسية التي يوافق عليها المستوى السياسي مشروطة باستمرار الهدوء والاستقرار الأمني" في قطاع غزة. وكان غانتس صرح قبل أيام بأن المخطط الإسرائيلي بعد موجة التوتر الأخيرة في غزة يشمل "في البداية فتح جزئي للمعابر، سنتيح لغزة الحاجات الإنسانية الأولية، أقل مما كان الوضع عليه قبل العملية العسكرية الأخيرة". وتوقفت موجة التوتر بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية على رأسها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة فجر الجمعة الماضي برعاية مصرية بعد 11 يوما من التصعيد الميداني. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة الليلة الماضية ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين في القطاع إلى 253 إثر موجة التوتر الأخيرة مع إسرائيل من بينهم 66 طفلا و39 امرأة و17 مسنًا، بينما بلغ عدد الجرحى 1948 إصابة بينهم حالات خطيرة. في هذه الأثناء، اشتكت شركة توزيع الكهرباء في غزة، اليوم من أن السلطات الإسرائيلية تواصل إعاقة أعمال صيانة خطوط الكهرباء الواردة إلى القطاع، وعدم السماح للطواقم المختصة بالوصول لأماكن الأعطال وإصلاحها، بالإضافة إلى منع إدخال الوقود لمحطة التوليد الوحيدة. وقال بيان صادر عن الشركة إن "نقص الكهرباء الشديد المرتبط بإجراءات إسرائيل غير الإنسانية، والطلب المتزايد على الكهرباء وعدم القدرة على تلبية الضغط المتواصل". ونبه البيان إلى أن ذلك "ينذر بشكل غير مسبوق باحتمال انهيار كامل للمنظومة الصحية في غزة، والمرافق الحيوية الأخرى، مثل: قطاع المياه، والصرف الصحي". يأتي ذلك فيما تشهد المنطقة زخما دبلوماسيا لدعم جهود تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل. وفي هذا الصدد، وصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين لأول مرة منذ توليه منصبه إلى إسرائيل واجتمع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وصرح بلينكين عقب اللقاء بأن مباحثاته تستهدف إظهار التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل، والبدء بالعمل من أجل استقرار أكبر، دعم ومساعدات إنسانية ملحة وإعادة إعمار لغزة، إلى جانب مواصلة بناء العلاقات مع السلطة الفلسطينية. وأكد ضرورة العمل من أجل منع العودة إلى العنف، بما في ذلك الاعتناء بسلسلة من المواضيع بينها مساعدات دولية لغزة، والعمل مع الشركاء من أجل ضمان ألا تربح حركة حماس من إعادة إعمار غزة. من جهته، هدد نتنياهو بأنه "إذا هاجمت حماس مرة أخرى، سنرد بقوة شديدة"، مشيرا إلى أنه بحث مع الوزير الأمريكي "طرق لتحسين حياة الفلسطينيين وتحسين الوضع الإنساني في غزة". وسيتوجه وزير الخارجية الأمريكي في وقت لاحق اليوم إلى مدينة رام الله في الضفة الغربية للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس. بموازاة ذلك، استقبل عباس في رام الله وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وأكد أن التهدئة في غزة يجب أن تشمل وقف "اعتداءات" إسرائيل في القدس والضفة الغربية. من جهته، أكد الصفدي أهمية تحقيق التهدئة لتشمل الضفة الغربية وغزة والعمل على إعادة الإعمار في قطاع غزة والإسراع بالانتقال لحل سياسي وفق قرارات الشرعية الدولية يؤدي إلى إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وكان عباس اجتمع أمس في رام الله مع وزير الخارجية المصري سامح شكري وبحثا الجهود المصرية لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وحذرت أوساط إسرائيلية من أن وقف إطلاق النار في قطاع غزة "ليس مستقرا"، في ظل التركيز الإسرائيلي على صيغة "الهدوء مقابل الهدوء". وقال المحلل العسكري في صحيفة (معاريف) العبرية طال ليف رام، إن "التوتر الأمني ما زال قائما واحتمال استئناف إطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة سيناريو معقول، إذ أن الهدوء في الأيام الأخيرة مؤقت". وذكر رام أن "أجهزة الأمن الإسرائيلية ترى احتمال تجدد التوتر واردا بسبب عزم إسرائيل تغيير سياسة رد الفعل على إطلاق قذائف صاروخية ونظام نقل أموال المساعدات إلى القطاع" ليصبح عن طريق السلطة الفلسطينية. وسبب آخر لاحتمال تصاعد التوتر، حسب ليف رام، هو أن "إسرائيل تريد اشتراط استمرار الترميم الاقتصادي للقطاع والاستثمار في مشاريع دولية بتعهد حماس وتقدم في حل قضية الأسرى والمفقودين"، أي صفقة تبادل أسرى وفقا للشروط الإسرائيلية التي ترفض مطالب حماس في القضية. وأشار ليف رام إلى أن "الفجوات بين إسرائيل وحماس ما زالت كبيرة جدا، وليس بمقدور الوسطاء المختلفين، وخاصة المصريين الذين يعملون طوال الوقت من وراء الكواليس، الجسر بين الجانبين".
مشاركة :