لازالت مأساة قوارب الموت التي تقل مهاجرين غير شرعيين إلى أوروبا مستمرة رغم النداءات المتعددة بتوفير حماية لهؤلاء تكفل حقوقهم وكرامتهم وتحفظ حياتهم بالدرجة الأولى. وأعادت صور مروعة نشرت مؤخرا لجثث أطفال صغار جرفتهم الأمواج على شاطئ ليبيا بعد حطام سفن كانت تقل عدداً من المهاجرين، إلى الاذهان، صورة الطفل السوري إيلان كردي التي هزات قبل سننوات العالم، متحولة إلى أيقونة ترمز إلى معاناة اللاجئين والمهاجرين في قوارب الموت هذه. وأوضح مؤسس منظمة Open Arms غير الحكومية أوسكار كامبز في تغريدة على تويتر، أن الجثث بقيت على الشاطئ لمدة تفوق الثلاثة أيام، من دون أن يتم انتشالها. ولاقت هذه الصور القاسية كذلك ردور فعل عدة من حقوقيين وسياسيين أوروبيين، حيث قالت المحامية الإيطالية ورئيسة كتلة تيار "إيطاليا حية" ماريا ايلينا بوسكي في دوينة على حسابها على فيسبوك "جثث ا لأطفال الصغيرة على شواطئ ليبيا صفعة على الوجه". كما أضافت "لا داعي لتغمض عينيك، فهذه الصور تبقى محفورة في الضمير، قررنا مع حكومة رينزي استعادة جثث المهاجرين في قاع البحر لمنحهم دفنا لائقا بهم بعد غرق سفينة، لقد تلقينا الكثير من الانتقادات والاهانات لهذا الاختيار، لكنني فخورة بذلك....هذه الصور تؤلمني، لهذا السبب لا يمكن أن أدير رأسي، هؤلاء الاطفال يمكن ان يكونو اطفالنا". ممارسات مرفوضة وحضت الأمم المتحدة أمس، الاتحاد الأوروبي وليبيا على تغيير ممارساتهم حيال المهاجرين في المتوسط. كما دعت ليبيا والاتحاد الأوروبي الى إصلاح عمليات البحث والإنقاذ في البحر المتوسط، مؤكدة أن الممارسات الحالية تحرم المهاجرين من حقوقهم وكرامتهم، حين لا تؤدي الى خسارة أرواحهم. وجاء في تقرير لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان حول عمليات البحث والانقاذ وحماية المهاجرين في المتوسط، نشر الأربعاء، أن السياسات والممارسات المطبقة "تفشل في إعطاء الأولوية لحياة وسلامة وحقوق الانسان للاشخاص الذين يحاولون العبور من افريقيا الى أوروبا". معاناة حتمية وردا على التقرير، دعت مفوضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه ليبيا والاتحاد الأوروبي إلى القيام فوراً بإصلاح سياسات وممارسات البحث والإنقاذ المُعتَمَدة حالياً في وسط البحر الأبيض المتوسط. وقالت باشليه إن "المأساة الحقيقية هي أنّه يمكن منع الكثير من أشكال المعاناة وحالات الموت التي يشهدها وسط البحر الأبيض المتوسط". إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن الدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي قلصت بشكل كبير عمليات البحث والإنقاذ فيما "مُنعت المنظمات الإنسانية غير الحكومية من تنفيذ عمليات الإنقاذ المنقذة للحياة". وقال "بالإضافة إلى ذلك، تتجنب السفن التجارية الخاصة بشكل متزايد مساعدة المهاجرين المعرّضين للخطر بسبب الجمود والتأخير في إنزالهم في ميناء آمن في نهاية المطاف". وجاء في التقرير أيضا "شجعت وكالة حرس الحدود وخفر السواحل الأوروبية (فرونتكس) والقوة البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي من أجل البحر الأبيض المتوسط (عملية إيريني) والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، خفرَ السواحل الليبي على تولي مزيد من المسؤولية عن عمليات البحث والإنقاذ في المياه الدولية". يذكر أنه في العام 2020، اعترض خفر السواحل الليبي ما لا يقل عن 10,352 مهاجراً في البحر وأعادهم إلى ليبيا، مقارنة مع 8,403 مهاجراً على الأقل في العام 2019. وتوفي حتى الآن هذا العام ما لا يقل عن 632 مهاجراً في البحر المتوسط، وفقاً لتقرير من مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يقع في 37 صفحة ويحمل عنوان "تجاهل قاتل"، ويصف الأمر بأنه "مأساة إنسانية على نطاق واسع".
مشاركة :