مازالت مأساة قوارب الموت التي تقل مهاجرين غير شرعيين إلى أوروبا مستمرة رغم النداءات المتعددة بتوفير حماية لهؤلاء، تكفل حقوقهم وكرامتهم وتحفظ حياتهم بالدرجة الأولى. وأعادت صور مروعة نشرت مؤخرا لجثث أطفال صغار جرفتهم الأمواج على شاطئ ليبيا بعد حطام سفن كانت تقل عدداً من المهاجرين، إلى الأذهان، صورة الطفل السوري إيلان كردي التي هزت قبل سنوات العالم، متحولة إلى أيقونة ترمز إلى معاناة اللاجئين والمهاجرين في قوارب الموت هذه. وأوضح مؤسس منظمة Open Arms غير الحكومية أوسكار كامبز في تغريدة على تويتر، أن الجثث بقيت على الشاطئ لمدة تفوق الثلاثة أيام، من دون أن يتم انتشالها. وتُظهر أحد الصور جثة طفل ممدة على الشاطئ، وأخرى لطفل يبلغ من العمر ربما ثلاث أو أربع سنوات، ممدداً أيضاً على الرمال وبطنه منتفخة، وفق ما نشرت صحيفة “تلغراف” البريطانية. كما يبدو أن كلا الجثتين الصغيرتين مغطيتان جزئياً بالرمال، ما يشير إلى أنهما تركتا على الشاطئ لبعض الوقت، ويبدو أن وجه الطفل نصف مدفون في الرمال، وكانت هناك صورة ثالثة، على ما يبدو لامرأة، ميتة أيضاً على الشاطئ ومغطاة بملاءة. ويعتقد أن الأطفال كانوا ضحايا لواحدة من السفن المليئة بالمهاجرين واللاجئين التي تحاول الوصول إلى إيطاليا أو مالطا من الساحل الليبي، لكن أسماءهم وجنسياتهم لم تعرف، وفق الصحيفة. إلى ذلك، نشرت عدة صحف إيطالية الصور على صفحاتها الأولى، مع عناوين مثل “الذبح اللامتناهي للأطفال الذي لا يريد أحد منا رؤيته”، ولاقت هذه الصور القاسية كذلك ردور فعل عدة من حقوقيين وسياسيين أوروبيين، حيث قالت المحامية الإيطالية ورئيسة كتلة تيار “إيطاليا حية” ماريا إيلينا بوسكي في دوينة على حسابها على فيسبوك “جثث الأطفال الصغيرة على شواطئ ليبيا صفعة على الوجه”. كما أضافت “لا داعي لتغمض عينيك، فهذه الصور تبقى محفورة في الضمير، قررنا مع حكومة رينزي استعادة جثث المهاجرين في قاع البحر لمنحهم دفنا لائقا بهم بعد غرق سفينة، لقد تلقينا الكثير من الانتقادات والإهانات لهذا الاختيار، لكنني فخورة بذلك… هذه الصور تؤلمني، لهذا السبب لا يمكن أن أدير رأسي، هؤلاء الأطفال يمكن أن يكونوا أطفالنا”. وحضت الأمم المتحدة أمس، دول الاتحاد الأوروبي وليبيا على تغيير ممارساتهم حيال المهاجرين في المتوسط. كما دعت ليبيا والاتحاد الأوروبي إلى إصلاح عمليات البحث والإنقاذ في البحر المتوسط، مؤكدة أن الممارسات الحالية تحرم المهاجرين من حقوقهم وكرامتهم، حين لا تؤدي إلى خسارة أرواحهم. وجاء في تقرير لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان حول عمليات البحث والإنقاذ وحماية المهاجرين في المتوسط، نشر الأربعاء، أن السياسات والممارسات المطبقة “تفشل في إعطاء الأولوية لحياة وسلامة وحقوق الإنسان للأشخاص الذين يحاولون العبور من إفريقيا إلى أوروبا”. وردا على التقرير، دعت مفوضة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه ليبيا والاتحاد الأوروبي إلى القيام فوراً بإصلاح سياسات وممارسات البحث والإنقاذ المُعتَمَدة حالياً في وسط البحر الأبيض المتوسط. وقالت باشليه إن “المأساة الحقيقية هي أنّه يمكن منع الكثير من أشكال المعاناة وحالات الموت التي يشهدها وسط البحر الأبيض المتوسط”. إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قلصت بشكل كبير عمليات البحث والإنقاذ فيما “مُنعت المنظمات الإنسانية غير الحكومية من تنفيذ عمليات الإنقاذ المنقذة للحياة”. وقال “بالإضافة إلى ذلك، تتجنب السفن التجارية الخاصة بشكل متزايد مساعدة المهاجرين المعرّضين للخطر بسبب الجمود والتأخير في إنزالهم في ميناء آمن في نهاية المطاف”.
مشاركة :