بيروت - تعرض مقاتلون سوريون لـ"الاستغلال" من أطراف دفعت بهم إلى القتال كمرتزقة في ليبيا وناغورني قرة باخ، خصوصا عبر "سرقة رواتبهم" وحرمان عائلاتهم من تعويضات وعدوا بها في حال إصابتهم أو مقتلهم، وفق ما أفاد تقرير لمنظمتين حقوقيتين الخميس. ومنذ نهاية العام 2019، أرسلت تركيا وروسيا الآلاف من المقاتلين السوريين للقتال كمرتزقة لصالح أطراف تدعمانها في ليبيا وناغورني قرة باخ. وذهب هؤلاء مقابل وعود برواتب بالدولار أو تعويضات لعائلاتهم، خصوصا من الفصائل الموالية لأنقرة، والمتهمة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في شمال سوريا. وأجرت منظمتا "المركز السوري للعدالة والمساءلة" ومنظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" دراسة حول مسار "الاستغلال الاقتصادي لتجنيد المرتزقة" في سوريا، عبر شبكات من السماسرة والمجموعات المسلحة. واعتمدت تركيا بشكل رئيسي على مقاتلي الفصائل الموالية لها في شمال وشمال غرب سوريا، لدعم حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من الأمم المتحدة في ليبيا، ودعم القوات الأذرية في ناغورني قرة باخ. وقال المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة محّمد العبدالله في بيان إن "مشاركة مرتزقة سوريين في القتال في الخارج تؤدي إلى إثراء وتقوية بعض الجماعات المسلحة الأكثر إجراما في سوريا نفسها، لاسيما الجماعات المدعومة من تركيا في الشمال الغربي". وأفاد التقرير بأن "الشكل الرئيسي الذي اتخذه هذا الاستغلال هو السرقة المنهجية للرواتب، حيث تعرض المقاتلون الفرديون للاحتيال بانتظام من كبار الشخصيات في الجيش الوطني السوري"، الذي تنضوي فيه الفصائل الموالية لأنقرة. ودعا المدير التنفيذي لـ"سوريون من أجل الحقيقة والعدالة" بسام الأحمد، المجتمع الدولي إلى "محاسبة الدول والشركات والجماعات المسلحة الأكثر مسؤولية عن تجنيد المرتزقة". للل ونقل التقرير عن مقاتل اتهامه فرقة السلطان مراد، الموالية لأنقرة، بالاستيلاء على راتبه هو ورفاقه. وقال "قضينا ثلاثة أشهر دون أن نتقاضى راتبا، وبعدما طلب كل منا سلفة قدرها 300 دولار، أعطونا مئة دولار واحتفظوا بالباقي". وفي ناغورني قرة باخ، وثّق التقرير أيضا "سرقة الرواتب" رغم "تدفق التمويل التركي". ونقل عن سمسار قوله إن تركيا عرضت رواتب شهرية قدرها ثلاثة آلاف دولار وتعويضا بقيمة 75 ألفا للعائلات في حال وفاة المقاتل، لكن "الجماعات المسلحة دائما ما تخرق العروض وتعطي المقاتلين رواتب تتراوح بين 800 و1400 دولار". كما دفعت في أحيان كثيرة الرواتب بالليرة التركية لا الدولار. وسواء في ليبيا أو ناغورني قرة باخ، وثّق التقرير "الاحتيال" على عائلات المجندين عبر "حجب التعويض المالي" عنهم إن كان جزئيا أو كليا، بعد مقتل أبنائهم. ولم يُمنح جرحى المعارك كامل تعويضاتهم أو أجزاء منها. وكون تلك السرقات تعد مصدرا رئيسيا للمال، "تنافست كل من الجماعات المسلحة على تسجيل أكبر عدد من المقاتلين"، وفق التقرير. ووصل الأمر إلى طرد فصائل سورية لمقاتلين من صفوفها ومن أماكن سكنهم لمجرد رفضهم السفر. وساهم خفض الرواتب أو التعويضات في زيادة مستوى "الجريمة". وأوضح العبدالله أن "خفض راتب مقاتل يجد نفسه أساسا فوق القانون، يدفعه أكثر نحو السرقة والنهب والتعفيش ومصادرة الملكيات"، متحدثا عن توثيق "اتجار بالجنس وخطف في ليبيا". ولجأت روسيا، وفق التقرير، أيضا إلى "الخداع" لتجنيد مقاتلين. وكان السماسرة، وبينهم شيوخ قبائل، يعرضون رواتب تتراوح بين ألف وألفي دولار من دون تعويضات في حالة الوفاة. ونقل التقرير عن نقيب في إحدى المجموعات المدعومة من موسكو، قوله إن أولئك الذين تم تجنيدهم إلى ليبيا ثم إرسالهم إلى أرمينيا "لم يتم إبلاغهم بالكامل بتفاصيل العملية".
مشاركة :