خاص بـ DW: سكان غزة يبحثون عن أجوبة وسط أنقاض ضربات الجيش الإسرائيلي

  • 5/28/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

اسفر التصعيد الأخير بين إسرائيل وحماس عن مقتل وجرح مئات الفلسطينيين في قطاع غزة جراء ضربات الجيش الإسرائيلي. وتثير هذه الحصيلة الكثير من التساؤلات حيال استهداف المساكن، وما إذا كانت إسرائيل ستسمح بإعادة إعمار القطاع؟ الدمار الذي لحق بحي الرمل في شارع الوحدة بغزة جراء الغارات الإسرائيلية "أنقاض رمادية وقطع معدنية وملابس ممزقة وذكريات الذين قتلوا"..بهذه الكلمات الموجعة يخلص الغزاوي عدلي الكولاك ما تبقى مما كان يوما ما مبان سكنية ومحال التجارية في غزة. يتلقى الكولاك العزاء في مقتل شقيقه وأقاربه، داخل خيمة عزاء أقامتها عائلته أمام أنقاض المنزل المدمر. وتعرض الكولاك لفاجعة كبيرة بعد مقتل 21 شخصا من أقاربه جراء الغارات الإسرائيلية خلال الساعات الأولى من السادس عشر من مايو/ آيار الجاري. ويعيش الكولاك في منزل مجاور للمبنى الذي تعرض للقصف الإسرائيلي، مؤكدا "اعجز عن وصف مشاعري." ويضيف "مشاعري مختلطة ما بين اكتئاب وحزن وخوف. لا استطيع فهم واستيعاب ما حصل فأنا في حالة صدمة. لقد تم تدمير المبنى في أقل من دقيقتين أو ثلاثة ليتم تسويته بالأرض ويصبح أقاربي تحت الأنقاض". ويقول إنه لا يزال يسمع صرخات الاستغاثة من تحت الأنقاض لاقاربه بينهم أطفال، مشيرا إلى أن عددا قليلا منهم تمكن من الخروج حيا. وفي حسرة، حمل وجه الكولاك تساؤلات عدة جراء ما وقع لعائلته واقاربه. وتسائل قائلا "ماذا ارتكب طفل لم يتجاوز عمره ستة أشهر؟ هل أطلق صورايخ على إسرائيل". عدلي الكولاك والعديد من أمثاله فقدوا الكثير من أقاربهم جراء القصف الإسرائيلي الذي دمر بيوتهم في قطاع غزة "كنا نتحدث عبر الهاتف" وعلى بعد خطوات في شارع الوحدة بغزة، يقع منزل عائلة أبو عوف الذي  تعرض للقصف الإسرائيلي   ما أسفر عن مقتل فتاة من أفراد العائلة تسمى شيماء أبو عوف. ويصف خطيبها أنس ما وقع في هذا اليوم، قائلا "كنا نتحدث عبر الهاتف في النهار وفي المساء سمعنا أصوات ضوضاء مزعجة لينقطع الاتصال. ارسلت لها رسالة، لكنها لم ترد". ويضيف "سمعت بعد ذلك أن المنطقة تعرضت للقصف". ويشير إلى أن الأمر استغرق أكثر من عشر ساعات ليجد خطيبته في المشرحة بعد أن لقت حتفها في القصف. ويقول أنس "عندما رأيتها، كانت الابتسامة تعلو وجهها. شعرت وكأني طُعنت بسكينة، لكنها الآن في مكان أفضل". ولم تلق شيماء حتفها في الغارة لوحدها بل أيضا قُتل العديد من أقاربها ومن بينهم والدها أيمن الذي كان رئيس قسم الباطنة في مستشفى الشفاء وكان يشرف على المختبر الخاص باختبارات فيروس كورونا وعلاج حالات الإصابة به في المستشفى. ويقول زميله الطبيب خالد قدوره "كنا نطلب النصحية والاستشارة إذا احتجنا أي شي"، مشيرا إلى أن الجميع في المستشفى في حالة صدمة لمقتل أيمن أبو عوف. وأثار مقتل هذا العدد الكبير من المدنيين في شارع الوحدة، تساؤلات عدة حيال استهداف المباني السكنية. وأسفر التصعيد الذي استمر أحد عشر يوما عن مقتل 248 فلسطينيا بينهم عشرات المسلحين، لكن حصيلة القتلى تضم على الأقل 66 طفلا. ووفقا لمسؤولي الصحة فإن أكثر من 1900 شخصا أصيبوا خلال القصف الإسرائيلي لقطاع غزة. في المقابل، قُتل 12 شخصا بينهم جندي وطفل جراء إطلاق صواريخ وقذائف هاون من غزة على مناطق مدنية في إسرائيل. وبينما تنعي الأسر مقتل أفرادها، يسعى أخرون إلى  استعادة حياتهم مرة أخرى   رغم الصدمة جراء شدة وضراوة الغارات التي استهدفت القطاع ورغم صغر مساحته. وبعد ساعات من دخول الهدنة حيز التنفيذ الجمعة الماضية، هرع سكان غزة إلى الشوارع لتبضع وشراء احتياجاتهم الاساسية أو لتفقد أثار الدمار في مناطق سكنهم. ويرى العديد من السكان أن مشاهد الدمار والقتل باتت مألوفة في القطاع الذي شهد ثلاثة حروب والعديد من جولات تصعيد بين حماس وإسرائيل خلال العقد الماضي. ووسط هذا الدمار الكبير، خرجت حركة حماس التي تسيطر على القطاع منذ 2007، لتعلن انتصارها. ويقول طارق فرانجي "أنا ممتن لأني لم اتعرض للإصابة خلال هذه الحرب. لكني في حيرة فحتى الأن لا استطيع وصف حالتي هل يجب أن اكون سعيدا أو حزينا. حقيقة أنا في حالة ارتباك بشكل كامل". أما سوزان أبو شعبان، فرحبت بوقف إطلاق النار لكنها لا تعتقد أن هذا الأمر سيحدث بالضرورة تغييرا على أرض الواقع." ولا تتوقع سوزان  تخفيف الحصار على القطاع   أو قيود السفر، مضيفة "لن يحدث أي تحسن. اعتقد أن العديد من سكان غزة يفضلون مغاردته إذا استطاعوا ذلك". بعد الهدنة، تستمر جهود البحث عن ناجين تحت الأنقاض في وقت يلجأ في الكثيرون للشاطئ بحثا عن الأمان "عقاب جماعي" وسوف تأخذ عملية إعمار قطاع غزة الكثير من الوقت نظرا إلى حجم الدمار والضرر الذي لحق بالقطاع. فوفقا للأمم المتحدة، فإن أكثر من 750 وحدة سكنية باتت غير صالحة للسكن فيما تضررت المئات من الوحدات السكنية والتجارية. كذلك أدى التصعيد الأخير إلى تشريد أكثر من 70 ألف شخص من منازلهم رغم أن غالبيتم قد عاد إليها. وادى القصف إلى تدمير 53 مدرسة و11 عيادة للرعاية الطبية الأولية إلى جانب خطوط المياه والصرف الصحي والكهرباء. تزامن هذا مع ارتفاع معدلات البطالة والفقر في القطاع الذي فرضت عليه مصر وإسرائيل حصارا منذ أكثر من 14 عاما فيما شددت إسرائيل سيطرتها على الحدود البرية والبحرية والجوية للقطاع عقب سيطرة حماس عليه بالقوة والإطاحة بالسلطة الفلسطينية في عام 2007. ويصف سكان غزة هذا الحصار باعتباره "عقابا جماعيا" ويتوقع أن يستمر تعقيد استيراد مواد البناء ومروها عبر معبر كرم أبو سالم مع إسرائيل التي ستسمر في حظر دخول المواد التي تعتبرها "ذات استخدام مزدوج" في إشارة إلى البضائع التي يمكن استخدامها في إعادة البناء أو لأغراض مسلحة مثل بناء الانفاق. وعقب حرب عام 2014، أقدمت الدول المانحة على إنشاء آلية خاصة بإعادة أعمار قطاع غزة ما سمح للحكومات التي تصنف حماس "منظمة إرهابية" بالمساهمة في جهود إعادة الإعمار من دون التعامل مع حماس بشكل مباشر. عيادة لمنظمة أطباء بلا حدود تعرضت لأضرار كبيرة بعد غارة اسرائيلية استهدفت مبنى قريب منها من جانبه، يقول الدكتور محمد أبو مغيصيب، نائب المنسق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود في غزة، إن جهود أعادة الأعمار هذه المرة "ستكون ضخمة." وقالت المنظمة إن وحدة للتعقيم وغرفة انتظار تديرها في غزة تضررت جراء غارة إسرائيلية استهدفت مبنى قريب. واضاف أبو مغيصيب أن الأمر يتخطى ذلك، مشيرا إلى الاضرار النفسية التي أصابت سكان قطاع غزة. وفي ذلك، قال "اعتقد أن مليوني شخص في غزة سيعانون من مشاكل نفسية كبيرة خلال السنوات المقبلة. القتال كان عنيفا حتى أن الأحد عشر يوما مرت وكأنها أحد عشر عاما". وبالعودة إلى الدمار   الذي لحق بشارع الوحدة في غزة، فقد جذب انتباه المارة صوت خافت لقطة تستغيث لإخراجها من تحت الانقاض لذا تم الاستعانة بمحمود الذي يدير مأوى صغيرا للقطط في غزة. وحدد محمود مكان القطة لكنها لا تزال تحت الانقاض. ويقول محمد "لا تزال القطة حية وفي صحة جيدة. سنخرجها اليوم. لكن حتى بالنسبة لهذه القطة الصغيرة فلا يوجد مكان أمن لها في قطاع غزة". تانيا كريمر /  م ع

مشاركة :