بعنفوان الشباب، ينطلق الأديب والمترجم الهندي محمد رافع (مواليد 2002)، إلى فضاءات اللغة العربية، شغوفا بحرفها، وجمال نطقها، ولذتها التي يجد فيها فرادة استحقت مشقة تعلمها واتقانها، ليكون رسولا من لغته الأم (الماليالامية)، إلى لغته المعشوقة (العربية)، وبين هاتين اللغتين، علاقة وطيدة، توطدت أواصرها منذ وطأ التجار العرب شواطئ الهند، بقصد التجارة. عن هذه التعلق باللغة العربية، وكتابة القصائد باستخدام كلماتها، ودراستها، والترجمة إليها، استضافت «أسرة الأدباء والكتاب» محمد رافع، للحديث عن «الشعر والترجمة من الماليالامية إلى العربية»، مساء الأحد (23 مايو)، عبر حوار رقمي، أجراه الشاعر كريم رضي، وشارك فيه عدد من أعضاء الجمعية. يبين رافع بأن علاقته باللغة العربية بدأت «منذ نعومة أظفاري»، إذ كانت البداية، وكأية بداية، صعبة ومليئة بالتحديات التي توجب على ابن الهند تجاوزها، من النحو والصرف، إلى مخارج الحروف على مستوى النطق، وصولا للإملاء على مستوى الكتابة، بيد أن رافع واجه هذه التحديات «بالعمل والممارسة المكثفة، التي مكنتني من التغلب على تلك التحديات، إذ كنت مدفوعا بحبي لهذه اللغة، ثم بعد ذلك، حبي للشعر، حيث قرأت كتب الشعر العربية، بدءا بالشاعر البحريني إبراهيم العريض، الذي نشأ في الهند، وقضى فيها شطرا كبيرا من حياته، لتأخذني هذه القراءات إلى التوسع في قراءة الشعر العربي قديمه وحديثه، ومن ثم السرد العربي، من روايات حديثة، تصدر في مختلف الأصقاع العربية». يكتب رافع قصائده الحرة باللغة العربية، كما يكتب المقالات، والقصص القصيرة، التي تمكن من خلالها أن يكون جزءا من المشهد الكتابي في العديد من الصحف الخليجية والعربية، التي نشر فيها، فيما شكلت وسائل التواصل الاجتماعي، جسرا لعبوره إلى فضاءات الترجمة، عبر نشره مجموعة من القصائد المترجمة لشعراء يكتبون بالماليالامية، خاصة الشاعر الهندي (وبين شاليبرمي)، الذي نشر له قصيدة مترجمة على صفحته الشخصية في «فيسبوك»، تلقى بعدها اتصالا هاتفيا من «دار الحرف للنشر والتوزيع» في المملكة السعودية، تطلب منه ترجمة المزيد، لنشرها ضمن كتاب، وهذا ما فعله عبر ترجمته لديوان «بعد الموت»، لـ(شاليبرمي)، والذي التزمت الدار بنشره، مؤكدا «قصائد الشاعر (شاليبرمي) ذات أبعاد فلسفية وجمالية، تستحق أن تنقل للعربية». منذ ذاك، أضحى رافع، واحدا من القلة النادرة التي تترجم من الماليالامية إلى العربية، «صحيح بأن هناك ترجمات من الماليالامية بيد أنها ترجمات غير مباشرة» كما يبين رافع، فهي تمر عبر وسيط لغوي آخر، كأن تترجم للعربية من الإنجليزية، «وقلما نجد ترجمات مباشرة كما أعمد في أعمالي»، مضيفا «أن هذا النوع من الترجمة، صعب جدا، إلى جانب صعوبات الترجمة التقليدية التي تفقد النص الأصلي بعض خصائص المعنى، والأحمال الثقافية والحضارية التي يحويها هذا المعنى». ورغم التأثر الكبير للعربية على اللغة الماليالامية إلا أن رافع يؤكد بأن الترجمة العكسية، من العربية إلى الماليالامية، صعبة جدا، «لهذا أفضل الترجمة من الماليالامية إلى العربية، وليس العكس»، حيث يشعر رافع بأن الترجمة إلى لغته الأم، تستدعي ثقلا ثقافيا يتواجب نقله مع الكلمة العربية. هذا وقرأ رافع خلال الأمسية الحوارية الرقمية، مجموعة من قصائده الشعرية التي كتبها باللغة العربية.
مشاركة :