تجري في الـ18 حزيران المقبل الصباح الجديد ـ وكالات: أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني امس الأربعاء أنه طلب من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي المساعدة في توفير «منافسة» أكبر في الانتخابات الرئاسية، بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور لشخصيات بارزة مرشحة. وتجري الجمهورية الإسلامية الدورة الأولى للانتخابات في 18 حزيران/يونيو، لاختيار خلف للمعتدل روحاني الذي لا يحق له دستوريا الترشح هذه المرة بعد ولايتين متتاليتين. ومن أصل نحو 600 شخص تقدموا بترشيحهم، صادق مجلس صيانة الدستور على أسماء سبعة فقط، بينهم خمسة من المحافظين المتشددين. وأثار إعلان الأسماء الثلاثاء انتقادات واسعة على خلفية هيمنة توجه سياسي واحد، واستبعاد شخصيات معروفة لها باع طويل في الحياة السياسية المحلية أو شغلت مناصب مهمة. وقال روحاني في كلمة متلفزة خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة اليوم «جوهر الانتخابات هو المنافسة، اذا حذفتم ذلك، تصبح جثة هامدة». وأضاف «بعثت برسالة الى القائد الأعلى أمس بشأن ما أفكر به، واذا كان قادرا على المساعدة» في ذلك، علما بأن المرشد هو الوحيد القادر قانونيا على إجازة خوض مرشحين المنافسة بعد رفضهم من مجلس صيانة الدستور. واستبعد المجلس، وهو هيئة غير منتخبة من 12 عضوا غالبيتهم من المحافظين، مرشحين بارزين مثل المحافظ المعتدل علي لاريجاني، الرئيس السابق لمجلس الشورى ومستشار خامنئي، والمحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد الذي تولى الرئاسة بين 2005 و2013، والإصلاحي اسحاق جهانغيري، النائب الأول لروحاني. وفي حين كان استبعاد أحمدي نجاد تكرارا لما واجهه في انتخابات 2017، شكل إقصاء لاريجاني الذي سبق له خوض الانتخابات الرئاسية عام 2005، إضافة الى جهانغيري، خطوة مفاجئة. وبقي الأبرز بين المرشحين النهائيين، رئيس السلطة القضائية المحافظ المتشدد ابراهيم رئيسي الذي يبدو الطريق ممهدا أمامه للفوز، بعد نيله 38 بالمئة من الأصوات لدى خوضه انتخابات عام 2017 التي فاز بها روحاني. وأبدى مسؤولون وصحافيون خشيتهم من أن تؤدي هيمنة اللون الواحد على المرشحين واستبعاد أسماء أساسية، الى امتناع كبير عن الاقتراع. وتعد نسبة المشاركة نقطة ترقب، بعد امتناع قياسي تجاوز 57 بالمئة في انتخابات البرلمان مطلع 2020 التي انتهت بفوز ساحق للمحافظين، بعد استبعاد المجلس آلاف المرشحين، العديد منهم كانوا من المعتدلين والاصلاحيين. وسأل روحاني «ما حصل لنسبة 98 بالمئة» في إشارة الى نسبة المشاركة الرسمية في استفتاء اعتماد مبدأ الجمهورية الإسلامية في العام 1979 بعد الثورة التي أطاحت بنظام الشاه. وتابع «لماذا تستمر هذه النسبة بالتناقص؟ 98 بالمئة من الناس قالوا إنهم يريدون الجمهورية الإسلامية. لماذا على هذا الرقم أن ينخفض مع مرور الوقت؟»، معتبرا أن المشاركة الواسعة «تضمن شرعية النظام (السياسي)». وتخول القوانين المرشد الأعلى، صاحب الكلمة الفصل في القضايا الكبرى، إجازة تقدم مرشحين استبعدهم مجلس صيانة الدستور. وسجّل ذلك في حالتي اثنين من الاصلاحيين في 2005. وشدد روحاني على أن خامنئي «يمكنه أن يتصرف كما يرى مناسبا، لأن الأمر يتعلق بمصالح البلاد، والعمل الذي يقوم به مجلس صيانة الدستور»، مضيفا أن «ما كان يمكن لنا القيام به هو أن نطلب منه، واذا رأى الأمر مناسبا، اتخاذ خطوة بهذا الشأن». وأثارت اللائحة النهائية انتقادات من أطراف مختلفة في توجهاتها السياسية. وسبق لمجلس صيانة الدستور أن تعرض لانتقادات لما يعتبره البعض ميلا لصالح المحافظين على حساب المعتدلين والاصلاحيين. واليوم، طرحت الصحف الإصلاحية والمعتدلة أسئلة حول مصير «الاصلاحات» في إيران بعد هيمنة المحافظين المتشددين على المرشحين السبعة، بينما دافعت تلك المحافظة عن اختيارهم. وسألت صحيفة «شرق» الإصلاحية «وداعا للإصلاح؟»، مضيفة «حتى أشد المشككين لم يتخيل أن يتم إبعاد جبهة سياسية بهذا الشكل». من جهتها، رأت «كيهان» القريبة من المحافظين المتشددين، أن «مجلس صيانة الدستور لا يمكن أن يتصرف على قاعدة المفاضلات الشخصية». وتابعت في افتتاحيتها «من المهم أن تكون نسبة المشاركة في أقصاها في 18 حزيران/يونيو، لكن هذه المسؤولية لا تقع على عاتق مجلس صيانة الدستور بمفرده». وكررت الصحيفة انتقاداتها للسياسة الاقتصادية لحكومة روحاني التي تجمع بين المعتدلين والاصلاحيين، قائلة إن «المسؤولين عن المشاركة هم الذين يتسببون بصفوف الانتظار أمام متاجر» بيع المواد الغذائية المدعومة. اعتمد روحاني منذ توليه منصبه عام 2013 سياسة انفتاح على الغرب، كان أبرز نتائجها ابرام اتفاق مع القوى الكبرى عام 2015 بشأن البرنامج النووي للجمهورية الإسلامية. وأتاح الاتفاق رفع العديد من العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة على إيران، في مقابل خفض أنشطتها النووية وضمان سلميتها. لكن مفاعيله انعدمت تقريبا منذ قرار واشنطن الانسحاب أحاديا منه عام 2018، وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران، انعكست سلبا على وضعها الاقتصادي وسعر صرف العملة المحلية. وشهدت البلاد موجتي احتجاجات لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى، وذلك في شتاء 2017-2018 وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2019، استخدمت السلطات الشدة في التعامل معها. تخوض طهران والقوى الكبرى مباحثات حاليا في فيينا سعيا لإحياء الاتفاق، تشارك فيها واشنطن بشكل غير مباشر ودون الجلوس الى طاولة واحدة مع الوفد الإيراني، مع تولي الأطراف الآخرين المنضويين في الاتفاق، التنسيق بين الجانبين.
مشاركة :