توقع محللون نفطيون أن تواصل أسعار النفط الخام مكاسبها السعرية خلال الأسبوع الجاري بعدما اختتمت الأسبوع الماضي على صعود بنحو 5 في المائة نتيجة بيانات الاقتصاد الأمريكي القوية، وتوقعات انتعاش الطلب العالمي مع تعافي حركة السفر والطيران والتنقل حول العالم. وأوضحوا لـ «الاقتصادية» أن الزيادات المحتملة في المعروض النفطي ذات تأثير محدود على السوق بحسب أغلب التحليلات الدولية، وأن أساسيات السوق تتجه إلى مزيد من التوازن ويرجح معه استمرار تمسك "أوبك +" في اجتماعها الوزاري الشهري، غدا الثلاثاء، بقرار الاستمرار في الزيادات التدريجية في شهور الصيف لمواكبة تعافي الطلب بإضافة مليوني برميل يوميا بحلول أيار (يوليو) المقبل. وذكر محللون أن حالة من الحذر في التعامل مع تطورات السوق تهيمن على أداء كل المنتجين في المرحلة الراهنة، سواء من هم في تجمع "أوبك +" أو خارجها - وبحسب بعض التقارير الدولية - فإنه لأول مرة منذ عقود لا تتعجل شركات النفط لزيادة الإنتاج استجابة لحالة ارتفاع أسعار النفط الحالية مع اقتراب خام برنت من 70 دولارا للبرميل، وقد امتد هذا الحذر إلى منتجي النفط الصخري الأمريكي، الذين كانوا في فترات سابقة هم الأسرع في الاستجابة لصعود الأسعار. وأضافوا أنه من المتوقع أن تؤتي حملات التطعيم ضد وباء كورونا ثمارها على نحو واسع خلال شهور قليلة قادمة وعندها سيحتاج العالم إلى مزيد من الإمدادات النفطية، سواء من "أوبك +" أو خارج التكتل. وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش أي" الدولية للطاقة إن أسعار النفط الخام على الأرجح ستواصل حصد المكاسب السعرية في الأسبوع الجاري بسبب موسم القيادة في الولايات المتحدة وانتعاش حركة السفر والطيران وتوقعات تعافي الطلب العالمي على النفط الخام بقوة في النصف الثاني من العام. وأوضح أن أغلب شركات الطاقة تفضل حاليا تقليل الإنفاق على التنقيب وبدلا من ذلك تعيد مزيدا من الأموال إلى المساهمين، كما يعود الحذر في زيادة الإنتاج إلى عوامل أخرى منها ضغوط نشطاء تغير المناخ ضد الوقود الأحفوري. من جانبه، يقول دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة "تكنيك جروب" الدولية، إن تحسن توقعات نمو الطلب يؤكد دقة تقييم مجموعة "أوبك +" لتطورات السوق الإيجابية وامتلاكها رؤية ثاقبة واستراتيجية عمل مستقبلية دقيقة، مشيرا إلى أن تحسن أساسيات السوق واستعادة كثير من الطلب المفقود في فترة الجائحة يعدان بمنزلة فرصة لمنتجي "أوبك +" لإعادة إنتاجهم تدريجيا، وفقا للخطط السابقة. وذكر أن عوامل نجاح "أوبك +" يساعدها ويدعم أهدافها عدم قدرة الإنتاج من خارج "أوبك" على تحقيق الطفرات الإنتاجية والانتعاش بأسرع مما توقعه كثيرون، مشيرا إلى أنه من المرجح أن يواصل تحالف المنتجين في تكتل "أوبك +" إضافة مزيد من الإمدادات عندما يجتمع في الأول من حزيران (يونيو). من ناحيته، أكد بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة، أن شركات الطاقة الدولية تواجه ضغوط المناخ، وهو ما يفرض عليها تحديات خفض الانبعاثات بشكل كبير بحلول 2030، وهو أمر يتطلب إنتاجا أقل للنفط، لافتا إلى أن سياسات المناخ تستهدف في الأساس شركات النفط الغربية الكبرى بشكل مباشر أكثر من شركات النفط المملوكة للدولة التي تشكل جزءا كبيرا من إنتاج "أوبك". وأضاف أن الزيادات الإنتاجية المتوقعة من الدول المعفاة من خطط خفض الإنتاج لـ "أوبك" ستكون محدودة وغير مؤثرة في استقرار السوق، كما أن الإنتاج خارج "أوبك +" سينمو هذا العام بمقدار 620 ألف برميل يوميا أي أقل من نصف حجم التراجع البالغ 1.3 مليون برميل الذي تم تسجيله في 2020، مشيرا إلى أنه بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، فإن توقعات نمو العرض خلال بقية هذا العام ستكون أقل من زيادة متوقعة في الطلب في الفترة نفسها. وتشير آرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة "أفريكان ليدرشيب" الدولية، إلى أن مجموعة "أوبك +" تدير السوق بشكل جيد وبسياسات واثقة وناجحة، ومن المتوقع أن يسهم الاجتماع الشهري، الثلاثاء، في بث أجواء أكثر ثقة بتعافي الطلب، كما من المرجح أن يكشف عن ارتفاع جديد في نسبة الامتثال، وفي التعويضات المطلوبة من بعض المنتجين. وأشارت إلى أن المنتجين من خارج "أوبك +" لن يقدموا على تكرار سيناريو الزيادات غير المدروسة والحفر لمجرد الحفر بعدما غاب الاستقرار عن السوق على مدار العام الماضي ووصل إلى ذروته بالانهيار الواسع في نيسان (أبريل) 2020، وذلك على الرغم من عدم تعافي السوق بشكل كامل، حيث لا تزال جائحة كورونا تقيد الطلب العالمي على النفط الخام، لافتة إلى أن بعض التقديرات الدولية تشير إلى أن التعافي الكامل للطلب قد يتأخر إلى العام المقبل 2022. من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ختمت أسعار النفط الأسبوع مرتفعة بأكثر من 5 في المائة، مع صعود خام القياس العالمي برنت، الجمعة، ليغلق عند ذروة المستوى في عامين، بفضل بيانات قوية للاقتصاد الأمريكي، وتوقعات لانتعاش الطلب العالمي، ما طغى على بواعث القلق من زيادة المعروض الإيراني فور رفع العقوبات. وارتفع برنت 17 سنتا بما يعادل 0.2 في المائة، ليتحدد سعر التسوية عند 69.63 دولار للبرميل، وهو أعلى إقفال له منذ أيار (مايو) 2019. وزاد الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 53 سنتا أو 0.79 في المائة، ليغلق على 66.32 دولار للبرميل. ويتوقع المحللون انتعاش الطلب العالمي على النفط ليقترب من 100 مليون برميل يوميا في الربع الثالث من العام بفضل موسم الرحلات الصيفية في أوروبا والولايات المتحدة عقب برامج واسعة النطاق للتطعيم ضد فيروس كورونا. وذكرت شركة بيكر هيوز، الجمعة، أن عدد منصات النفط والغاز في الولايات المتحدة زاد بمقدار 2 مرة أخرى هذا الأسبوع ليصل إجمالي عدد الحفارات إلى 457 وهو ما يزيد على 100 منصة منذ بداية العام. وأوضح التقرير الأسبوعي للشركة، أنه في الأسبوع السابق في الولايات المتحدة زاد عدد منصات النفط والغاز بمقدار 2 لكن الاتجاه الأطول في إضافات عدد الحفارات يبشر بالخير للولايات المتحدة في صناعة النفط، حيث تسرع الحفارات وتيرتها بإضافة 106 حفارات حتى الآن هذا العام، وتمت إضافة أكثر من نصفها في تكساس. وذكر التقرير أن العدد الإجمالي لمنصات حفر النفط والغاز النشطة في الولايات المتحدة هو الآن 156 أكثر من هذا الوقت من العام الماضي. وأشار التقرير إلى زيادة عدد منصات الحفر بمقدار ثلاث هذا الأسبوع، ليصل إجمالي عدد الحفارات إلى 359، بينما انخفض عدد منصات الغاز بمقدار 1 إلى 98، وظل عدد الحفارات المتنوعة على حاله. ولفت التقرير إلى بقاء تقديرات إدارة معلومات الطاقة لإنتاج النفط في الولايات المتحدة للأسبوع المنتهي في 21 أيار (مايو) - آخر بيانات متاحة - ثابتة هذا الأسبوع بمتوسط 11 مليون برميل يوميا. ونوه التقرير إلى تقدير وكالة الطاقة أن الولايات المتحدة سيصل إنتاج النفط فيها إلى مستوى متواضع يبلغ 11.04 مليون برميل يوميا هذا العام بعد انخفاضه من ذروة الإنتاج البالغة 13.1 مليون برميل يوميا، التي بلغها في شباط (فبراير) 2020 قبل أن يسحق الوباء الطلب على النفط.
مشاركة :