استبعد خبراء إسرائيليون أن تؤدي جولة القتال الأخيرة في غزة والتي استمرت 11 يوما، إلى تغيير في مسار العلاقات بين الاسرائيليين والفلسطينيين. وبعد أكثر من أسبوع من انتهاء القتال بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة برعاية مصرية، بدأت المساعي المصرية لتثبيت وقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وتهدف المفاوضات إلى ضمان وقف إطلاق النار والبدء في إعادة إعمار قطاع غزة الذي تضرر بشدة جراء 11 يوما من القتال بين إسرائيل وحماس. وفي إطار الجهود المصرية، وصل وزير الخارجية الإسرائيلي جابي أشكنازي إلى القاهرة اليوم (الأحد)، بالتزامن مع وصول رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية عباس كامل إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية. وعلى الرغم من انتهاء جولة القتال الأخيرة، إلا أنه لم يتم حتى الآن حل أي من القضايا التي تشكل جوهر الصراع المستمر منذ عقود بين إسرائيل والفلسطينيين. ويرى خبراء إسرائيليون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن جولة قتال أخرى ستنطلق حتما معتبرين أن الأمر مسألة توقيت. وقال عيدو زيلكوفيتش رئيس برنامج دراسات الشرق الأوسط في كلية يزريل فالي "لن يكون هناك تغيير كبير، طالما أن الجهات الفاعلة المعنية تحافظ على أصولها ونقاط قوتها". من جانبه، قال أفرايم عنبار رئيس معهد القدس للدراسات الإستراتيجية إن "دافع حماس للسعي إلى تدمير إسرائيل ما زال موجودا وبشكل كبير". وأضاف "طالما أن جذور الصراع لم تتغير، فإن حماس ستريد الاستمرار في أخذ زمام المبادرة في المقاومة تجاه إسرائيل". ويخضع قطاع غزة لحكم حماس منذ عام 2007 بعد جولات من الاقتتال الداخلي مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية التي يرأسها محمود عباس. وعلى الرغم من أن إطلاق الصواريخ من قبل حماس تجاه إسرائيل بدأ قبل ذلك بعدة سنوات، إلا أنه زاد بشكل كبير بعد حصولها على السلطة. وخاضت إسرائيل وحماس منذ عام 2008 أربع حروب كان آخرها في الشهر الجاري. وما زال الرئيس عباس يحكم السلطة الفلسطينية في مناطق الضفة الغربية، وأدت عدة محاولات فاشلة لرأب الصدع الداخلي بين حماس والسلطة الفلسطينية إلى واقع يشكل تحديا كبيرا لأية محاولات للتسوية مع الإسرائيليين. وقال زيلكوفيتش "هذه علاقة من ثلاثة أطراف معقدة للغاية بين إسرائيل وحماس والسلطة الفلسطينية "، مشددا على أن ذلك "له تأثير مباشر على الحياة اليومية لجميع الأشخاص الذين يسكنون في المناطق الثلاث". وبينما قال سياسيون إسرائيليون وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الماضي انه يجب إنهاء حكم حماس، إلا أن إسرائيل اختارت سياسة مختلفة. ومن أجل تجنب التوصل إلى تسوية وتقديم تنازلات صعبة، تبنت إسرائيل سياسة تساعد على إبقاء الانقسام إلى الأبد بين حماس والسلطة الفلسطينية. وقال زيلكوفيتش "اختارت إسرائيل استراتيجية للإبقاء على الوضع الراهن، لإبقاء حماس ضعيفة في السلطة، وطالما استمر هذا الأمر فلن تتغير العلاقات بين الجانبين". كما أن للوضع السياسي غير المستقر في إسرائيل مساهمة كبيرة في هذا الأمر بعد أربع جولات انتخابية لا توجد حكومة مستقرة في إسرائيل، مع احتمال إجراء انتخابات خامسة خلال الأشهر المقبلة. وقال زيلكوفيتش "حتى لو رأينا حكومة يقودها شخص آخر غير نتنياهو، فلن تكون هناك حكومة لها تفويض كامل لتعزيز عملية السلام". وأضاف "أتوقع ألا أرى أي تغيير في الموقف تجاه الفلسطينيين خاصة خلال هذه الفترة من عدم الاستقرار السياسي الإسرائيلي، حيث لا يوجد وقت للتعامل مع القضايا الجوهرية أو التحركات الاستراتيجية". وأسفرت الجولة الأخيرة من القتال بين إسرائيل والفصائل في قطاع غزة عن أكثر من 250 قتيلا فلسطينيا، كما تسبب القصف الجوي الإسرائيلي المكثف في دمار كبير لواحدة من أفقر مناطق العالم. وفي نهاية القتال، أقر المسؤولون العسكريون الإسرائيليون بأنهم أحدثوا تأثيرا طفيفا في ترسانة حماس الصاروخية، مما يعني أن الحركة لا تزال لديها قوة عسكرية كافية لخوض جولة جديدة من القتال. وأكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في زيارة للمنطقة الأسبوع الماضي الموقف الأمريكي من هذه المسألة الحساسة. وقال "نحن نعلم أنه لمنع العودة إلى العنف، يتعين علينا معالجة مجموعة أكبر من القضايا والتحديات الأساسية والتي تبدأ بمعالجة الوضع الإنساني الخطير في غزة والبدء في إعادة إعمار غزة". وأوضح بلينكن بعد لقاء جمعه بنتنياهو في القدس "سنعمل مع شركائنا، بشكل وثيق مع الجميع لضمان عدم استفادة حماس من مساعدة إعادة الإعمار". وقال عنبار ان "الكل يريد وقف إطلاق نار ممتدا، وإذا أمكن التوصل إلى تفاهمات لجعله طويل الأمد فينبغي محاولة ذلك". ولكن بما أن هذه القضايا لم يتم تناولها، فلن يكون هناك تغيير كبير، فلم تتزحزح حماس في معارضتها الشديدة لوجود إسرائيل، بينما إسرائيل ليست مستعدة حاليا للتفاوض على وضع الأراضي التي تحتفظ بها والتي يعتبرها الفلسطينيون دولتهم المستقبلية. أما بالنسبة للمدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين، فإنها "لعبة انتظار" حتى تندلع الجولة التالية من العنف.
مشاركة :