تحليل إخباري: خبراء فلسطينيون يشككون من نوايا الولايات المتحدة الأمريكية من إنشاء الميناء العائم في غزة

  • 5/19/2024
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

شكك خبراء سياسيون فلسطينيون بنوايا الولايات المتحدة الأمريكية من إنشاء الميناء العائم على شاطيء قطاع غزة بعد سبعة أشهر من حرب واسعة النطاق على الجيب الساحلي. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أعلنت رسميا يوم الجمعة الماضية عن بدء عمل الميناء العائم المقام على ساحل مدينة غزة وإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع لأول مرة عبر البحر. ويقول فلسطينيون محليون إنهم شاهدوا تحرك سفن أمريكية ضخمة قبالة شواطئ مدينة غزة فيما يمكنهم مشاهدة طواقم أمريكية أمنية تشرف على تفريغ حمولة تلك السفن إلى سفن أصغر لنقلها إلى الشاحنات التي تنتظر على الميناء العائم. وبدأت الولايات المتحدة بناء الميناء العائم في أواخر أبريل بتكلفة 320 مليون دولار وبمساعدة نحو 1000 جندي وبحار أمريكي، وفق ما أعلنت عنه وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في وقت سابق. وفي وقت سابق، قالت القيادة المركزية للجيش الأمريكي في منشور على حسابها في (إكس) "سيدعم الميناء البحري الجهود الرامية إلى إيصال المساعدات إلى المدنيين في قطاع غزة". وبحسب مسؤول بالجيش الأمريكي فإن إجمالي عمليات التسليم عبر الطريق البحري سيبلغ في البداية نحو 90 شاحنة يوميا، ويمكن أن يزيد بسرعة إلى حوالي 150 شاحنة يوميا. اعتداء على السيادة الفلسطينية يرى أحمد مجدلاني عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بأن الميناء الأمريكي العائم الذي تم إنشاؤه أخيرا هو بمثابة تعد على السيادة الفلسطينية ولا يحمل نوايا سليمة. وقال مجدلاني في تصريحات خاصة لوكالة أنباء ((شينخوا)) "لا يمكن اعتبار الميناء الأمريكي العائم يصب في مصلحة الفلسطيني في قطاع غزة وأخشى أن يحمل نوايا غير سليمة تجاه شعبنا في القطاع المحاصر". وأضاف مجدلاني "إن إنشاء هذا الميناء جاء بخطوة منفردة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ولم يتم التنسيق مع دولة فلسطين أو حتى مع الرئاسة على اعتبار أن غزة جزء من الأراضي الفلسطينية ومن الولاية السياسية على اراضيها". وتابع "يبدو بأن قرار الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء هذا الميناء العائم جاء بهدف وضعنا (في السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير) في موقف حرج (...) فإن قبلنا به فهو بمثابة قبولنا التعدي على سيادتنا الوطنية من قبل طرف دولي". ويستطرد "وإن رفضنا فكأننا نعارض فك الحصار الإسرائيلي الجائر على أبناء شعبنا وأننا نشارك في سياسة التجويع التي تتبعها إسرائيل منذ بدء عدوانها على أبناء شعبنا". وشدد مجدلاني على أنه كان من باب أولى للولايات المتحدة بأن تضغط على إسرائيل (وهي قادرة على ذلك) من أجل إعادة فتح المعابر البرية مع قطاع غزة لإدخال المساعدات بشكل يومي وبكميات كافية. ولكن، يعتقد مجدلاني أن هناك أهدافا سياسية لدى أمريكا تحاول تحقيقها من خلال هذا الميناء، معربا عن تخوفه من أن يكون الميناء العائم بمثابة بداية تهجير "شعبنا الفلسطيني من قطاع غزة عبر البحر وهو بمثابة تنفيذ لمخطط إسرائيلي لطالما عملت الحكومات الإسرائيلية على تحقيقه". مشروع إسرائيلي - أمريكي ويشكك خبراء فلسطينيون في قطاع غزة في نوايا إنشاء الميناء البحري، متسائلين عن الأهداف الأساسية التي تسعى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل إلى تحقيقها خلال المستقبل القريب. وفي مقابلات منفصلة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) قال الخبراء إن الأيام المقبلة ستكون "حاملة بالكثير من التطورات في قطاع غزة وفرض واقع جديد مختلف تماما مما كان الوضع قبل السابع من أكتوبر الماضي (...) أمريكا تسعى لفرض شرق أوسط جديد بدءا من غزة". ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا أن إصرار أمريكا على بناء الميناء العائم في قطاع غزة يثير الكثير من الشكوك الأمنية، وإمكانية أن "تسعى الولايات المتحدة لوجود عسكري قريب في هذه المنطقة لأهداف حتى الآن غير واضحة". ويقول القرا لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن إنشاء الميناء العائم هو بمثابة "مشروع أمريكي - إسرائيلي استعماري واستيطاني يصب في مصلحة إسرائيل التي تريد أن تستثمر الوجود الأمريكي كغطاء، وتحوله إلى نقطة عسكرية أو تواجد أمريكي - إسرائيلي بالقرب من منطقة شارع الرشيد غرب مدينة غزة ويمكن أن يستمر حتى بعد الذهاب إلى هدنة وفرضه كأمر واقع". ويضيف "لا يمكننا أن ننظر إلى ما تقدمه الولايات المتحدة من مساعدات إلى غزة بشكل إيجابي خاصة وأنها لم تكن داعمة لإسرائيل في هذه الحرب فقط ولكنها كانت مشاركة أساسية في عمليات القصف والقتل والتدمير الذي طال كافة محافظات القطاع دون استثناء". ويوضح القرا أنه إذا كان الهدف إدخال المساعدات إلى قطاع غزة فهناك الكثير من الطرق المناسبة والملائمة ومنها "إمكانية زيادة عدد الشاحنات التي تصل القطاع عبر معبر رفح البري". ترسيخ فكرة الهجرة الطوعية لسكان غزة ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، تشن إسرائيل حربا واسعة النطاق على قطاع غزة المحاصر منذ العام 2007 عقب تنفيذ حماس، الحركة الإسلامية التي تدير القطاع، هجوما عسكريا مباغتا على البلدات الإسرائيلية وقتل وأسر عدد من الإسرائيليين هناك. ومنذ ذلك الوقت، تواصل الجيش الإسرائيلي هجماتها الجوية والبرية والبحرية على قطاع غزة، مخلفا أكثر من 35 ألف قتيل وأكثر من 79 ألف جريح غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب ما أعلنت عنه وزارة الصحة في غزة. إلى جانب ذلك، تم تدمير ما يقارب 80 % من مباني غزة وأصبحت غير قابلة للحياة، وفق ما يقوله سلامة معروف رئيس المكتب الإعلامي الحكومة في غزة. وقدرت الأمم المتحدة حجم الركام والأنقاض الذي يتعين إزالته في قطاع غزة بحوالي 37 مليون طن، وذلك مع تواصل القصف الإسرائيلي المكثف وتدمير المباني منذ 7 أكتوبر الماضي، بحسب بير لودهامار المسؤول في دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام. وأشار إلى أن "إزالتها ستستغرق 14 عاما" على افتراض استخدام حوالي مائة شاحنة، وأكد أن الذخائر غير المنفجرة اختلطت بالأنقاض، ما سيؤدي إلى تعقيد المهمة بشكل كبير. ويبدو أن كل من إسرائيل والولايات المتحدة أرادتا جعل قطاع غزة غير قابل للحياة وخاصة وأن أكثر من مليوني شخص أصبحوا نازحين داخليا، فيما أجبر حوالي 100 ألف فلسطيني على ترك قطاع غزة والتوجه لدول مجاورة أو أوروبية دون معرفة إن كانوا سيتمكنون من العودة قريبا أم لا، وفق ما يقول الكاتب والمحلل السياسي رياض العيلة. ويقول العيلة، والذي كان يرأس كلية الآداب والعلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة، لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن قرار أمريكا وإسرائيل لإنشاء هذا الميناء يحمل في ثناياها خطط طويلة الأمد لتهجير الفلسطينيين عبر البحر بعدما رفضت مصر استمرار عمل معبر رفح بعد سيطرة إسرائيل على المعبر". ويضيف العيلة "هذا التهجير الذي سيتم بطريقة أو بأخرى سيمنح إسرائيل فرصة للتغيير الديمغرافي في غزة وبالتالي ستكون الفرصة سانحة أمامها لضخ استثمارات لمن سيتبقى من سكان القطاع، بشرط القضاء على فكرة تحرير الأرض أو إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة". وما يثير القلق بالنسبة للعيلة هو مدى إمكانية نجاح أمريكا وإسرائيل في تحويل هذا المعبر الذى يتمتع بالسيادة الإسرائيلية - الأمريكية الكاملة لبديل مستمر عن معبر رفح الذي ترفض مصر أن يتولى إدارته أي جهة "غير فلسطينية" ولفرض واقع جديد. مساعدات الميناء العائم هي نقطة من بحر الاحتياج وقالت هيئة البث الإسرائيلية أمس (السبت) إن 300 طن من المساعدات تم نقلها يوم الجمعة إلى قطاع غزة عبر الميناء الأمريكي العائم قبالة القطاع، بما يعادل دخول خمس شاحنات إلى القطاع، في حين أن قطاع غزة يحتاج إلى 500 شاحنة على الأقل يوميا، على حد قول سلامة معروف رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة. ويقول معروف لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن هذه الكميات بالكاد تكفي لـ10 آلاف مواطن في غزة في حين أن جميع السكان يعانون من نقص حاد في كافة متطلبات حياتهم بدءا من الطعام والمياه والبضائع والأدوية". ويضيف أن "وجود الميناء العائم لا يعني أن يكون بديلا عن المعابر البرية الأساسية والتي يمكن من خلالها دخول ما يحتاجه سكان القطاع المحاصرين منذ بدء الحرب". من جانبه، يؤمن المحلل السياسي رائد نجم بأن أمريكا "تعتمد سياسة التنقيط في تقديم مساعداتها لغزة (...) وهذا لا يتناسب مع حجم التكاليف الباهظة التي دفعتها لبناء هذا الميناء والذي غالبا سيخدم مصالح أمريكية - إسرائيلية سياسية وفرض أمر واقع جديد ليس في غزة فقط ولكن في الشرق الأوسط بشكل عام". ويقول نجم لـ((شينخوا)) "لن تتمكن أمريكا من تحقيق أي من أهدافها طالما بقي سكان قطاع غزة متواجدين في هذه البقعة المكتظة بالسكان (...) لذلك، ستساهم في تسهيل هجرتهم بحثا عن الأمان مما يتيح لها الفرصة لتشكيل واقع جديد هنا دون وجود أي معوقات فلسطينية أو حتى عربية". وفي 7 مايو الجاري، أعلن الجيش الإسرائيلي فرض سيطرته "العملياتية" على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الواقع جنوبي قطاع غزة على الحدود مع مصر، وذلك بعد شنه "عملية دقيقة لمكافحة الإرهاب" في المنطقة الشرقية لرفح. ورغم فتح المعبر من الجانب المصري واصطفاف سيارات الإسعاف وشاحنات المساعدات والوقود، إلا أن أيا منها لا يدخل إلى المعبر نظرا لسيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من المعبر وتمركز دباباته بالقرب منه.

مشاركة :