قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية: إن العراق بات رهينة وعاصمته أصبحت تحت الحصار.وبحسب مقال لـ «طلحة عبد الرازق»، الباحث في معهد إستراتيجيات والأمن في جامعة إكستر، برغم أن تنظيم «داعش» ليس على الأبواب كما حدث في 2014، فإن أولئك الذين لعبوا دور المشاة في حملة هزيمة التنظيم الإرهابي هم الذين يهددون وجود الدولة العراقية.وتابع يقول: هذا الأسبوع، قبل أقل من 5 أشهر من الموعد المقرر لانتخابات جديدة، حاصرت الميليشيات الموالية لإيران المنطقة الخضراء، الحي الدبلوماسي شديد التحصين في بغداد، وطالبت السلطات الفيدرالية بالإفراج عن أحد قادتها الذي تم اعتقاله بتهمة الإرهاب.وأشار إلى أن حقيقة أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي يتعرض لضغوط هائلة للاستسلام لهذه المطالب هي مؤشر واضح على أن العراق رهينة شبكة شيعية عابرة للحدود تقودها وتسيطر عليها إيران.وتابع: كان التفكك شبه الكامل للعراق كدولة فاعلة واضحا منذ عدة سنوات، لكنه أصبح أكثر وضوحًا بشكل ملحوظ منذ أن أطلق المتظاهرون العراقيون حركة احتجاجية في 2019 والتي عادت إلى الظهور مرة أخرى في الأيام الأخيرة بعد سنوات من الفساد.القتل والاغتيالاتوأردف الكاتب يقول: لقد مضى الحكم الكارثي والخضوع للمصالح الأجنبية، لا سيما إيران والولايات المتحدة، دون معالجة، ومما يزيد الطين بلة هذه المرة حقيقة أن الميليشيات الشيعية، بما في ذلك جماعة كتائب «حزب الله» التي تصنفها الولايات المتحدة، متورطة في عشرات محاولات القتل والاغتيالات ذات الدوافع السياسية على الرغم من تأكيدات الحكومة بالعدالة.وأضاف: في 10 مايو، أصيب الصحفي أحمد حسن، الذي انتقد الميليشيات، برصاصة في رأسه في مدينة الديوانية الجنوبية، وفي اليوم السابق، قُتل إيهاب الوزني، أحد أبرز منظمي حركة الاحتجاج لعام 2019، بالرصاص خارج منزله في كربلاء، وألقت عائلة وزني باللوم على قاسم مصلح، القائد البارز في الحشد الشعبي، التي تربطها صلات قوية بالحرس الثوري الإيراني، وأدى ذلك إلى اعتقال مصلح بناء على أوامر من السلطات الفيدرالية، التي كانت حريصة على إظهار أنها تذعن لمطالب المحتجين بإنهاء إفلات الميليشيات من العقاب.وأردف يقول: مع ذلك، قد يعود مصلح قريبًا إلى الشوارع بعد أن حاصر مقاتلو الحشد الشعبي المسلحين المنطقة الخضراء، مطالبين بالإفراج عنه وإلا ستكون هناك عواقب وخيمة.ومضى يقول: في حادثة مماثلة تم فيها اعتقال مسلحين العام الماضي، أمر قاضٍ موالٍ لقوات الحشد الشعبي بالإفراج عنهم بسبب نقص الأدلة.وكلاء إيرانوتابع الكاتب عبدالرازق: وكلاء إيران في العراق هم في قلب شبكتها العابرة للحدود، التي تمتد من طهران عبر بغداد ودمشق، وعلى طول الطريق إلى بيروت، على الرغم من مؤهلاتهم الدينية، فإن أنشطتهم تشمل الاتجار بالجنس وتجارة الأسلحة في السوق السوداء وتجارة المخدرات غير المشروعة، والتي تتسرب عبر حدود العراق المليئة بالثغرات مع إيران مع صلات بتجار المخدرات في أفغانستان.وأضاف: هذا هو مدى وصولهم إلى درجة أنهم كانوا جزءًا لا يتجزأ من الأنشطة الإجرامية لميليشيات «حزب الله» اللبناني الذي هرب الكوكايين إلى الولايات المتحدة خلال إدارة باراك أوباما.واستطرد: على الرغم من كل هذا النشاط الإجرامي واستمرار هذه الميليشيات في قصف القواعد العسكرية التي تأوي القوات الأمريكية والقوات المتحالفة، فإن السلطات في بغداد كانت عاجزة تمامًا عن منعها.ولفت إلى أنه بدلا من أن يكون هؤلاء في صف إنفاذ القانون، فهم بدلا من ذلك عملاء للفوضى والعنف ويحققون طموحات إيران في أن تصبح القوة المهيمنة الإقليمية البارزة.ومضى يقول: في مواجهة هذه العصابات المتفشية، ليس من المستغرب أن يكون العراقيون العاديون الذين يريدون فرصة لحياة طبيعية على استعداد للمخاطرة بحياتهم من أجل الحرية.وتابع: الولايات المتحدة وحلفاؤها في المجتمع الدولي مدينة للشعب العراقي بدين كبير والوفاء بالوعد الذي قطعوه قبل غزو عام 2003، لقد وُعد العراقيون بالديمقراطية.تقصير أمريكيوأردف: بدلا من ذلك، وكما قال أحد العراقيين الذي اشتهر بمساعدة القوات الأمريكية في تحطيم تمثال للديكتاتور صدام حسين عندما دخلوا بغداد في 2003، يتعين على العراقيين الآن التعامل مع ألف صدام.وأضاف: سيكون من التقصير التام للولايات المتحدة أن تتراجع الآن بينما هي تشاهد العراقيين، الذين يقاتلون من أجل الديمقراطية، يذبحون بلا رحمة على يد المتطرفين المدعومين من إيران، الدولة التي لا تزال تعتبر واحدة من أكبر الدول الراعية للإرهاب. بحسب وزارة الخارجية.واختتم بقوله: هل سترتقي الولايات المتحدة لمستوى الوفاء بمسؤوليتها التاريخية؟ إنه أمر مشكوك فيه، لكن من الجيد أن نحلم.وشهدت العاصمة العراقية بغداد، ومحافظات أخرى، الأسبوع الماضي احتجاجات واسعة، تنديدا باستمرار جرائم قتل النشطاء، وسط مطالبات بكشف منفذي تلك الأعمال، وإجراء محاكمات عادلة لهم.وتوافد آلاف المحتجين من مختلف محافظات البلاد، إلى عدة ساحات في العاصمة بغداد، ومنها توجهوا إلى مركز الاحتجاج الرئيس وهو ساحة التحرير، مرددين هتافات مناوئة للأحزاب الحاكمة، ومنددة بحوادث اغتيال النشطاء. وانطلقت مظاهرات تحت شعار «أنا الشهيد.. من قتلني».وبحسب النشطاء، فإن المظاهرات لم تكن تستهدف أشخاصا معينين، بل تسعى إلى الضغط من أجل تحقيق المطالب التي رفعتها تظاهرات 2019، وأبرزها تحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير حياة آمنة وكريمة.
مشاركة :