توتر شديد بعد مقتل ضابط استخبارات وزوجته والمستوطنون يشنون هجمات انتقامية في الضفة

  • 10/4/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عكست عناوين وسائل الإعلام العبرية أمس وتحليلات معلقيها العسكريين أجواء مماثلة للتي سبقت الانتفاضة الثانية قبل 15 عاماً بالضبط، حيال التصعيد في الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، في الأول مواصلة سلطات الاحتلال انتهاك المسجد الأقصى المبارك والتضييق على وصول المصلين المسلمين إليه، وفي الثاني بعد قتل مستوطنيْن شرق نابلس مساء أول من أمس. وسادت أجواء توتر في القدس المحتلة مع انتشار مكثف للشرطة في البلدة القديمة لمنع دخول مصلين تحت سن الأربعين المسجد، واعتراضها عشرات الحافلات التي كانت في طريقها من البلدات العربية المختلفة في الداخل إلى المسجد. وأدى آلاف المواطنين صلاة الجمعة في الشوارع والطرق، أعقبتها مواجهات واسعة. كما نشر الجيش قوات كبيرة حول مدينة نابلس وقراها في الضفة الغربية المحتلة، وذلك بعد استدعاء أربع وحدات فرضت طوقاً أمنياً على المنطقة، في وقت نفذ مستوطنون اعتداءات على فلسطينيين وأراضيهم رداً على مقتل مستوطنيْن: الزوج ايتام هنكين الذي كان ضابطاً في وحدة النخبة «سييرت متكال» وزوجته برصاص فلسطيني وإصابة أطفالهما الأربعة. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن هنكين ضابط احتياط بوحدة هيئة الأركان «سييرت متكال»، وضابط استخبارات، في حين اشترك والد زوجته الذي خدم بوحدة هيئة الأركان أيضاً، بعملية التحرير الفاشلة للجندي المختطف نحشون فاكسمان عام 1994. وكشف ضابط إسرائيلي كبير عن أن منفذي العملية أجهزوا على المستوطنين من مسافة قريبة جداً. وستبقي الشرطة حال التأهب القصوى في القدس حتى انتهاء آخر أيام «العرش» اليهودي، الإثنين على الأقل. «كتائب الحسيني» تتبنى الهجوم وأعلنت «قوات العاصفة- كتائب الشهيد عبد القادر الحسيني»، إحدى الأذرع العسكرية المسلحة لحركة «فتح»، مسؤوليتها عن إطلاق النار قرب مستوطنة «إيتمار»، وقالت في بيان عسكري: «اتكالاً منا على الله، وإيماناً منا بحق شعبنا في الكفاح لاسترداد وطنه المغتصب، وإيماناً منا بواجب الجهاد المقدس، تحرّكت أجنحة من قواتنا الضاربة ليل الخميس- الجمعة، ونفذت العملية المطلوبة منها كاملة وأطلقت النار على سيارة للمستوطنين... بشكل مباشر». وحذرت «العدو من القيام بأي إجراءات ضد المدنيين الآمنين أينما كانوا لأن قواتنا سترد على الاعتداء باعتداءات مماثلة، وسنعتبر هذه الإجراءات من جرائم الحرب». من جهتها، أعلنت حركة «حماس» وجناحها العسكري «كتائب عز الدين القسام» أنهما «يباركان» الهجوم. وقالت «حماس» في بيان إنها «تبارك عملية نابلس البطولية... وتدعو الى المزيد من العمليات ضد الاحتلال» الإسرائيلي، معتبرة الهجوم «رداً حقيقياً على جرائم المحتل يتكامل مع الحراك الجماهيري المتصاعد في كل مناطق الضفة المحتلة». من جهة أخرى، قال «أبو عبيدة» الناطق باسم «كتائب القسام» في بيان: «نبارك العملية البطولية ضد المغتصبين الصهاينة، وهي رد طبيعي على جرائم الاحتلال ومستوطنيه في القدس والضفة، ولن تكون الأخيرة». إسرائيل تتهم عباس وكالمتوقع، حمّل قادة الدولة العبرية الرئيس محمود عباس (أبو مازن) المسؤولية عن عملية قتل المستوطنيْن، مستنكرين عدم تنديده بالعملية، وقال رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو: «بينما نددت أنا وكل القيادة الإسرائيلية بعملية دوما بشدة (حرق أفراد عائلة دوابشة)، فإن السلطة الفلسطينية تلتزم الصمت الصارخ». واعتبر الحادث «نتيجة مباشرة للتحريض على العنف الفلسطيني الذي يؤدي إلى القتل»، وقال إنه أعطى تعليماته لقادة جميع الأذرع الأمنية بالعمل على اعتقال القتلة وتعزيز أمن جميع مواطني إسرائيل. وأعلن وزير الدفاع موشيه يعالون إن قوات الأمن «لن تدخر جهداً في توقيف القتلة ومن وراءهم»، وإن «الحرب على الإرهاب تستدعي منا الإصرار ويداً من حديد وطول نفَس لأننا نعارك عدواً متعطشاً للدم غير منضبط، وللأسف نتكبد خسائر في معركتنا هذه». وأضاف: «في هذه الساعات، الجيش وأذرع الأمن تطارد القتلة، ولن نستكين حتى نعتقل القتلة ومرسليهم». وقال الرئيس رؤوبين ريبلين في كلمته التأبينية خلال جنازة الزوجين، إن «إسرائيل تواجه هجوماً إرهابياً قاسياً، وأنتم المستوطنين تقفون في واجهتها وتدفعون ثمناً لا يُحتمَل». وأضاف: «الإرهاب يرافقنا منذ عشرات السنين، لكننا لم نتوقف عن بناء دولتنا بسبب الإرهاب ولن نتوقف، والإرهاب لم يزعزع سيطرتنا ببلادنا، هذا ما كان، وهذا ما سيكون». وقال زعيم حزب المستوطنين «البيت اليهودي»، وزير التعليم نفتالي بينيت في بيان، إن «زمن المحادثات مع الفلسطينيين ولّى، وحان الوقت للتحرك»، مضيفاً أن «شعباً يؤيد قادته القتل لن تكون له دولة». أما زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان، فدعا «للرد بقوة وصرامة على «القتلة ومسؤوليهم، ومحرضيهم، وعلى رأسهم أبو مازن، لنثبت للجميع أن دولة إسرائيل لا ترضى بأن يكون دم أبنائها مباحاً». وأدان زعيم حزب «يش عتيد» عضو الكنيست يائير لبيد العملية، قائلاً: «إن عملية القتل التي وقعت الليلة هي استمرار لسياسة التحريض والكذب التي يقوم بها أبو مازن، فليس من الممكن أن يعلن دعم عملية السلام من جهة، ويرسل «القتلة» من جهة أخرى. وأضاف: «على هؤلاء القتلة أن يعلموا أنهم لن يكونوا محصنين وأنهم سيدفعون ثمناً باهظاً لفعلتهم هذه». ودعا زعيم المعارضة الإسرائيلية، زعيم «المعسكر اليهودي» إسحق هرتزوغ، الجيش وقوات الأمن للعمل بسرعة وإصرار من أجل اعتقال منفذي العملية. ونقلت وسائل الإعلام عن مستوطنين أنه منذ مطلع الصيف الماضي حصل ارتفاع كبير في حوادث تعرضهم للحجارة والزجاجات الحارقة. وقال أحدهم: «الشارع يغلي، وعملية قتل الزوجين كانت متوقعة». وكتب المراسل العسكري في «هآرتس» عاموس هارئيل إنه رغم أن الصور تذكّر بالأجواء التي سبقت الانتفاضة الثانية، إلا أن العنف وعدد الضالعين فيه لم يصل بعد إلى ما كان عليه قبل 15 عاماً، ومع ذلك فإن ارتفاع عدد الحوادث يشكل إنذاراً. وعزا التصعيد الأخير إلى المواجهات في المسجد الأقصى بين المصلين والشرطة والجيش، وإلى «الموقف المتشدد والمشاكس للسلطة الفلسطينية تجاه إسرائيل على خلفية الجمود في العملية السياسية، وشعور الفلسطينيين في الضفة بأن الجهود الديبلوماسية لتحريك العملية لا تثمر شيئاً وأن المجتمع الدولي يبدو كمن يهمل هذا الملف، و «عليه لا نرى في الأفق المنظور وصفةً لتهدئة سريعة». هجمات انتقامية للمستوطنين وطالب قادة المستوطنين الحكومة باتخاذ إجراءات عقابية ضد الفلسطينيين، وتحديداً تضييق هامش حركتهم على الشوارع المحاذية للمستوطنات وإقامة بؤرة استيطانية في موقع مقتل المستوطنيْن. وأعلن رئيس مجلس مستوطنات «شومرون» يوسي داغان أنه سيبدأ إضراباً قبالة دار رئيس الحكومة في القدس المحتلة حتى تتم تلبية مطالبه بتوسيع البناء في المستوطنات التي في منطقته وإقامة مستوطنة جديدة، و «لن نستكين حتى نهز الدولة». في هذه الأثناء، شن مستوطنون سلسلة هجمات واسعة على الفلسطينيين شمال الضفة أمس وخلال ليل الخميس- الجمعة إثر مقتل المستوطنيْن. وقال مسؤولون في السلطات المحلية وشهود إن المستوطنين هاجموا السيارات المارة بالحجارة، وأضرموا النار في الحقول، وأغلقوا الطرق، ومنعوا المواطنين من الوصول الى بيوتهم طيلة ليل الخميس- الجمعة. وقال مسؤول ملف الاستيطان في محافظة نابلس غسان دغلس إن عدد السيارات التي تحطمت نتيجة تعرضها للرشق بالحجارة بلغت 250 سيارة. وأضرم المستوطنون النار في حقول قرى حوارة وبورين وأم الصوفان وغيرها، فيما تسلل بعضهم إلى قرية بيتلو قرب رام الله ليلاً، وأضرم النار في سيارة بجوار بيت في أطراف القرية. وقال الشهود إن النيران أتت على عشرات أشجار الزيتون المثمرة. وتصدت لجان الحراسة المحلية في قرية بورية لمستوطنين حاولوا الاقتراب من منزل في أطراف القرية وإضرام النار فيه. وقال مدير العلاقات العامة في جهاز الدفاع المدني في نابلس محمود مصلح، إن طواقم الدفاع نجحت في إخماد النيران قبل وصولها إلى منازل المواطنين، مضيفاً أن النيران التهمت عشرات الدونمات المزروعة بالزيتون التهمتها النيران. ونظم المستوطنون أمس مسيرة، تحت حراسة عسكرية مشددة، توقفت على حاجز زعترا جنوب نابلس، مطالبين بـ «الانتقام ضد العرب» و «الرد» على عملية مقتل المستوطنين. وأغلق الجيش الإسرائيلي عدداً من الطرق الحيوية في المنطقة بحجة منع الاحتكاك بين المستوطنين والمواطنين، منها الطرق الرابطة بين نابلس والقرى والمجاورة بجوار مستوطنات «إيتسهار» و «إيتمار» و «ألون موريه».

مشاركة :