تغطية أحمد عبدالحميد استعرضت هالة الأنصاري الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة الملامح الرئيسية للخطة الاستراتيجية لتنفيذ الخطة الأم والمسؤولة عن متابعة تقدم المرأة البحرينية وإدماج احتياجاتها في التنمية الوطنية، حيث أشارت إلى خصوصية هذه المرحلة من مراحل عمل الخطة التي ستشارف على الانتهاء خلال العام المقبل (2022) وبنسبة إنجاز تبلغ اليوم 73%. وأكّدت خلال الإيجاز الإعلامي الذي نظّمه مركز الاتصال الوطني بالتعاون مع المجلس الأعلى للمرأة أنّ هذه المرحلة تعد مرحلة فاصلة بين الخطة العشرية التي بدأ العمل بها في عام 2013، انتقالاً بالخطة إلى حقبة جديدة لها اعتباراتها بالنظر إلى مستجدات الظروف الصحية الطارئة وطبيعة التحولات والتغييرات التي تمر على العالم وتتطلب من الجميع اعتماد منظور جديد وأساليب عمل أكثر فعالية وديناميكية، وفهم أعمق للتحديات والاستفادة الواقعية من الدروس التي تقدمها الجائحة. وقالت إنّ المجلس بناءً على نتائج التقييم التي أجريت للخطة لمرحلة العمل الأخيرة، قام بتطوير مبادراته الداعمة للتوازن بين الجنسين في الحياة العامة، إضافة إلى تكثيف خيارات التطوير المهني لرفع إنتاجية المرأة ومساهمتها في الاقتصاد الوطني، منوّهة إلى أنّ المجلس سيركز خلال الفترة الحالية على تقديم المقترحات والتوصيات وتقديم الاستشارات الكفيلة بتعزيز كفاءة منظومة الخدمات الداعمة للعدالة والحماية الاجتماعية، والتركيز على دور المرأة في الصحة الوقائية ورفع مستويات جودة حياتها، كما سيواصل المجلس عمله كمركز للخبرة النوعية في مجال اختصاصه بتكثيف التبادل المعرفي واستثمار الخبرات الوطنية لدعم تنافسية المرأة البحرينية محلياً ودولياً. وأوضحت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة أنّ الحاجة إلى التأقلم مع تداعيات جائحة (كوفيد 19)، استوجبت على الفرق المسؤولة عن وضع مخططات العمل القادم بالأمانة العامة للمجلس، باعتماد منهجية التخطيط الاستباقي، تحسباً لأي أزمات مستقبلية، وأن تتضمن الخطة الاستراتيجية التنبيهات الضرورية للتقليل من المخاطر والتراجعات من خلال آليات تنفيذ مرنة ومبادرات مُركزة بالاستفادة من تجربة مملكة البحرين الحالية في مواجهة وتطويع تداعيات جائحة (كوفيد-19)، إضافة إلى تفعيل الشراكات الوطنية التي هي جوهر العمل بالمجلس الأعلى للمرأة، حيث أشارت الأمين العام إلى حرص المجلس على حسن إنفاذ الخطة في برنامج عمل الحكومة والموازنة العامة للدولة، والتي تستجيب في كل مرحلة من مراحل البناء الوطني للأولويات والتوجهات العامة للمملكة، تحقيقاً لغايات وطموحات رؤية البحرين الاقتصادية 2030. وقدّمت الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة شرحاً موجزاً لمبادرات الخطة الاستراتيجية (2019-2022)، ضمن محاورها الخمسة والمتمثلة في: محور «استقرار الأسرة» الذي يتضمن 15 مبادرة، ومن أبرزها الإطار الوطني لخدمات الإرشاد والتوعية الأسرية واستراتيجية الحماية من العنف الأسري، إلى جانب مبادرات محور «تكافؤ الفرص» وعددها 11 مبادرة تعمل على تحقيق إدماج احتياجات المرأة وتحقيق التوازن بين الجنسين في برنامج عمل الحكومة والاستراتيجيات الوطنية، إضافة إلى محور «التعلم مدى الحياة» والذي يضم 8 مبادرات أساسية تختص بعلوم المستقبل، والتكنولوجيا المالية، والمهارات المهنية والمعرفية والإرشاد الوطنين، كما تناول العرض مبادرات محور «جودة الحياة» بتوجهاته الصحية والبيئية التي تتطلب تمكيناً مستجداً للوقاية من الأمراض والأنماط الاستهلاكية ومتابعة احتياجات المرأة في القطاع الرياضي. وأضافت خلال حديثها أنّ محور «بيت الخبرة» يهدف إلى التبادل والبناء المعرفي في مجال التوازن بين الجنسين، سواء من خلال تقديم أمثلة لما تقيسه الخطة الوطنية من مؤشرات مهمة توضح أثر العمل بالخطط والبرامج وانعكاس ذلك على مستويات التنافسية المحلية والإقليمية، أو من خلال دور الشراكات الدولية في إثراء مساهمات مملكة البحرين في مجال تمكين المرأة، حيث تعد جائزة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة العالمية أحد أهم المنصّات التي يعمل المجلس من خلالها على نقل خبرات البحرين النوعية في هذا المجال، بالإضافة إلى عضوياته المختلفة في الوكالات والمنظمات الأممية المختصة. من جهة ثانية كشفت إنه سيتم الإعلان قريبا عن النسخة الثانية من جائزة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة العالمية لتمكين المرأة، والتي ستنطلق تحت منصة الأمم المتحدة، حيث ستراعي الجائزة للآليات والبروتوكولات التي تقوم الدول لاستحداثها خلال الجائحة لمحاولة تقليص الفجوة بين الرجل والمرأة، وتخفيف تداعياتها على وضع المرأة في المجتمع. الصورة النمطية للمرأة وردا على سؤال بشأن المرحلة المستقبلية لما بعد 2022 سواء من ناحية الصورة النمطية أو الناحية التشريعية، أوضحت هالة الأنصاري أن المجلس الأعلى للمرأة حدد أولويات عمله منذ انطلاقته، مؤكدة أن المؤسسة التعليمية الوطنية تعمل على ترجمة ما تشهده المرأة البحرينية من تقدم حقيقي، مشددة على أن اهتمام المرأة بأدوارها الأسرية هو جزء أصيل من دورها كأم، ولا يمكن أن تتخلى المرأة عن هذا الدور الأصيل، وعلى المناهج الدراسية أن تظهر أهمية هذا الدور إلى جانب إظهار أدوارها المتعددة الأخرى، كما أن عليها أن تؤكد أن للرجل مسؤولية رديفة في إدارة المنزل، وهذه ليست مسؤولية المناهج الدراسية فحسب، ولكن الأسر يقع عليها عبء كبير في تنشئة الأجيال القادمة بعيدا عن الصورة النمطية للمرأة. وأضافت أن تنقيح المناهج الدراسية بشكل علمي لا يتعارض مع قناعات المجتمع، لأن لدينا عاداتنا وتقاليدنا، ويجب أن نحقق موازناتنا بما يراعي خصوصيتنا، ولا نريد أن تتنصل المرأة من مسؤوليتها في المنزل، ولكنها تستحق أن يكون هناك صورة موازية لها تؤكد أن دورها فعال في المجتمع. وحول تثبيت حقوق المرأة فيما بعد الطلاق، أشارت الأنصاري إلى ان هذه المواد التي تستحق التعديل في قانون الأسرة من أجل تثبيت مساهمات المرأة وذلك ليس ماديا فحسب، ولكن مساهمتها المعنوية أيضا، من خلال أن يكون لدى القاضي قناعات تدرك عمق الحياة الأسرية ويتفهم طبيعة العلاقة بين الطرفين، ومدى تضحيات المرأة لصالح أسرتها. تلبية طموحات الأجيال الجديدة وبشأن التشريعات التي يتطلع المجلس الأعلى للمرأة إلى العمل على إنجازها، قالت هالة الأنصاري إنه بعد مرور عقدين على إنشاء المجلس الأعلى للمرأة فإن النظرة والتوجه يختلف، لافتة إلى أن المجلس الأعلى للمرأة عليه أن يرتقي بخطابه القادم ليكون قادرا على تلبية طموحات وآمال الأجيال الجديدة، موضحة أن كل مرحلة من مراحل عمل المجلس كان لها طابعها وخطابها وتوجهها، كما أن المجتمع يشهد تغيرات مختلفة، وهذا هو التحدي المستمر أمام المجلس الأعلى للمرأة وطواقمه التنفيذية، بالشراكة مع كل مؤسسات الدولة الدستورية. وأضافت أن كل مؤسسات الدولة تحمل على عاتقها جزءا كبيرا من مسؤولية مواصلة تقدم المرأة البحرينية في المجتمع، وخاصة أن دستور البحرين حسم هذا الأمر، واليوم المرأة تساوي الرجل في حقوقها وواجباتها تجاه المجتمع، وعلى الدولة مسؤولية واضحة وصريحة لتحقيق التوازن، وحتى تتمكن المرأة من التوفيق بين أدوارها، فإن هذا يتم بالشراكة مع الرجل وبدعم منه. وأشارت الأنصاري إلى أنه يجب رصد المتغيرات المجتمعية وطبيعة التحديات التي تطرأ على مجتمعنا البحريني من أجل ان تنعكس على التشريعات، واليوم يجب أن تتم المراجعة الشاملة لكل القوانين واستحداث قوانين جديدة بما يضمن وجود منظومة تشريعية شبه مكتملة تخدم المرأة والأسرة البحرينية، معتبرة أن التطوير والتحديث هو مسيرة لا تتوقف، لافتة إلى أن الدورة التشريعية تستغرق وقتا منذ بدايتها كفكرة وصولا إلى تجربتها وتنفيذها على أرض الواقع، مع تأكيدنا أن التشريعات يجب أن تكون نابضة بالحياة وعاكسة لآمال وطموحات كل جيل بعد جيل. وأضافت أنه يجب التحلي بالشجاعة لتعديل القوانين التي صدرت قبل سنوات من أجل تجديد الفكر أو الخطاب في مجال معين، وخاصة أن العالم يشهد قفزات كبيرة في التطور، وعلينا أن نواكب هذا التطور، ونحافظ على الريادة التي حققتها البحرين في مجالات عدة ذات علاقة بالمرأة، مشيرة إلى أنه يجب أن يكون هناك وعي بذلك على جميع المستويات سواء على المستوى التشريعي أو على مستوى أصحاب القرار، إلى جانب المجلس الأعلى للمرأة الذي يعتبر الآلية الوطنية المعنية بتقديم النصح في هذا المجال، وذلك من قبيل تحقيق التميز في العمل، بما يلبي طموحات المرأة حتى تكون مساهما فعالا في التنمية الاقتصادية، وحتى لا تجبرها الظروف الحياتية على الانسحاب من مجال معين. المرأة بين الإفراط في التمكين والمظلومية وردا على سؤال بشأن الإفراط في تمكين المرأة في المؤسسات العامة أو الخاصة، قالت هالة الأنصاري الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة إن المجلس الأعلى للمرأة يعمل على تحقيق التوازن بين الجنسين، وهذا لا يعني النظر من الناحية المؤسسية التمسك بنسبة 50/50 في التوظيف أو غيره، لكننا نتحدث عن التوازن بين الجنسين كفكر وتوجه عام، من أجل الوصول إلى المحصلة النهائية لمساهمات المرأة في عملية التنمية والبناء الوطني، مشيرة إلى أن حجم الإنفاق على المرأة على المستوى التعليمي، أو حجم الإنفاق الذي يحقق لها الاستقرار أو غيرها من موازنات ضخمة يجب أن تنعكس على إسهامات المرأة البحرينية من منظور الاستثمار في إمكانياتها وقدراتها، لذا فإن المجلس الأعلى من الطبيعي أن يكون الميسر للكفاءات من المرأة إلى البناء الوطني. وقالت الأنصاري: «قبل عقود مضت كان هناك ما يشبه فقر الدم في موضوع تمكين المرأة، وشح في التشريعات الخاصة بالأسرة البحرينية، ندرة في القرارات المساندة للمرأة على المستوى العملي، وفي المقابل لا يمكن أن نقول إن هناك إفراطا في التمكين، وذلك لأن التوجه المؤسسي في الآلية الوطنية المعنية بهذا الشأن اعتمدت صياغة التوازن بين الجنسين وتكافؤ الفرص في كل المراحل، بحيث تكون كفاءة المرأة هي الفيصل». وأضافت الأنصاري أن الإفراط في التمكين هو الاستمرار في الدفع بالمرأة في الواجهة كتجميل للمجتمع، وليس كونها فردا من الوطن يقع عليها مسؤولية مضاعفة كي تثبت أنها ذات كفاءة، مشيرة إلى أن الافراط في التمكين بسبب الكفاءة ليست مشكلة المرأة، ولكنها حينها قد تكون مشكلة الرجل الذي يجب عليه البحث عن مجالات أخرى. وتابعت أن تراجع نسبة الرجال في القطاع العام قد تكون مؤشرا إيجابيا في توجه الرجال إلى القطاع الخاص، بحيث يكون القطاع الخاص أكثر جذبا للرجل البحريني. وأكدت معارضتها للإفراط في تمكين المرأة إذا ما كان ذلك قائما على الدفع بها كونها امرأة فحسب، مشددة على أن منهجية العمل بتوجيهات كريمة من صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة منذ عام 2001، تقوم على تحديد الأولويات وهي الاستقرار الأسري أولا وهي الصياغة التي يعمل تحت مظلتها المجلس، ثم تمكين المرأة اقتصاديا، والأولوية الثالثة كانت تعزيز مشاركة المرأة سياسيا، مضيفة أن أسلوب عمل المجلس مع القضايا التي تهم المرأة البحرينية والمجتمع البحريني يقوم على خطاب موجه إلى الأسرة البحرينية، ونحن ننبذ المقولات التي تصف المجتمع البحريني بأنه مجتمع ذكوري. وأضافت الأنصاري أن التاريخ يشهد للرجل البحريني أنه شريك أساسي وداعم للمرأة البحرينية في كل مرحلة من مراحل عملها الوطني، إيمانا منه بأهمية دورها في البناء والتنمية، وإذا كانت الأسرة تحتاج إلى المرأة فإنها تحتاج إلى الرجل أيضا، ويجب أن يكون للمرأة إسهام ميداني، واليوم نرى غالبية الصفوف الأمامية من النساء وهذا ميدانها، ولا يمكن تسميته إفراطا في التمكين. وشددت على أن البحرين ليست مجتمعا ذكوريا، والحركة النسائية في المملكة لا تعاني من أي نوع من أنواع التطرف، لأن هذه مبالغة غير مقبولة، وخاصة أن الحركة النسائية البحرينية ممتدة منذ أكثر من 50 عاما، ومهدت الأرض لقيام المجلس الأعلى للمرأة كمؤسسة قوية، لذا لا يجوز بأي شكل من الأشكال أن يقول المنتسبون إلى هذه المؤسسات إن الحركة النسائية في البحرين تعاني من التطرف وان المرأة البحرينية منبوذة أو مظلومة، مضيفة أن المجلس الأعلى للمرأة يكافح من أجل إيجاد توازن بين الجنسين. العلاقة مع المؤسسات الدولية وفي سؤال من «أخبار الخليج» حول العلاقة مع المؤسسات الدولية المعنية بقضايا المرأة، قالت هالة الأنصاري الأمين العام للمجلس الأعلى للمرأة إن هذه من الملفات التي نسعى للتركيز عليها من خلال التعامل مع الوكالات المعنية بتمكين المرأة على المستوى الدولي، ولا يمكن إنكار أن الأجندة الدولية تعمل بشكل مهني لإيجاد خطط واقعية تلمس حياة المرأة في كل المجتمعات، ومملكة البحرين استفادت من المرجعيات الدولية، وعلينا التزامات بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، ولكن أحيانا هذه المؤسسات يكون لديها نوع من الميل أو الوصاية للتدخل في التوجهات الوطنية خاصة في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، وتكون الشريعة الإسلامية في مرمى نيران بعض هذه المؤسسات فيما يتعلق بتقدم المرأة ومشاركتها في الحياة العامة. وأضافت إننا نحاول الموازنة في الخطاب الذي يتم توجيهه إلى هذه المؤسسات، بحيث يتسم حديثنا عن المرأة كمواطن وشريك في التنمية بالصراحة وبتأكيد عدم وجود أي عوائق أمام المرأة في هذه المجالات، كما أن الأعراف والعادات والتقاليد في مملكة البحرين تدفع بالمرأة أن تكون مشاركا بأريحية في العملية التنموية من دون أي قيود، لذلك أحيانا ننزعج عندما لا تعكس النصوص هذا الواقع، وخاصة أن الشريعة الإسلامية حسمت هذه الأمور، من ناحية خروج المرأة من المنزل ومشاركتها في العمل العام وغيرها من القضايا الشرعية المحسومة، ولكن تقيد البعض بنصوص لا تعكس روح الشريعة الإسلامية في التعامل مع المرأة كما الرجل يعرضنا لهجوم من المنظمات الدولية. وجددت الأنصاري تأكيدها بأهمية الموازنة بين ما يجب أن يقال لهذه المنظمات بشأن خصوصية مجتمعاتنا حينما يتجاوزون الخطوط الحمراء وفي المقابل نخاطبهم بنفس لغتهم بأن المرأة البحرينية والعربية تحظى بفرص متكافئة كما الرجل وأن الواقع يثبت ذلك، ولا يجب أن نقع تحت وطأة الارتباك أو الضغط من تقاريرهم، وعلينا أن نطالب المنظمات الدولية أن تنتظرنا بحسب أولوياتنا الوطنية وخصوصيتنا المجتمعية لتحقيق المتطلبات.
مشاركة :