هذه المصادفات العجيبة رباح آل جعفر سمعت عن وزير عراقي هذه الحكاية. قال: في العام 1984 ذهبنا إلى موسكو لنشارك بوفد رسمي في تشيّيع الرئيس السوفيتي يوري اندروبوف، وحين بدأ الرئيس الجديد قسطنطين تشرنينكو يصافحنا في قاعة الكرملين كان يقف إلى جانبي وزير خليجي فبادرني قائلاً: في العام القادم سنلتقي هنا وفي هذا المكان لنشيّع الرئيس الجديد!. يضيف الوزير: الغريب أنني والوزير الخليجي التقينا بالفعل بعد عام على تشيّيعنا جنازة الرئيس اندروبوف لنشارك هذه المرة في جنازة الرئيس تشرنينكو!. وعندما مات الشيخ محمد عبده سار في جنازته سبعة شعراء ووقفوا يُلقون عند قبره المراثي. وتنبّأ أحد الأدباء أن هؤلاء الشعراء السبعة سيموتون بالتتابع بحسب ترتيب إلقائهم قصائدهم. وحدث أن صدقت النبوءة. مات الشعراء الأربعة الأولون حسب التسلسل. ومرض شاعر النيل حافظ ابراهيم وكان السادس في الترتيب. فبعث إليه الشاعر حفني ناصف وكان خامسهم يطمئنه بقصيدة طريفة، يقول فيها: أتذكرُ إذ كنّا على القبر سبعةً نعـدّدُ آثـــارَ الإمــام وننــدبُ؟ وقفــنا بترتيـبٍ وقد دبّ بيننا مماتٌ على وفقِ الرثاءِ مرتّبُ!. مات حفني ناصف ثمّ تلاه موت حافظ ابراهيم. فلمّا مات حافظ تذكّر أمير الشعراء أحمد شوقي أنه كان السابع في ترتيب الإلقاء. فاكتأب وهرب من القاهرة عسى أن يجد راحته في الإسكندرية إذ لم يبق غيره من الشعراء السبعة على قيد الحياة. لكن شوقي مات بعد ستة شهور بالتمام وفي نفس العام الذي مات فيه حافظ!. وكان الفنان عبد الحليم حافظ يقول لمن حوله من الأصدقاء إنه يريد أن يموت في القاهرة لكنه سيموت في لندن.. ومات في لندن!. والرئيس الأميركي لنكولن والرئيس الأميركي كنيدي كلاهما اغتيل في يوم الجمعة. وكلاهما تنبّأ بموته في يوم اغتياله. وكلاهما كانت ترافقه زوجته لحظة اغتياله. وفي مذكرات الدكتور عبد الرحمن بدوي يقول إنه وجد نفسه في هذه الدنيا بالمصادفة. فقد نجا والده من رصاصة طائشة في رأسه فعاش وتزوج ليولد بعدها الفيلسوف المصري الكبير. وقال لي صديقنا الأديب البديع عبد المجيد الشاوي إنه ورث عن والدته كرامة كانت تحدث معه في كل مرة. فما يناله أحد بسوء، فيقول: حسبي الله ونعم الوكيل، إلا أصاب ذلك الإنسان مكروه!. وعندما سألت عالم الاجتماع أستاذنا علي الوردي عن رأيه بمن ينكرون علم الخوارق ويقولون إنه من الخرافات؟. كان جوابه: ليس لي عليهم ردّ. وليس من المستحبّ أن أجادلهم. وذكر لي قصة طريفة حدثت مطلع القرن العشرين أن رجلاً اعتدى على آخر لأنه عدّه كافراً بسبب قوله: «إن المطر من البخار» وقد صدر في ذلك الوقت كتاب عنوانه «السيف البتّار على الكفار الذين يقولون إن المطر من البخار»!. ليس صحيحاً أن كل شيء يحدث بالمصادفة، ولا كل شيئ محتمل. فما نراه يحدث بالصدفة أمامنا هو في علم الله. يعلم ما كان وما يكون ويعلم ما لم يكن لو كان كيف يكون. فسبحان الله الذي لا يَعْزُبُ عنه مثقال ذرّةٍ في الأرض ولا في السماء.
مشاركة :