تعمل مجموعة من الشبان في محافظة السويداء (جنوب سوريا) منذ عدة أشهر على تعزيز ثقافة رياضة لعبة الشطرنج لما لها من أهمية كبيرة في تجنيب الشبان في مقتبل عمرهم الانحراف باتجاه عالم الجريمة والمخدرات والمحافظة على تلك الشريحة المهمة في بناء المجتمع بالمستقبل. والمبادرة التي اطلقها مجموعة من الشبان منذ أكتوبر من العام الماضي بالتعاون مع منظمة الهلال الأحمر السوري تهدف إلى نشر لعبة الشطرنج بين أوساط الشبان، الذين يقضون جل وقتهم في الجلوس مع التقنيات الحديثة والتصفح عبر وسائل التواصل الإجتماعي في قضايا غير مثمرة، حسب رأيهم، لحثهم نحو رياضة الشطرنج التي تحفز العقل على التفكير الصحيح وتعلمهم الصبر والتأني في اتخاذ القرار المناسب. واليوم اجتمع أكثر من 80 شخصا من مختلف الشرائح الاجتماعية، ولكن غالبيتهم شبان، في صالة كبيرة في مدينة السويداء بحضور كبير من المشجعين لهذه الرياضية الذهنية ، ليس بهدف التنافس على مراكز معينة وانما لنشر ثقافة هذه اللعبة بين الناس في مشهد يسوده المحبة والتفاؤل بمستقبل أفضل لشباب سوريا الذين ارهقتهم ظروف الحرب والحصار التي تعيشها بلادهم منذ 10 سنوات. وامام رقعة الشطرنج المقطعة إلى مربعات بيضاء وسوداء جلست الشابة ديانا ذيب (21 عاما) طالبة هندسة مع شاب من نفس عمرها في جو يسوده الصمت والتأمل في نقل قطع الشطرنج لتحقيق الفوز عبر جولتين، وفي ذات الوقت كانت العشرات من اللاعبين في تلك القاعة منشغلين بالتفكير والتأمل في رقعة الشطرنج. وقالت ديانا لوكالة أنباء (شينخوا) إن "هذا النشاط اليوم يؤكد أن لعبة الشطرنج مرغوبة من قبل كافة الشرائح الاجتماعية، لما لها من أهمية في تحقيق التأمل والتفكير في نقل القطعة المناسبة ووضعها في المكان الذي يحقق الفوز"، مؤكدة أنها تستفيد أيضا من خلال اللعب مع خصمها من أفكار جديدة. وتابعت تقول بعد ان حققت الفوز على خصمها "نأمل أن تعم ثقافة الشطرنج بين فئة الشبان، وخاصة في هذه الأيام لانشغال الشبان بأشياء مدمرة للعقل وتهدر الوقت"، مشيرة إلى أنها تسعى جاهدة لاستقطاب عدد كبير من اقاربها لهذه اللعبة وتحاول تعليمهم قواعد اللعبة. وأضافت "لعبة الشطرنج لعبة مميزة وتشغل العقل وتجنب الشبان الانحراف نحو الأشياء الخطرة مثل المخدرات والجريمة وغيرها من الأعمال الأخرى بالإضافة إلى ذلك فهي تهذب النفس وتجعل الشخص متزنا في اتخاذ أي قرار أو خطوة تخص حياته". وأشارت ديانا إلى أنها منذ نعومة اظافرها وهي تحب هذه اللعبة وتحث الكل على ممارسة هذه اللعبة لأهميتها في حياتنا. من جانبه، عبر الشاب نادر 23 عاما عن سروره بالانضمام إلى عائلة لاعبي رياضة الشطرنج، مؤكدا أنه قبل سنة من الآن لم يكن يحب هذه اللعبة، ولكن بعد ان شاهد بعض رفاقه يلعبون هذه اللعبة بكثير من المتعة، قرر أن ينضم اليهم ويستثمر وقته بشيء نافع. وقال نادر الذي خسر في جولتين مع أحد أصدقائه، لكونه هاوي، لوكالة (شينخوا) "كنت فيما مضى اجلس ساعات طويلة امام جهاز الموبايل اتصفح عبر مواقع التواصل الاجتماعي دون فائدة، واحيانا كنت اخرج مع رفاقي إلى المقاهي للتسلية ولكن بعد أن شاهدت رفاقي يقضون وقتا طويلا في لعبة الشطرنج، قررت أن انضم اليهم واتعلم منهم قواعد اللعبة"، مؤكدا أنه يخسر جولات كثيرة ولكنه في نفس لم ييأس بل ظل لديه حافز كبير لتحقيق الفوز. وتابع يقول "انا ما زلت هاويا، ولكن مع الوقت ساحترف اللعبة ، وتعرفت على أناس جدد لديهم طموح وحققوا بطولات كبيرة في هذه اللعبة"، معربا عن سروره بالانضمام لعائلة رياضة الشطرنج. بدوره، قال المهندس رفعت خضر (48 عاما) أحد المشرفين على مبادرة نادي الشطرنج في السويداء لوكالة (شينخوا) إن من الأهداف التي يسعى اليها القائمون على هذه المبادرة بالتعاون مع الهلال الأحمر هو تعميم ثقافة الشطرنج في كافة أرجاء المحافظة". وأضاف خضر "أن رياضة الشطرنج لها عدة فوائد ولهذا نحن نسعى لتعزيز هذه الثقافة في أوساط الشبان لتجنيبهم الانحراف والانجرار نحو عالم الضياع وممارسة أفعال غير مثمرة وتترك اثارا سلبية على حياتهم ومستقبلهم"، مبينا أن هذه الرياضة تعزز لدى الطفل او الشباب المزيد من العادات الإيجابية سواء كانت سلوكيا أو فكريا وتنمي مدارك الطفل وتعوده على الصبر والمبادرة والتخطيط السليم. ولم يتردد موفق أبو حسون وهو لاعب شطرنج قديم في القول إن "لعبة الشطرنج هي لعبة تهذب النفس وتعزز التفكير الإيجابي لدى الأشخاص الذين يمارسون هذه اللعبة". وقال أبو حسون، وهو مدرس متقاعد واحد القائمين على المبادرة لـ (شينخوا) إن "لعبة الشطرنج هي لعبة الاذكياء .. وهذه اللعبة تجنب أطفالنا وشباننا الانحراف نحو الجريمة والألعاب التي تدمر العقل"، مؤكدا أن هذه المبادرة تهدف إلى تشجيع الناس على ممارسة هذه اللعبة ونأمل أن تدخل هذه اللعبة إلى كل بيت.
مشاركة :