مجلس الوزراء والبيروقراطية

  • 6/1/2021
  • 15:49
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

مرتضى بن حسن بن علي appleorangeali@gmail.com التغييرات السريعة المُتلاحقة في العالم، تجعل عملية إصلاح الأجهزة الإدارية الحكومية وتحريرها من البيروقراطية التي تحد من كفاءتها وفعاليتها، من المواضيع التي تشغل بال الحكومات والمُفكرين والاقتصاديين عبر العالم، هذه التطورات السريعة تتطلب من مجلس الوزراء المُوقر التحرك السريع للتقليل من البيروقراطية، وإنشاء جهاز إداري عالي الكفاءة من حق عُمان أن تتمتع به. النقلة الكبيرة التي حدثت في إدارة الأجهزة الحكومية في الدول المتقدمة، سببها الانتقال من المنهج التقليدي للإدارة إلى منهج يقتبس الكثير من أساليب ونُظم العمل المطبقة في القطاع الخاص، منها الاهتمام بالعميل "المُراجع"، وبالتكلفة وبالإنتاجية، وتقييم العمل الحكومي وفقاً للنتائج النهائية، المرتكزة على الأداء المؤسسي للأجهزة الحكومية، وتبني أنظمة متطورة للحوكمة والمحاسبة المالية والإدارية، هذا المنظور لم يتغلغل لحد الآن في عمليات الجهاز الإداري في عُمان، رغم تنامي الأصوات المنادية بذلك. التعقيدات البيروقراطية المنتشرة في الإدارات الحكومية، تتنافى أيضاً مع مبدأ دولة المؤسسات والقانون، كما تتعارض مع طبيعة العصر الذي نعيشه والمتسم بالسرعة والمرونة، ومع مضامين رؤية "عمان 2040" التي تؤكد على كفاءة الأداء وتحسين الإنتاجية والابتعاد عن البيروقراطية العقيمة، كما تتصادم مع مبدأ النهضة المتجددة، ومع مناشدة الحكومة بضرورة تولي القطاع الخاص بتوسيع أنشطته أفقياً وعمودياً؛ لتوفير الوظائف للباحثين عن عمل وتشجيع الشباب لإنشاء مشروعاتهم الخاصة، فالسلسلة الطويلة من الإجراءات المملة والمعقدة والضعف في كفاءة بعض الموظفين وتدني إنتاجيتهم وانعدام رغبتهم في التعاون مع المُراجعين، تثير العديد من التعليقات والانتقادات من المراجعين، كما تسبب خسائر كبيرة للجميع؛ أفرادا ومؤسسات؛ حيث إن عرقلة معاملة واحدة تعني عرقلة سلسلة طويلة من المعاملات المرتبطة بالمعاملة الأصلية والنتيجة تعرقل سلسلة من الأعمال العديدة. وهناك عدد من الموظفين غير أكفاء وبيروقراطيين بشكل مُفرط، يقاومون أي ابتكار أو أفكار جديدة من شأنها أن تجعلهم أقرب إلى العالم الحديث، كما يغيب أي تدقيق حقيقي عليهم سواء من وحدتهم أو من وسائل الإعلام. ترى كيف يمكن لمجلس الوزراء الموقر أن يلعب دورًا مؤثرًا من أجل إصلاح الجهاز الإداري للدولة وتقليل البيروقراطية تمهيدا للقضاء عليها؟ ربما إن النقاط التالية قد تكون مناسبة لأخذها بعين الاعتبار: ولإدارة الأجهزة الإدارية بكفاءة عالية، فمن الضروري تطوير مهارات وخبرات الموظفين باستمرار، ليكونوا قادرين على إنجاز عدة أعمال في وقت واحد، وأن يتمكن المُراجع من إنجاز مُعاملاته عن طريق الحاسوب أو الهاتف الذكي وتطبيقاته، وعندما يقل عدد الموظفين وترتفع كفاءتهم وإنتاجيتهم، ترتفع مرتباتهم ومزاياهم الوظيفية. من المهم أيضاً أن تراقب الأجهزة الرقابية، الأداء النهائي، من حيث الفعالية والجودة والجدوى والنتائج. النقلة الحقيقية لإعادة الهيكلة تتطلب إعادة تشكيل الأدوار بحيث تكون رقابة الأجهزة الرقابية، رقابة أداء، ورقابة نتائج والتركيز على الإنتاجية والفعالية والجدوى، وعلى درجة الالتزام بالضوابط واللوائح الموضوعة، لأن المسؤولية عن النتائج تتطلب التحرك بشكل أوسع لوضع النظم الداخلية الخاصة بها. الدور التطويري لهذه الأجهزة يحتاج إلى المزيد من التفعيل والتعميق، بحيث ينشط دورها في تقديم مقترحات تُعين الأجهزة التنفيذية على النهوض بأدائها وعلى تحسين نظم وآليات عملها بالشكل الذي يؤدي إلى تحسين الأداء النهائي. ومن دون الإصلاح الجذري للجهاز الإداري للدولة، إضافة للإصلاح الجذري لأنظمة الاقتصاد والتعليم والتدريب، سيكون من الصعب- إن لم يكن مستحيلًا- تنفيذ أية رؤية اقتصادية طموحة لعُمان؛ لتأخذ مكانتها اللائقة بين الدول في هذا العالم المتغير، والذي يقوم بإعادة تشكيل نفسه من جديد.

مشاركة :