كتب المعتقل البريطاني من أصل سعودي شاكر عامر (48 عامًا) المحتجز في معتقل جوانتانامو منذ ما يقرب من 14 عامًا دون اتهام؛ رسالة مبكية من زنزانته، يبث فيها معاناته المتواصلة حتى بعد قرار الإفراج عنه من قبل السلطات الأمريكية الذي لم ينفذ حتى الآن. ووفقا لـ “عاجل” السعودية أعلن “عامر” أنه قد لا يخرج حيًّا من معتقل جوانتانامو، بعد أن أعلن إضرابه عن الطعام، مؤكدًا خلال لقائه محاميَه أنه يتعرض لأعمال عنف جسدي، وفقًا لما نقلته مدونة “هافنجتون بوست” العربية، عن صحيفة “ميل أون صنداي” الأحد (4 أكتوبر 2015). وقال عامر المتزوج بريطانية، الذي تطالب لندن بإطلاق سراحه منذ عام 2010، لمحاميه كلايف ستافورد سميث إنه “تم توقيع أوراق، لكن هذا لا يعني شيئًا. أمور كثيرة قد تحصل قبل أن أخرج” من جوانتانامو، وأضاف: “أعرف أن البعض لا يريد أن أرى الشمس من جديد”. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما وافق على الإفراج عن المعتقل عامر من جوانتانامو وإرساله إلى المملكة المتحدة، في 26 سبتمبر 2015، لكن لم ينفذ القرار حتى اليوم الأحد 4 أكتوبر 2015. “عامر” هو مواطن سعودي يحمل الجنسية البريطانية، كان يُقيم في المملكة المتحدة مع زوجته البريطانية وأولاده الأربعة في جنوب لندن، وحصل على البراءة عام 2007 في عهد الرئيس جورج بوش، كما تمت تبرئته عام 2009 خلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس أوباما، ولم يخضع -طول مدة احتجازه- للمحاكمة، ولم تتم إدانته بأي جريمة على مدى 14 عامًا. واعتُقل عامر في أفغانستان عام 2002، وزعمت السلطات الأمريكية أنه حليف لأسامة بن لادن، وهي الاتهامات التي نفاها المعتقل السعودي تمامًا. وكتب السجين السعودي في رسالة إلى زوجته نشرتها صحيفة “ديلي ميل” البريطانية كلمات تدل على مدى المعاناة، وكيف أنه يفكر في حياته بعد الخروج، التي لن تكون سهلة؛ حيث يحتاج إلى تأهيل قبل أن يعود مجددًا إلى حياة الحرية، لكن المؤثر في الرسالة حديثه عن أبنائه الذين رآهم في منامه صغارًا كما تركهم منذ ما يقرب من 14 عامًا. وهذا نصها: “رأيت أطفالي في المنام منذ ثلاثة أيام، ليسوا كما هم عليه اليوم، بل كما كانوا مثل آخر مرة رأيتهم، منذ ما يقرب من 14 عامًا.. فأطفالي الصغار الذين أعرفهم وأحبهم كثيرًا ليسوا موجودين الآن.. لقد كبروا.. لقد رأيتهم مرات قليلة في مناسبات نادرة بعد أن سمحت سلطات جوانتانامو لي بأن أتحدث مع عائلتي في مكالمة فيديو عبر سكايب.. لكن الصور التي في ذهني من تلك المحادثات ليست هي ما رأيتها في حلمي. في رسالة زوجتي الأخيرة، تطالبني بأن أبقى قويًّا بغض النظر عما إذا كان الإفراج عني سيحدث الشهر القادم، العام القادم، أو حتى في السماء، بعد أن صدر أخيرًا قرارا بأن أكون طليقًا.. “كن قويًّا”؛ لأنك تحتاج إلى أن تكون قويًّا، لا لأنك سمعت بعض الأخبار لتعود إلى بيتك؛ لأن ذلك قد لا يكون حقيقيًّا”. أنا هنا، أضحك، وأمزح، لكنني أيضًا أصرخ.. الجرح الذي أحمله يكمن في أعماقي، وأعرف أن هذا الجرح سينزف بمجرد أن أترك هذا المكان. لا تنخدع بالخارج.. هذه مقولة زوجتي في رسالتها.. والحقيقة هي أنني شخص حساس جدًّا؛ ففي اللحظة التي أحصل فيها على حرية المعتقل رقم 239، فإن عامر شاكر سوف يعود محملًا بالكثير، سوف يحتاج كل منها إلى حلول، واحدًا تلو الآخر. بادئ ذي بدء، أنا بحاجة إلى إعادة التأقلم بقضاء بعض الوقت مع زوجتي.. وأنا بحاجة لاستعادة شخصيتي: لأستخدم اسمي مجددًا بدلًا من رقمي كسجين لمدة 14 عامًا”. وانتقل شاكر في رسالته موجهًا شكره إلى كل من دافعوا عنه ووقفوا بجانبه في محنته، ومنهم زوجته التي أصرت على القتال لعودته، ومحاميه، وبعض السياسيين البريطانيين الذي دعموا موقفه، قائلًا لزوجته: “قولي لهم إنكم لم تفعلوا ذلك هباء.. ولكنكم خضتم معركة شخص بريء.. فعلتم شيئًا عظيمًا.. سيجزيكم الله عليه، وأنتم تستحقون كل الخير على ما فعلتم”. رسولنا الكريم يقول: “(من لم يشكر الناس لم يشكر الله).. وإن الكلمات غير كافية أبدًا. ولكن حتى الآن، أنا لا أزال المحتجز 239. وكما قلت مرات عديدة من قبل، لقد تحملت معاملة سيئة متواصلة.. لكني لم أقبل ذلك أبدًا، وكانت وسيلتي الوحيدة للاحتجاج على ذلك هي الإضراب عن الطعام.. ولن أتوقف عن ذلك، وبمرور الوقت وبمجرد خروجي إلى النور ستكون صحتي قد تدهورت بشدة.. كيف أكون إذًا قويًّا؟!”.
مشاركة :