التقت نخبة من قادة الأديان الدوليين والمسؤولين، الخميس الماضي، لمناقشة الخطوات العملية الرامية لتعزيز الأخوة الإنسانية في العراق، وذلك في ندوة افتراضية نظمتها اللجنة العليا للأخوة الإنسانية بعد مرور قرابة ثلاثة أشهر من زيارة قداسة البابا فرنسیس بابا الكنیسة الكاثولیكیة التاريخية للعراق. وقال نيافة الكاردينال ميغيل أيوسو، عضو اللجنة العليا للأخوة الإنسانية الذي صاحب البابا فرنسيس أثناء زيارته للعراق: إن زيارة البابا فرنسيس كانت بمثابة «علامة فارقة أخرى على طريق الحوار بين الأديان»، مشيراً إلى أن الزيارة سارت على نهج خطوات حدث توقيع قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب شيخ الأزهر وثيقة الأخوة الإنسانية عام 2019 في أبوظبي. من جانبه، قال معالي حسن ناظم، وزير الثقافة العراقي: إن كل محطة نزل فيها البابا خلال زيارته العراق كانت تحمل رسالة خاصة إلى الشعب العراقي والمنطقة، وهي تطبيق لوثيقة الأخوة الإنسانية، مشيداً بدور حكومة دولة الإمارات في إعادة إعمار دور العبادة التي دمرها الإرهابيون في العراق. وكانت الإمارات العربية المتحدة قد تعهدت بتقديم أكثر من 50 مليون دولار لإعادة بناء التراث الثقافي في مدينة الموصل العراقية، بما في ذلك إعادة إعمار كنيستين مسيحيتين ومسجد النوري الذي يعود إلى القرن الثاني عشر، والذي دمره تنظيم داعش الإرهابي. وفي كلمتها، قالت معالي نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب: إن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أبدى اهتماماً شديداً بهذا المشروع منذ إطلاقه، وهو المشروع الذي بدأ بالتزامن مع الإعلان عن إعادة إعمار مسجد النوري، ولم يُرد سموه أن يكون تدمير هذا المسجد هو الذكرى الأخيرة التي تبقى لمدينة الموصل. وأكدت الكعبي أن كلاً من دولة الإمارات العربية المتحدة والعراق تربطهما علاقة تاريخية ومتينة. وفي مداخلته، أوضح إرنيستو أوتون، مساعد المدير العام لمنظمة «اليونيسكو»، أن «اليونيسكو» تعمل «بتنسيق كامل» مع الإمارات العربية المتحدة فيما يتعلق بأعمال إعادة الإعمار التي لا تقتصر على المباني التراثية في الموصل فحسب، بل تشمل أيضاً إعادة إحياء روح هذه المدينة العراقية. وقال: إن المشروع الذي أطلقته «اليونيسكو» تحت شعار إحياء روح الموصل استطاع أن يوحد جهود المسيحيين والمسلمين معاً لإعادة بناء المدينة، من خلال أعمال الإعمار والثقافة والتعليم. وأشار الأب أوليفييه بوكيلون، الممثل عن النظام الدومنيكاني في مشروع إعمار الموصل القائم بين منظمة اليونسكو ودولة الإمارات العربية المتحدة، إلى أن المسيحيين والمسلمين يؤمنون بأهمية وجودهم معاً واتحادهم لتكتمل الصورة المشرقة للعراق.. وأكد أن رفاهية كل أطياف الشعب العراقي المتنوع أمر ضروري لمستقبل هذه البلاد. من جانبه، قال نيافة الكاردينال لويس ساكو، بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية في بابل: نعول على اللجنة العليا للأخوة الإنسانية في تطبيق الرسائل التي خاطب بها قداسة البابا فرنسيس العراقيين وكل أبناء المنطقة وليس المسيحيين فقط، مشيداً بدور دولة الإمارات المتمثل في استضافتها اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، وسن تشريعات تشجع على التنوع والتعددية، ودعم التسامح الديني والثقافي والاجتماعي. وفي كلمته، قال الدكتور سيد جواد الخوئي، المؤسس المشارك للمجلس العراقي للحوار بين الأديان: إن زيارة قداسة البابا فرنسيس للعراق وحدت العراقيين وأشاعت روح السلام والتفاؤل وعززت التواصل البناء في العراق والمنطقة، داعياً القيادات الدينية إلى العمل لإبراز القيم الأخلاقية العليا والقواسم المشتركة بين الأديان وإعمال العقل لحل أي خلافات. من جانبه، قال المستشار محمد عبدالسلام، الأمين العام للجنة العليا للأخوة الإنسانية: إن إصرار قداسة البابا فرنسيس على دعم الشعب العراقي، برغم التحديات التي أحاطت بالزيارة يعبر بوضوح عن التوجه الإنساني لقداسته وحرصه على دعم الشعب العراقي، مبدياً ثقته بأن زيارة الإمام الأكبر أ.د. أحمد الطيب المرتقبة للعراق سوف تعزز التضامن مع الشعب العراقي وتقوي وحدته وتماسكه. وأكد فضيلة الدكتور عبدالوهاب السامرائي، إمام وخطيب جامع الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان في بغداد، أن الشعب العراقي يتطلع إلى زيارة فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، التي سيكون لها ثقل وتأثير كبير، وستدعم تماسك العراقيين ووحدتهم، داعياً إلى تأسيس بيت عائلة عراقي على غرار بيت العائلة المصري الذي أسسه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر في عام 2011 لتعزيز العلاقات بين المسلمين والمسيحيين. وفي ختام الندوة، أكد المستشار عبدالسلام أن اللجنة العليا للأخوة الإنسانية ستشارك بقوة مع أبناء الشعب العراقي في تعزيز مبادئ الأخوة والتعايش، ليعود العراق كما كان دائماً عظيماً في تماسكه وتعايشه وإنسانيته.
مشاركة :