فريق طبي سعودي ذهب إلى مدينة «وَدْ مدني» بالسودان وبدأ هذا الأسبوع بإجراء عمليات قلب مفتوح لحوالي 100 من أطفال السودان في مستشفى وَدْ مدني لأمراض وجراحة القلب. خبرٌ فرحت به كثيرًا لأنه ذكَّرني بأستاذي السوداني في المرحلة الثانوية الذي جاء من «وَدْ مدني» بوسط السودان إلى «سكاكا - الجوف» في شمال المملكة العربية السعودية. أتذكر اسم أستاذي القديم والقدير صِدِّيق فرَّاج، وأتذكر كم كان يحب مدينته التي رسم لها صورة جميلة استقرت في أذهاننا رغم البعد. مدينة فاتنة تقع على النيل الأزرق أسسها شيخٌ فَتَسَمّت بإسمه وهو الشيخ ابن المدني أو «ولد مدني»؛ وفي اللهجة السودانية يقولون «وَدْ» بدلاً من «ولد» فصار اسم المدينة «وَدْ مدني». عندما قرأت أن فريقًا طبيًا سعوديًا ذهب إلى «ود مدني» لإجراء عمليات جراحية في القلب فرحت كثيرًا لأنني أحببت «ود مدني» تعلقًا بأستاذ كريم علَّمني حروفًا وليس حرفًا واحدًا و«مَنْ علمني حرفًا صرتُ له عبدًا». شعرت أن جيلي وأجيالاً كثيرة من قبلي ومن بعدي يفون بديون لأساتذة كرام جاؤوا من دول عربية عديدة عندما كان المعلمون السعوديون نادرين. وها أن البذور التي زرعوها أينعت وطرحت ثمارها. فبعض الذين درَّسهم المعلم صديق فراج في ثانوية الجوف الوحيدة في ذلك الزمان أصبحوا أطباء وجراحين ومهندسين واختصاصيين في مختلف الحقول وانتشروا في منطقتهم وفي وطنهم وخارجه. ابتهجت كثيرًا أن أقرأ عن فريق طبي سعودي يذهب إلى «ود مدني» بالسودان لإجراء عمليات جراحية تطوعية لأن هذه المبادرة خطوة جميلة تجسد عمق علاقاتنا بأشقائنا أهل السودان النبلاء الذين يوجد بيننا منهم حتى اليوم مئات الآلاف ممن يعملون في المستشفيات والجامعات والشركات ومختلف المرافق والقطاعات. وابتهجت لأن هذا الفريق سوف يُجري عمليات القلب المفتوح لشريحة محددة من المرضى وهم الأطفال من الأسر المحتاجة التي لا تملك تكلفة العلاج الباهظة، حسب ما ورد في الخبر. وتلك لفتة إنسانية وأخوية جميلة. أخيرًا، فإنه مما يبهج أن تكون لدينا الكوادر الطبية التي تستطيع إجراء العمليات الجراحية المعقدة، فقد كنا نبحث عن العلاج خارج بلادنا لأمراض أصبح علاجها ميسورًا في مناطق كانت نائية في أطراف بلادنا. وقد كان «التعليم» هو المفتاح السحري الذي فتح لنا الآفاق، وسيظل التعليم هو أهم استثمار لتحقيق التنمية والرخاء والتقدم.
مشاركة :