احتجزت الشرطة الإسرائيلية الأحد الناشطين الفلسطينيين البارزين منى ومحمّد الكرد من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة حيث تواجه عشرات العائلات الفلسطينية خطر الإجلاء لصالح جمعيات استيطانية. وأطلق سراح منى بعد ساعات قليلة بعد الظهر فيما بقي شقيقها قيد التحقيق قبل الإفراج عنه مساء. وقالت منى إنه تم التحقيق معها على مرحلتين، موضحة أن «جنديا بلباس مدني دخل غرفة التحقيق وبدأ بتهديدي». وقالت الكرد إنهم لم يسمحوا لها صباحا «بغسل الوجه واستخدام الدبابيس لتثبيت حجابي (...) وخلال التحقيق دخلت الشرطية معي إلى داخل الحمام، الموقف كان مذلا ومهينا». من جهته، أكد المحامي ناصر عودة أن التحقيق معها كان «حول نشاطها داخل حي الشيخ جراح». وبحسب المحامي تم «تهديدها في محاولة لمنعها من مواصلة نشاطها الذي يكفله القانون». وقالت الكرد إنها قابلت خلال الاحتجاز شقيقها محمد وناشطا آخر، بالإضافة إلى رئيس لجنة حي بطن الهوى في بلدة سلوان زهير الرجبي حيث يواجه نحو 700 فلسطيني من سكان الحي خطر الإجلاء أيضا في قضية مشابهة. وكان نبيل الكرد، والد منى ومحمّد، قال لفرانس برس صباحا إن ابنته (23 عاما) اعتقلت «من منزل العائلة (...) واقتيدت إلى مركز شرطة صلاح الدين». وأوضح أن «طلب استدعاء باللغة العبرية تركته (الشرطة) لمحمّد» الذي كان خارج المنزل. وأكد محامي العائلة ناصر عودة أن الشرطة واجهت الناشطة الشابة ب»تهمة القيام بأعمال تخل بالنظام والسلم وتثير للشغب». وأوضح عودة لفرانس برس أن التهمة أدرجت تحت بند «الدافع القومي». - «اللسان والكاميرا» - ويشهد حي الشيخ جراح منذ نحو شهرين احتجاجات يومية على خلفية التهديد بطرد عائلات فلسطينية من منازلها لصالح جمعيات استيطانية، وتوسعت الاحتجاجات إلى أنحاء متفرقة من القدس وخاصة في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان. وأظهر مقطع فيديو اطلعت عليه فرانس برس منى الكرد تضع غطاء على رأسها قبل أن تقوم امرأة من عناصر الأمن بوضع الأصفاد بيديها واقتيادها خارج المنزل إلى سيارة الشرطة. وكان الأب الذي تحدث لوكالة فرانس برس أكد من أمام مركز الشرطة وسط المدينة أن اعتقال ابنته يندرج ضمن «عملية إرهاب الأهل لأن الصوت الذي خرج من الحي كان بفضل الشباب». وبحسب الكرد فقد منعت الشرطة المحامين من البقاء مع ابنته خلال التحقيق مشيرا إلى أن أحد المحامين «تحدث إليها قبل التحقيق» فقط. ومن جانبها، أكدت الشرطة الإسرائيلية لفرانس برس أن منى «يشتبه بمشاركتها في احتجاجات واحداث اخرى في الشيخ جراح». وقال نبيل الكرد أمام محطة الشرطة إن «سلاحنا اللسان والكاميرا ... محمد ومنى جعلا كل العالم يلتفت لقضيتنا». وقبل الإفراج عن منى بعد ظهر الأحد، عقد أهالي الحي مؤتمرا صحافيا أمام مركز الشرطة الإسرائيلية في شارع صلاح الدين تضامنا مع ما قالوا إنه «تصعيد ضد الصحافيين وأهالي الحي». خلال المؤتمر وأثناء نقل منى من مركز الشرطة ألقى عناصر الشرطة القنابل الصوتية والرصاص المطاطي تجاه المعتصمين ما أدى إلى فض المؤتمر. وعلى أثر ذلك، سجلت 11 إصابة على ما أكد الهلال الأحمر الفلسطيني، بينها إصابات بالرصاص المطاطي وسبعة بقنابل الصوت. وقال الهلال في بيان «تم استهداف سيارة الإسعاف بقنابل الصوت». وأدت قضية حي الشيخ جراح إلى تصعيد دام مع قطاع غزة استمر 11 يوما، أدى إلى مقتل 260 فلسطينيا بينهم 66 طفلا ومقاتلون ودمار هائل في القطاع المحاصر. ومن الجانب الإسرائيلي قتل 12 شخصا بينهم طفل وفتاة وجندي. وتقول العائلات إن رد المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية على طلب محامي العائلات الأخذ بمشورته سيعلن الثلاثاء، وذلك بعدما أرجئت الشهر الماضي إحدى جلسات الاستماع التي كانت مقررة. وتسعى الجمعيات المطالبة بالأملاك حاليًا إلى إخلاء منازل 58 فلسطينيًا آخرين، وفقًا لمنظمة «السلام الآن». ويقول الفلسطينيون إنّ خطر الإخلاء يهدّد بشكل عام نحو 500 فلسطيني. ويعيش في القدس الشرقية المحتلة أكثر من 200 ألف مستوطن بين 300 ألف فلسطيني. ويعتبر الاستيطان غير قانوني بموجب القانون الدولي. ويستولى مستوطنون يهود بدعم من المحاكم على منازل في الشيخ جراح بدعوى أن عائلات يهودية عاشت هناك وفرت في حرب عام 1948 عند قيام دولة إسرائيل. لكن اسرائيل لا تقوم بالمقابل بإعادة أملاك وبيوت إلى فلسطينيين فقدوها ويسكنها يهود. - اعتقال صحافيين - وحظيت قضية الشيخ جراح باهتمام إعلامي واسع، ويقول صحافيون إن الشرطة الإسرائيلية استهدفتهم خلال التغطية الإعلامية للاحتجاجات في الحي. السبت، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية مراسلة قناة الجزيرة الفضائية جيفارا البديري من الحي أثناء تغطيتها الإعلامية للاحتجاجات هناك. وأفرج عن البديري بعد ساعات من التحقيق في مركز شرطة صلاح الدين. ونددت شبكة الجزيرة الإعلامية في بيان باعتقال مراسلتها «والاعتداء عليها وعلى مصور الشبكة» معتبرة اعتقالها «تصرفا مشينا وحلقة جديدة في سلسلة الاعتداءات الإسرائيلية». ويأتي اعتقال البديري بعد نحو أسبوعين من قصف إسرائيلي استهدف برج الجلاء في قطاع غزة والذي كان يتضمن مقر الفضائية العربية ومقر وكالة الأنباء الأميركية «اسوشييتد برس» وغيرها من المكاتب الصحافية، إضافة إلى شقق سكنية. من جهتها، أعربت منظمة مراسلون بلا حدود ومقرها باريس، عن قلقها إزاء «الاستخدام غير المتناسب للقوة ضد الصحافيين».
مشاركة :