صحيفة المرصد :أبدى عدد من ذوي المتوفين في حادثة التدافع بمنى ارتياحهم الشديد بما لقوه من سلاسة ومرونة في تسلم جثامين أقاربهم، وقالوا إن الحادث الأليم أوجع قلوبنا وما زال الحزن يعتصرنا في المصاب الجلل، ولكن عزاءنا الوحيد أنهم يلقون ربهم بإذن الله بلباس الإحرام ملبين ومكبرين. بداية التقينا بالحاج جابر أحمد ميرا - 47 عاما - وهو مدير لإحدى شركات التوظيف بالهند، حيث قال: المصاب كبير والحزن عميق في فقدان أعز الأصدقاء الحاج معراج الدين قناي - 59 عاما - وهو من أقرب الناس لي وتربطني به صداقة لأكثر من 30 عاما ونحن على تواصل دائم، حيث طرح علي فكرة السفر لأداء مناسك الحج قبل نحو 8 شهور، وتم الاتفاق على صحبته في رحلة العمر. ووفقا لصحيفة عكاظ عن تفاصيل الحادثة المؤلمة أفاد: أصبحنا في يوم عيد الأضحى مكبرين ومهللين نبتغي التوجه نحو مقر سكن الحجاج في منى حيث اتفقت مع صديقي معراج على رمي جمرة العقبة سويا ولكني تأخرت بسبب تناول طعام الإفطار ومحادثة الأهل في الهند، فيما واصل طريقه، وما هي إلا ساعات معدودات ووصلني خبر وفاته الذي وقع علي كالصاعقة، ولكن الحمد لله على قضاء الله وقدره. وفي موقع آخر عبر الحاج محمد أشرف نور الرحمن - 48 عاما - عن حزنه العميق على فراق ابن خاله عبدالخالق نايبو - 55 عاما - وروى تفاصيل ما حدث بقوله: كانت صبيحة ذلك اليوم غير عادية ونحن نؤدي فريضة الحج لأول مرة، وتربطني بابن خالي علاقة قوية منذ القدم فهو بمثابة مخزن أسراري وملاذي لبث همومي. وأضاف: تلقى ابن خالي اتصالا من والده في الهند مهنئا بعيد الأضحى المبارك، وبالسؤال عن أوضاعنا في الحج، أجابه ابن خالي أن الأمور تسير على ما يرام ولم يتبق لنا سوى رمي العقبة الكبرى والطواف بالبيت العتيق، وعند وصولنا إلى مقر السكن بمنى حملنا ما يلزمنا من أغراض وتوجهنا لرمي جمرة العقبة، وفي الطريق واجهنا زحاما شديدا وحشودا بشرية غير مسبوقة، فطلبت من ابن خالي التوجه إلى طريق آخر فلم يستمع لرأيي مبررا بخوفه من الضياع وفقدان الحملة التي كنا نسير معها نحو الجمرات. هنا توقف محمد أشرف وأطلق تنهيدة عميقة، ثم قال: دخلنا معترك ذلك الزحام الشديد وكان الحجيج كالطوفان المتلاطم، حشود بشرية تتدفق نحو ذلك الطريق وقد ضاق بهم المكان، وابن خالي مصر على رأيه رافضا العودة، فتوقفت أراقب الموقف، وخلال دقائق معدودة بدأ الناس يتساقطون على الأرض وسط ارتفاع الأصوات بطلب النجدة، وضاع ابن خالي بين الناس حتى يوم استلام جثمانه من أحد مستشفيات مكة. الحاجة أمينة وترة - 48 عاما - سيدة أعمال من ساحل العاج تحدثت وهي تغالب دموعها حزنا على فراق خالتها شقيقة والدتها ميمونة عبدالرحمن تراوري - 80 عاما -: منذ وفاة والدتي رحمها الله لم أعرف سيدة اعتنت بي غيرها، فهي من قامت بتربيتي منذ الصغر حتى أكملت مسيرتي التعليمية واتجهت إلى مجال المال والأعمال في تجارة الجملة بساحل العاج وكنوع من رد الجميل تكفلت بمصاريف حجها لأول مرة.. وعند الصباح الباكر تأهبنا لرمي جمرة العقبة ومعنا نحو ألف حاج من ساحل العاج وكنت ممسكة بها، وعندما اشتد الزحام لم أشعر بنفسي إلا بين أكوام من البشر أحاول التقاط أنفاسي وأقاوم الإجهاد الشديد رغم شعوري بغثيان ودوار، ولم أنتبه إلا وأنا في المستشفى، وبالسؤال عن خالتي ميمونة أخبرني أحد أقاربي بوفاتها بين حجاج بيت الله الحرام. وبقلب مؤمن بقضاء الله وقدره ختمت السيدة أمينة حديثها بأنها تنوي بناء مسجد في ساحل العاج باسم خالتها ميمونة تراوري برا بها.
مشاركة :