أخوض اليوم في موضوع كنا وما زلنا نعاني منه الأمرّين فتراكمت مراراته حتى بلغ السيْل الزُّبى.. أكتب الآن لأناشد البقية الباقية من الفن والذوق والأخلاق لدى سائقي المركبات ولدى مسؤولي السير وإدارته بكافة رتبهم بأنْ يتّقوا الله بالملتزمين من مشاة وسائقين وحتى بالمخالفين منهم. متسائلين: لم كلّ هذا الاستهتار المتزايد بعد أن فتحت الحياة الطبيعية أبوابها مواربة بانتظار عودة المياه إلى مجاريها؟ لماذا ساءت قيادة المركبات كلها الثقيلة والخفيفة والدراجات النارية.. الخ إلى حد استهتار سائقيها بكل صغيرة وكبيرة بقوانين السير فلا غمّاز ولا انتظار قبل دخول الدوّار وهجوم السيارات الصاروخي من شارع فرعي عليه اشارة تمّهل لتقتحم شارعاً رئيسياً يعجّ بالمركبات! وحدّث بلا حرج عن فن جديد للسواقة حيث تتبختر المركبات بغرور قادمة من الاتجاه المعاكس على نفس مسرب المركبات الأخرى لتلتقي كلها مواجهة بالرأس/ وفوق هذا كله ينبري المخالف فيصيح ويعربد لائما الملتزم على مخالفته! «ضربني وبكى وسبقني واشتكى» عبر تراجع واضح بقيادة المركبات بعد الكورونا هل هو لاثبات الوجود.. ام تعب بالأعصاب.. امْ.. امْ..! وبغض النظر عن الأسباب فهنالك تآكل واضح بالذوق والفن والأخلاق ركائز السواقة الأساسية.. ترى هل فقدنا بقيتها الباقية منها إبّان الحظر الكوروني؟ ربما..! علاوة على أن هنالك تراخياً من قبل مسؤولي السير وإدارته فقد لاحظنا تكاثر الحوادث في داخل المدن وخارجها وكأنّ الرقباء غائبون مغيّضبون متناسون أن درهم وقاية خير من قنطار علاج! هل ينتظرون حصول مصيبة كبيرة «طنّانه رنّانة» ليتحركوا ويبادروا بفرض المخالفات بأنواعها وزجّ حاصدي أرواح الأبرياء بالسجون؟ ماذا ينتظرون؟ نناشدكم ان لم يلتزم «اللاملتزمون» فدعوا القانون يلزمهم ويأخذ مجراه قبل فوات الأوان.. إذ يكفينا تشكيلة المنغصّات العالمية والكورونية ليتربع التراجع العلني للكياسة على الصعد السلوكية والعملية فيتجلى ضعف التربية وقلة الذوق عند التماس المباشر مع «البعض» ممن تعجّ بدواخلهم حالة من المشاكسة المستشرية الساعية الى هتك حرية الآخرين، متجاوزينها داعسينها بكل دفاشة ضاربين بعرض الحائط حدود الغير.. سواء أكان هذا الغير إنساناً نباتاً حيواناً وحتى جماداً، بما فيها القانون أشد «الجمادات» أهمية وفعالية لامبالين بشعاره المرفوع ومضمونه المعلوم: تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية غيرك لتنضوي تحته كل القوانين بأنواعها ?فروعها وجذورها.. فتجاهُل «البعض» للقوانين نصْف مصيبة فما بال -لا سمح الله- لو تجاهلتْه «الأكثرية"! أما لماذا مصيبة؟ فالقانون المطبَّق باستطاعته شكْم نعرة متأصلة عنوانها «أنا أولاً» وتحجيم وجودها في البنية التحتية الإنسانية التي ترتكز عليها كل البُنى الأخرى من صحية واجتماعية واقتصادية وسياسية ومرورية.. فالبنية التحتية الإنسانية تتشكل من الأخلاق المكتسَبة الإيجابية أو السلبية من التربية والثقافة التي تُبْقي الضمير حياً وتجعله يفكّر بمصلحة غيره تماماً كما يفكّر بمصلحته.. أو العكس تماماً.. مغرّداً دوماً بنرجسية واضحة: «أنا أولاً»! فإنْ تجاهلنا المربّي الأكبر/القانون/ يعني قزّمنا الحق وعبثنا بالحقوق. «وشوف بعدها وين رح ْتوصِّلنا الفوضى ويبعثرنا الجنون»! (الرأي)
مشاركة :