كشف تقرير إدارة الثروات والأصول الصادر عن إرنست ويونغ لعام 2015، أن قيمة صناديق التقاعد العامة في دول مجلس التعاون الخليجي تبلغ 397 مليار دولار، ما يشكل حوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي، و15.000 دولار حصة كل مواطن. وتعمل حكومات دول مجلس التعاون الخليجي على إعادة النظر في النماذج الحالية لصناديق التقاعد العامة والدولية لضمان استدامتها. في تعليقه على هذا التقرير، الذي تم إصداره خلال منتدى الصناديق في الشرق الأوسط 2015 مؤخراً، قال جورج تريبلو، رئيس قطاع إدارة الثروات والأصول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ارنست اند يانغ: بلغت صناديق التقاعد العامة في دول مجلس التعاون الخليجي من المراحل الأولى في التطور والنمو، إذ إنه يتم استثمار ما يزيد على خمس هذه الصناديق في الأسهم المحلية. ولكن يعاني هذا القطاع بعض التحديات الأساسية التي تتطلب إعادة التفكير ملياً في الاستراتيجية المتبعة. أولاً، استدامة صناديق التقاعد العامة للمواطنين، نظراً لحجمها المنخفض نسبياً، والتركيبة السكانية لدول مجلس التعاون، والفجوة بين مستويات المساهمة في الصناديق من جهة ومزاياها من جهة أخرى. وثانياً، هناك اعتراف متزايد من العديد من أصحاب العمل أن مكافأة نهاية الخدمة التي يتلقاها الوافدون ليست كافية ولا مناسبة كبديل للمعاش التقاعدي. حجم الصناديق منخفض نسبياً ويبّين التقرير أن حجم صناديق التقاعد في دول مجلس التعاون الخليجي منخفض نسبياً، بالمقارنة مع صناديق تعويضات التقاعد المقدمة من أصحاب العمل في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، حيث إن قيمة الأصول المستثمرة في هذه الصناديق أعلى من قيمة الناتج المحلي الإجمالي، ويبلغ حجم حصة الفرد أربعة أضعاف المعدل في دول مجلس التعاون الخليجي. تتمتع الكويت بأفضل صندوق مرسمل نسبة إلى حجم اقتصادها وعدد مواطنيها. وجاء ذلك على إثر مبادرة لإعادة رسملة صندوق التقاعد من الميزانية منذ 2008، لتسديد العجز الاحترازي المقدر 40 مليار دولار. أما على الصعيد الدولي، فإن معدل نسبة أصول الصندوق مقارنة بعدد سكان الكويت تماثل معدلات صناديق التقاعد في المملكة المتحدة. كما تتميز أصول تعويضات التقاعد في دولة قطر بحجمها الكبير نسبة إلى عدد السكان، وذلك بعد ضخ أموال من وزارة المالية في 2012. ويبدو أن الهيئة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية في قطر تركز منذ ذلك الحين بشكل كبير على الاستثمار في الأسهم المحلية، بما في ذلك أسهم في شركات كبرى في دولة قطر. تتمتع السعودية بأكبر حجم أصول لتعويضات التقاعد. وتنقسم تلك الأصول بين الوكالة العامة للتقاعد (للعاملين في القطاع العام) والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية (للعاملين في القطاع الخاص). تشترك الهيئتان عادة بالاستثمار في الشركات، إلى جانب صندوق الاستثمار العام. وعلاوة على الاستثمار في عشرات الشركات الكبرى المدرجة، تقوم الهيئات بالاستثمار في شركات خاصة أيضاً. وجدير بالذكر أن حوالي 85٪ من أصول معاشات التقاعد تُستثمر خارج المملكة، وتدار من قبل مؤسسة النقد العربي السعودي. وأوضح جورج قائلاً: لمعالجة المخاوف بشأن استدامة هذا القطاع، سيتوجب على دول التعاون إعادة النظر في سن التقاعد، ومزايا الصناديق ومتطلبات المساهمة. ويمكن لهذا أن يتطلب مزيداً من الرسملة للصناديق ومزيداً من الإصلاحات في المكافآت التقاعدية وسن التقاعد. وأضاف: حيث تكون الوسائل المالية محدودة، من الممكن أن تتضمن الإصلاحات نظاما ثلاثي المستويات، وهو نظام شائع بشكل متزايد في أماكن أخرى من العالم. ويجمع هذا النظام بين: مساهمة حكومية كحد أدنى، ومساهمة إضافية من صاحب العمل، ومساهمة إضافية من الأفراد إلا أنه من غير المرجح أن يحدث تحولاً كبيراً في هذا الاتجاه. كما أنه من الممكن إجراء مزيد من الإصلاح المنهجي في البلدان الأكثر تقييداً مالياً، لإدراج عنصر تأمين تعويضات إضافي. ويمكن للتغييرات الأخيرة في قطاع الرعاية الصحية في دول الخليج، والتي تنطوي على تحول مطرد نحو التأمين الخاص، أن تشكل سابقة لهذه الإصلاحات. الفرص المتاحة للصناديق يسلط التقرير الضوء على ثلاثة محاور رئيسية يمكن أن يستفيد منها قطاع صناديق التقاعد في دول مجلس التعاون الخليجي، هي: مستويات جديدة من التنظيم والحوكمة، خطط موسعة لمكافآت نهاية الخدمة، ومنتجات تقاعد متوافقة مع الشريعة الإسلامية. يعد بروز منتجات التقاعد الإسلامية في الآونة الأخيرة تطوراً ذا صلة بالوافدين والمواطنين على حد سواء. ولضمان أن تكون المدخرات التقاعدية التابعة لخطط إسلامية، متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، فإنها بحاجة إلى أن يتم استثمارها في أصول متوافقة مع الشريعة الإسلامية. ومع ذلك، فقد أبدى البعض مخاوف بشأن التعويضات، التي يتم شراؤها عادة عند التقاعد باستخدام أموال صناديق التقاعد، بحيث تم ابتكار مفهوم الصكوك مدى الحياة كبديل متوافق مع الشريعة الإسلامية. واختتم جورج حديثه قائلاً: ستكون هناك نقلة نوعية في طريقة التعامل مع مخصصات التعويضات التقاعدية في دول مجلس التعاون الخليجي في السنوات القادمة، وذلك لأن النظام الحالي قد يواجه صعوبة في تلبية احتياجات سكان هذه المنطقة. ونحن نتوقع تغييراً في تحديد سن التقاعد لمواطني دول مجلس التعاون، وإجراء إصلاحات وتحسينات لخطط مكافآت نهاية الخدمة لجعلها أكثر ملاءمة لاحتياجات التقاعد الفعلية للعمالة الوافدة. وسيكون هناك الكثير من الفرص لمقدمي الخدمات المحليين في المنطقة، خصوصاً في مجال منتجات التقاعد الإسلامية.
مشاركة :