أثناء وجودي في الولايات المتحدة، وبالتحديد في مدينة ريتشموند، وهي مدينة صغيرة تقع بالقرب من واشنطن، فوجئت في أحد الأيام بشاشة عملاقة في أحد الشوارع الرئيسة تجمهر حولها الألوف، وعندما أقول الألوف فهذا يعني أكثر من نصف سكان المدينة. علمت بعد ذلك أن أحد قطبي المدينة كان يلعب ضد ولاية أخرى، ولم يكن في المدينة سوى فريقين فقط لكرة القدم، والأمر المؤكّد أن الحاضرين كانوا من مشجعي هذا وذاك، لكنهم اتَّحدوا جميعًا خلف فريق مدينتهم الذي يلعب ضد منافس خارج المدينة. أغمضت عيني قليلاً، وتخيَّلت مشهدًا اتَّحدت فيه جماهيرنا الرياضية خلف ممثل وطني يلعب على نهائي بطولة القارة في درة الملاعب، لكنني استيقظت سريعًا، وأدركت أنني كنت أعيش حلمًا جميلاً أيقظتني منه أصوات تردد سيدني.. سيدني.. والعالمية صعبة قوية!! حاولت أن أكون أكثر واقعية، وأن أبتعد عن المثالية، فتخيّلت الجوهرة المشعّة مكتسية باللون الأخضر خلف منتخب الوطن الذي يصارع للعودة إلى أمجاده، ولكن هيهات.. هيهات! فها هو مشجع يردد لا عجب أن نخسر، وجيد أننا خسرنا؛ لأنهم لم يأخذوا لاعبنا الفلاني، وها هو رئيس ذلك النادي يقول جيد أننا خسرنا وخرجنا باكرًا؛ حتى يعود لاعبونا إلى النادي، وآخر يتعذّر بإصابة لاعبه حتى لا يتم استدعاؤه للمنتخب. عندها أدركت أنني كنت أبعد ما يكون عن الواقعية في أحلامي. فنحن عاجزون عن الالتفاف خلف منتخبنا، فكيف نرجو أن نراه في نهائيات كأس العالم المقبلة؟ وكيف ننتظر عودته إلى سيادة القارة الصفراء؟! قد ينزعج الكثيرون من إقحام الوطنية في الرياضة، لكن الحقيقة أن الرياضة أصبحت تُعدُّ جزءًا مهمًّا من أجزاء الهوية الوطنية في عصرنا هذا؛ لأننا باختصار نتحدّث عن قضية مفادها ولاء وانتماء. ammarbogis@gmail.com
مشاركة :