نجح نتنياهو وبخبث ودهاء شديدين في وضع قنبلة في حضن رئيس الحكومة الجديد نفتالي بينت من خلال موافقة هذا الأخير على إجراء مسيرة الأعلام الاسرائيلية في القدس الشرقية والتي تأجلت لمرتين على وقع صواريخ غزة، وهذه المسيرة تقام سنوياً وترفع فيها الأعلام الاسرائيلية منذ 1974 احتفاء بوقوع القدس تحت السيطرة الاسرائيلية بعد حرب عام 1967 وهي بدعة لمستوطن متطرف اسمه (يهودا حيزني) وبعد ذلك أصبحت تقليداً يرعاه الحاخام حاييم دروكمان. وهنا قد يسأل القارئ إذاً ما الجديد هذه المرة؟! الجديد هذه المرة هو نتنياهو نفسه وفشله المتتالي بالعودة لرئاسة الحكومة الإسرائيلية بعد 12 عاماً أمضاها برئاستها، وفشله عبر أربعة انتخابات متتالية خلال أقل من عامين بالعودة للرئاسة، والجديد الآخر هو توفر عناصر من نوع جديد من المتطرفين ليس لتطرفهم أي حدود من أمثال بتسلائيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، وهما عضوا الكنيست اللذان يشرفان على المسيرة، أما الجديد الثالث فيتمثل بأن مسيرة الأعلام هذه المرة ستكون تحت شعار (توحيد القدس إلى الأبد)، وهو عنوان تمت هندسته والاتفاق عليه مع نتنياهو وحزب الليكود وبقية المكونات العنصرية داخل كيان الاحتلال وذلك من أجل تفجير الوضع في القدس مع أهالي القدس الأصليين وبخاصة أن مسار المسيرة هذه المرة سيكون عبر ما يسميه المستوطنون «الحي الإسلامي» بالقدس. الإصرار على «مسيرة الأعلام» يتم في ظل وضع غاية في الحساسية وقد كتب يوسي بيلين السياسي اليساري المعروف في جريدة «إسرائيل اليوم» مقالاً تحذيرياً تحت عنوان «لا تكرروا الأخطاء التي ارتكبناها في حرم المسجد الأقصى»، وفي هذا المقال المنشور في السابع من هذا الشهر، يذكر يوسي بيلين بحادثة زيارة شارون إلى الحرم القدسي عندما كان في المعارضة عام 2000 فيما كان أيهود بارك رئيساً للحكومة، ويخلص بيلين في مقاله إلى أن حادثة شارون كانت سبباً في تفجير الانتفاضة الفلسطينية الثانية ويحذر من تكرار ذات الخطأ، ويقول إن الوضع اليوم أشبه ببرميل بارود ومجرد عود ثقاب واحد قادر على تفجيره ويتساءل بخوف عن النتائج. يدرك بيلين «اليساري المسكين» وغيره من المساكين على شاكلته أن دولة الاحتلال لم تعد لهم فهم منبوذون وباتوا مواطنين من درجة ثانية، وأن نتنياهو نجح في تركيب كلمة جاسوس على وصف اليسار أو اليساري، وبالتالي باتت دولة الاحتلال دولة مُختطفة من قبل غلاة العنصريين، وعبر 12 عاماً بنى نتنياهو دولة عنصرية قائمة على التمييز الديني تماماً وفقاً لما ورد في «التلمود»، فهو يغادر رئاسة الحكومة بتحقيق نصر استراتيجي لا يمكن التعامل معه إلا «بصواريخ محمد الضيف»، و"يحيى السنوار» وانتفاضة شاملة على غرار انتفاضة عام 1987، ولكن أين خليل الوزير"؟ (الرأي)
مشاركة :