إلى كل وزير يفتخر بأن وزارته تعمل جاهدة لتحويل جميع معاملاتها إلى نظام رقمي (digital)، أو ما يسمى أونلاين، أن يجرب ذلك النظام بنفسه أولاً، وإذا نجح فسنبارك له تلك الخطوات. وإلى كل وزير مُصر على ألا تستلم وزارته أية مبالغ نقدية، وأن الدفع لا يجوز إلا ببطاقة بنكية أو ATM، فليفكر كثيراً بأن هناك فئات لا تريد لسبب ما استخدام بطاقة البنك، وتريد أن تدفع نقداً، لأن النقد لم يطبعه في بيته، وإنما صادر من البنك المركزي. وإلى كل وزير يصمم على أن مؤسسته لن تستقبل أي مراجع دون موعد مسبق فليجرب الحصول على موعد، وإذا حصل عليه وذهب في الموعد يتم فعلاً إنهاء معاملته بسهولة ويسر دون تعطيل أو تأجيل. نعم، فالمسألة أصبحت بهرجة إعلامية، ولم تأخذ في الاعتبار فئات ليس باستطاعتها استعمال الكمبيوتر، وهناك فئات لديها حساسية مفرطة وخوف نفسي من استخدام بطاقة البنك أو حتى إجراء أبسط المعاملات بنفس الطريقة. ليس هناك من هو ضد التحديث والأسلوب الإلكتروني، لربما كان أسهل ومتقدما، لكن هذا يجب ألا يمنع من لا يريد ذلك أن يجد منفذاً عادياً لدفع المبالغ نقداً، ولإجراء المعاملات بالطريقة العادية التي اعتاد عليها. هناك رسوم لا تتجاوز دينارين أو خمسة أو عشرة دنانير، ومن الأفضل والأسرع دفعها نقداً، فعامل اليومية أو خادمة المنزل ليس لديهما حسابات بنكية، والمتقدمون في السن ليسوا على استعداد للتحديق بشاشة الكمبيوتر لفترة تمتد إلى الساعة، لأن الجواب سيكون: "نعتذر لعدم إتمام العملية، الرجاء إعادة إدخال البيانات مرة أخرى في وقت لاحق!!". لا مانع أبداً من استخدام التكنولوجيا، ولكن لماذا لا تكون هناك طرق بديلة لذلك، فليس الكل على استعداد للتخلي عما جبل عليه لعقود من الزمن، لأن بعض المؤسسات تريد أن تتشدق إعلامياً بأنها تساير التكنولوجيا الحديثة، لذا لابد من إيجاد بديل، فالواقع يحتم ذلك.
مشاركة :