استشراف المستقبل سمة رافقت حكام دبي في جعل الإمارة مركزاً للسياحة الطبية

  • 10/7/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

منذ تسلم المغفور له بإذن الله، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، مقاليد الحكم في إمارة دبي، بدءاً من عام 1958، بدأت تباشير المرحلة القادمة تبدو في الأفق، مع بعد نظر هذا الحاكم الذي آمن بالله، ثم بأن العزيمة والإرادة المقرونة بتوفيق الله، تصنع المستحيل، ونحن نذكر تاريخ الخدمات الطبية في دبي، لا بد أن نذكر مآثره وأياديه السخية في الاستثمار في المنشآت الطبية، إذ تذكر ثنايا التاريخ، أنه أنفق في عام 1959، مليوناً و63 ألف روبية في سبيل تطوير مستشفى آل مكتوم، وذلك بعد بدء الطفرة الاقتصادية، وهذا المبلغ يعتبر كبيراً، خصوصاً مع الوضع الاقتصادي في المنطقة في ذلك الوقت. وفي الثالث عشر من أكتوبر 1970، أصدر الشيخ راشد، أمر تأسيس دائرة الصحة والخدمات الطبية بدبي، ورافق ذلك إنشاء المجلس الصحي الذي يتألف من رئيس الدائرة، ومديرها ونائبه ومدير بلدية دبي، وثمانية أعضاء آخرين، يعينهم الحاكم. خالد الجلاف المورخ والخطاط العربي ومستشار الجودة في هيئة الصحة بدبي، رصد تطور الخدمات الصحية في دبي، وخص البيان بهذا الرصد، الذي يصلح أن يكون وثيقة تاريخية هامة، ومرجعاً لكل الباحثين والمهتمين. مشاريع تباشير الخير على دبي، كانت على يد المغفور له بإذن الله، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي، إذ، وخلال سنوات قليلة من تسلمه مقاليد الحكم، تنامى الاقتصاد المحلي، وازداد عدد السكان بشكل كبير، وكثرت حركة الهجرة إلى الإمارات، وازدادت مشاريع بناء البنية التحتية، ما استدعى قدوم آلاف مؤلفة من أطقم العمل في كافة مجالات العلم، ولم تكن الخدمات الصحية المتوفرة في الإمارة لتفي باحتياجات الحاضر، فضلاً عن المستقبل المنتظر، بكل عظمته وانفتاحه الكبير على العالم، إذ لم تعد دبي تلك المدينة الصغيرة التي تغلق أبوابها ليلاً بانتظار صبح غامض، بل أصبحت تستشرف المستقبل من خلال خطط مستقبلية، تضع باعتبارها كافة الاحتمالات... ولكن لهذه النهضة تاريخ آخر من التعب والجهد والمثابرة.. تاريخ يقبع في الكتب، وفي ذواكر شعب دبي الأبي، الذي عاش مع قيادته صابراً على المشقة، فنال منها وفاء بوفاء حين الرخاء.. ولا بد لنا حين نتتبع مسيرة النهضة الطبية في دبي، أن نرجع إلى أربعينيات القرن الماضي. يقول خالد الجلاف: في عام 1942، نشرت الصحف الهندية، إعلاناً عن طلب تعيين طبيب مسلم في الخليج العربي، وعلى وجه التحديد، في الإمارات المتصالحة، والذي أعلن عن هذه الوظيفة، المدير العام للخدمات الطبية الهندية، السيد شملا، وقد تم تحديد الراتب في الإعلان بـ 150 روبية هندية، مع علاوة خاصة تقدر بـ 150 روبية، أي بمجموع يقدر بـ 300 روبية، هذا الراتب كان فرصة ممتازة لطبيب شاب تخرج حديثاً من (كلية أمرستار)، فتقدم للحصول على الوظيفة.. وبعد عدة شهور، أُخبِر بأن الاختيار قد وقع عليه.. ذلك هو أول طبيب وافد إلى دبي.. الدكتور محمد ياسين. بعد حصوله على رسالة التعيين، تم تخيير ياسين من قبل جهة التعيين، بين السفر إلى دبي عبر البحرين أو الشارقة، ونظراً لجهله بجغرافية المنطقة، اختار البحرين، التي كانت معروفة أكثر من الشارقة، حيث سافر من كراتشي بواسطة الباخرة، ومن ثم إلى دبي، في رحلة استغرقت 7 أيام. عهدة قبل قدوم الدكتور ياسين، كانت هناك خدمات صحية بدائية مقتصرة على مخزن يقوم بتوزيع الأدوية على المرضى، دون وجود طبيب معالج، وكان هذا المخزن تحت إشراف المقيم السياسي في بوشهر، ويعمل فيه شخص اسمه ميرزا إسماعيل مجاب، الذي سلَّم العهدة إلى الدكتور ياسين في اليوم التالي لوصوله، ثم غادر إلى بلده. وكالة في ذلك الوقت، كانت المسؤولية الإدارية وتبعية الدكتور ياسين، تتبع للوكالة السياسية في البحرين. يقول الدكتور ياسين بأنه عندما وصل إلى البحرين، قام بالاتصال بنائب رئيس الوكالة السياسية، ستاندي، الذي طلب منه الاتصال بخان بهادر عبد الرزاق وكيل الوكالة السياسية المقيم في الشارقة، والذي قام بدوره بعمل الترتيبات اللازمة لإقامته في دبي. مخزن توزيع الأدوية الذي تسلَّم إدارته الدكتور ياسين، كان يقع ضمن بناية بن لوتاه، وبعد ذلك تم شراؤها من قبل عائلة قرقاش في منطقة الراس بالقرب من منزل سالم مصبح وماجد الغرير، وكان المخزن مبنى كبيراً به صيدلية في الطابق الأرضي، وسكن الدكتور في الطابق الأول. شحن المخازن الطبية في بومبي الهندية، كانت تزود مخزن الأدوية في دبي، من خلال القوائم التي كانت ترسل وبها الاحتياجات السنوية، فيتم شحنها بواسطة البواخر، وتخزَّن في بناية بن لوتاه. بعد سنة من قدومه إلى دبي، طلب ياسين، تعيين معاون له، فتم اختيار حسين علي خان، رحمه الله، وبعد ذلك بعام، تم تعيين المغفور له بإذن الله، حسن أهلي، وكانا بذلك بمثابة الطاقم الطبي للخدمات الصحية، حيث قاما، بعد تعليمهما فنون التضميد وحقن الإبر، بمعاونة الدكتور ياسين. لقي الدكتور ياسين، كل الاحترام من أهالي دبي، الذين وصفهم بالودودين، على الرغم من الحالة الاقتصادية السيئة التي ارتبطت بشح في الموارد، والاعتماد على ما يتم جلبه من الهند وأفريقيا والعراق وإيران. الحاكم فور وصول الدكتور ياسين إلى دبي، ذهب للسلام على المغفور له، الشيخ سعيد آل مكتوم، رحمه الله، حاكم دبي، الذي رحب به ترحيباً حاراً، وامتدت العلاقة ليكون بمثابة الطبيب المعالج له من آلام الركبة. وهنا، يذكر الدكتور: إن الأدوية التي كانت متاحة في ذلك الوقت، لم تكن بمستوى الأدوية اليوم، من حيث نتائجها الفاعلة مع الأمراض، واعتاد على زيارة الحاكم مرة في الشهر، وفي المناسبات والأعياد والأعراس. ووصف ياسين، دعم الشيخ سعيد، بهذه الكلمات: كان، رحمه الله، داعماً لجهودنا بكل ما تعنيه هذه الكلمة، سواء من الناحية المالية أو من الناحية المعنوية، على الرغم من أن الخدمات الطبية كانت تحصل على احتياجاتها من الوكالة السياسية. لقد اعتاد الأهالي على الحضور إلى العيادة لتلقي الخدمة الصحية هناك، إضافة إلى حصولهم على التطعيمات الرئيسة ضد الأوبئة والأمراض المنتشرة. أما الحالات التي لم تحتمل الحضور إلى العيادة، فكان يمشي إليها عابراً خور دبي بواسطة العبرة، إذ لم تكن لديه وسيلة نقل حتى عام 1949، عندما قدمت الحكومة البريطانية للخدمات الطبية، أول سيارة لاندروفر، ولم تكن هذه السيارة مخصصة للدكتور ياسين، إنما خصصت للدكتور مكولي، الذي حضر إلى دبي، تمهيداً لتوسيع الخدمات الطبية، وللتخطيط لبناء مستشفى آل مكتوم. سكان سكان دبي في تلك الفترة، كانوا قرابة 30 ألف نسمة، أغلبهم من العرب، السكان الأصليين للبلاد، وكذلك المنحدرين من أصول فارسية، وعدد لا بأس به من الهنود، وخصوصاً السنود، ويضيف ياسين: كنت أرى بعض الصوماليين أحياناً. خدماته لم تقتصر على إمارة دبي، على الرغم من التركيز الكبير عليها، إذ امتدت للإمارات الأخرى عند الضرورة، خصوصاً أنه الطبيب الرسمي الوحيد على امتداد سبع إمارات، فعلى سبيل المثال، قدم خدماته إلى أهالي رأس الخيمة في العام التالي لمقدمه، بعد انتشار الملاريا بينهم. كما قدم خدماته في إمارة الشارقة، إضافة إلى توجهه مع الكابتن ستاندي إلى أبوظبي والعين. ونظراً لعدم وجود المعدات والأجهزة اللازمة، فكانت تُجرى أعداد قليلة وبسيطة من العمليات الجراحية، إذ كان يقف مكتوف اليدين أمام الحالات الخطيرة، فإما أنها تنقل إلى البحرين أو إلى الهند، حسب إمكانات الأهالي المادية، وإما أنها كانت تنتظر الأجل المحتوم. عمليات الختان لم تكن تجرى في العيادة، إذ كان الحلاقون يقومون بذلك، إلى أن تم بناء مستشفى آل مكتوم عام 1951. أما الولادات، فقد كانت تتم في المنازل بمعرفة القابلات، والبعض كان يرسل زوجته إلى البحرين أو الهند للولادة هناك، وذلك حسب الحالة المادية. مستوصف مطالبة الأهالي بتحسين الخدمات الطبية لم تتوقف، وبدأت حكومة جلالة الملكة في التخطيط لبناء مستشفى تتوفر فيه خدمات شبه متكاملة، ولكن لا يمكن مقارنته بمستشفيات اليوم، وفي تعليق لمجلة العربي على هذا المستشفى، نقرأ التالي: المستوصف الوحيد، يطلقون عليه تجاوزاً مستشفى، وردت شكاوى من سوء العناية، فالطبيب الذي فيه (مكولي)، ليس متخصصاً، ولذا، يحيل حالات الجراحة والكسور إلى البحرين وقطر والكويت والهند لعلاجها، وهذا المستوصف هو الوحيد في ساحل عُمان كله. شهادة من أجل البدء في هذا المشروع، الذي ساهمت فيه جميع إمارات ساحل عُمان، على الرغم أن الحصة الأكبر لإمارة دبي، قدم الدكتور مكولي في عام 1949، ويقول عنه الدكتور ياسين: مما لا شك فيه، فإن الدكتور مكولي أقدر وأعلم مني في مجال الطب، خصوصاً أنه بريطاني، تخرج في أفضل الجامعات البريطانية، وكان ذكياً، يعرف كيف يرضي المرضى وكيف يعالجهم، وكنت بعد ذلك مساعداً له. تأهيل في عام 1954، عاد الدكتور ياسين لاستكمال دراسته العليا في باكستان، وبناءً على توصية من الدكتور مكولي، التحق بكلية الطب بجامعة إدوارد، والتي تعتبر أقدم كلية طب في باكستان، وهي قائمة حتى الآن. أتم الدراسات العليا في عام 1957، وعمل لمدة سنتين في باكستان.. ولكن.. كيف لمن يتنفس أجواء دبي، أن يستطيع مفارقتها؟.. فدفعته أشواقه للعودة.. فعاد إلى دبي معشوقته في عام 1959، بعد مراسلته للدكتور مكولي، الذي أعطاه فرصة جديدة، نظراً لاحتياجه إلى أطباء آخرين يساعدونه. يقول الدكتور ياسين: لاحظت عند عودتي إلى دبي مرة أخرى، ازدياد أعداد الوافدين بشكل كبير، وكذلك بدء عمليات البناء الكبيرة، والتي كانت دلائل وبشائر الازدهار القريب. ويعزو هذا التقدم السريع في ذلك الوقت، إلى المغفور له بإذن الله، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم دبي، الرجل الذي سهر وعمل الكثير لتصل دبي إلى ما وصلت إليه الآن. أب حنون ولا ينسى الدكتور ياسين، الرعاية التي لقيها من الشيخ راشد، رحمه الله، فيقول: كان دائم السؤال عني، وفضله علي لا يمكن أن أنساه، لكن هناك حادثة لا أنساها أبداً، إذ إنني احتجت أن أقتني سيارة لتساعدني في تنقلاتي، وكانت القاعدة البريطانية تبيع بعضاً من سياراتها القديمة، لمن يحصل على عدم ممانعة من مكتب الحاكم، فتوجهت إلى سموه طالباً رسالة بعدم الممانعة، فرفض ذلك! وقال: أنا سأمنحك سيارة.. وأعطاني إحدى سياراته، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل كانت جميع سياراتي بعد ذلك مقدمة منه، حتى إنني أذكر أنه أمر المرحوم حميد الطاير في إحدى المرات، أن يمنحني سيارة هولدن جديدة. وليس ذلك فحسب، بل أكرمني، رحمه الله، بأن أمر أن يكون الوقود مجانياً، وكذلك تصليح السيارة، وهذه خصني بها الشيخ راشد، دوناً عن غيري من الأطباء. عمل ياسين، إضافة إلى الدكتور مكولي، مع الدكتور شاكو، والذي تمَّ تعيينه أثناء عودته للدراسات العليا.. ويقول ياسين: بعد فترة وجيزة، تم نقلي إلى عيادة دبي الواقعة ببر دبي، كمسؤول عنها، وانضم إلينا السيد حسين قائد، والذي يعمل في مستشفى دبي، وكان نعم المساعد لي، بعد تدريبه على التضميد والحقن. استمر بي الحال هناك حتى تم نقلي إلى مطار دبي، كمسؤول عن الخدمات الطبية، حيث أمضيت السنوات الباقية من مدة خدمتي في الدائرة، التي امتدت حتى عام 1968 م، العام الذي تقاعدت فيه عن العمل. يذكر الأسماء التي عملت معه، منهم الدكتور سهيل، ثم الدكتور عبد الغني محمد حبيب، الدكتور عبد الله الخياط، والدكتور ميرزا الصايغ، والدكتور سيد جعفر، وكذلك الدكتور جمعة بالهول، الذي استضافني في بيته بعد تعيينه طبيباً في مستشفى آل مكتوم، وأخذ يسألني عن الخدمات الطبية بدبي. قصة يقول خالد الجلاف: كان لا بد من سرد قصة أول طبيب رسمي في الدولة، وخدمته في دبي، التي لا يمكن أن نتحدث عن الخدمات الطبية دون أن نذكرها، فهو المرجع الرسمي الوحيد في فترة زمنية من فترات تاريخنا الحديث. ولا يمكن أن أختتم اليوم، دون أن أورد هذه الحادثة: لا يمكنني أن أنسى هذا المشهد، عندما رأه اثنان من كبار السن من أهالي الجميرا، كان في انتظار أحمد عتيق الجميري مدير عام الدائرة السابق، وكنت بدوري بصحبة الدكتور ياسين، أنتظر الدخول للتسليم عليه، فما كان من الرجلين (أهالي جميرا)، إلا أن قاما له وعانقاه وحيوه بتحية تدل على الود والذكريات الجميلة، وكانت عيناه تشعان فرحاً برؤيتهما. المستشفى الأول دبي كانت على موعد مع الازدهار العمراني والخدماتي، إذ كانت مقراً لأول طبيب يقيم في إمارات الساحل المتصالحة، وكونها أحد مراكز التجارة في الخليج العربي منذ ذلك الوقت، جعلت الإمارة أكثر الإمارات غنى مقارنة بباقي الإمارات، بلغت ميزانيتها في نهاية الأربعينيات ما يقرب من 350.000 جنيه إسترليني. وعلى الرغم من ضآلة المبلغ مقارنة بالدول والإمارات الأخرى غير الإمارات المتصالحة، إلا أن طموح حكامها واستشرافهم للمستقبل، جعلهم يفكرون ببناء أول مستشفى، وإن كانت السيولة المالية ربما تكون عائقاً نحو تحقيق ذلك، لكن مبدأ التكافل والتعاون لاستقبال المصير المشترك، دفع حكام الإمارات جميعهم يشاركون في دعم الميزانية المخصصة للبناء، إن تكفلت دبي بنصيب الأسد من هذه الميزانية، والتي خصصت لتسيير التشغيل، إذ تكفلت الحكومة البريطانية بالبناء وتجهيزه بالمعدات. تم البناء الذي لا يزال شاهداً على التاريخ، إذ يقف شامخاً حتى اليوم، بعد أن أصبح جزء منه، مختبر مركز آل مكتوم الصحي، والجزء الآخر، قاعة للمحاضرات، بعد أن كان غرفة للعمليات. بدأ البناء مع نهاية عام 1949 م، وافتتح في عهد المغفور له، الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم، وعلى وجه التحديد 17 أكتوبر 1951، ضم الكادر الطبي للمستشفى، طبيبين، هما الدكتور مكولي، وهو طبيب بريطاني المسؤول عن المستشفى، وكان عضواً في الخدمات الطبية الهندية التابعة للحكومة البريطانية، هذا الطبيب يذكره أهالي دبي كثيراً، لما يتميز به من دماثة الأخلاق والإخلاص في العمل. أول طبيبة مواطنة ازداد عدد العاملين في المستشفى الوحيد في الإمارات، ليلبي تزايد أعداد السكان وتنامي الحاجة الملحة على الخدمات الطبية في الإمارات، وعمل في هذا المستشفى، الدكتور شاكر، الذي ساعد الدكتور مكولي عندما عاد الدكتور محمد ياسين إلى الباكستان لاستكمال دراسته العليا، وانضمت إلى هيئته الطبية، أول طبيبة إماراتية، الدكتورة أمينة كاظم، والتي التحقت بالعمل في عام 1965 م، وكذلك أول طبيب عربي متخصص في أمراض الأطفال، الدكتور صلاح القلا، رحمه الله، وبعد ذلك، أول طبيب مواطن في الدائرة، الدكتور جمعة خلفان بالهول، الذي أصبح بعد ذلك مديراً عاماً لدائرة الصحة والخدمات الطبية. لا يمكن أن نتحدث عن مستشفى آل مكتوم، دون أن نأتي على ذكر أول مدير عام لدائرة الصحة والخدمات الطبية، الدكتور هانيمان، الذي عمل في مستشفى آل مكتوم، وجميع الأطباء المواطنين يذكرونه بخير، وكذلك الدكتورة أبراهام والدكتور شن والا والدكتور أجاريا. لقد اعتبر هذا المستشفى في فترة من الفترات، مركزاً تدريبياً للطلبة المتخصصين في مجال الطب والطب المساند، إذ أذكر ممن تدربوا في المستشفى، السيد فريد القرق، الذي يشغل وظيفة كبير فنيي المختبرات بمستشفى دبي، والأطباء أمثال الدكتور عبد الله الخياط والدكتور ميرزا الصايغ والدكتور السيد جعفر. واليوم، ما زال المستشفى يواصل عطاءه، ولكن في مجال طبي آخر، هو الرعاية الصحية الأولية، إذ أصبح أحد أكبر المراكز الصحية والإدارة العامة لهذا التخصص. الخدمات الطبية في الإمارة وضعت دبي، أول لبنة من لبنات التطور الصحي في الإمارة، بإصدار أمر تأسيس دائرة الصحة والخدمات الطبية بدبي، من المغفور له بإذن الله، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، وذلك في الثالث عشر من أكتوبر 1970. وتم بموجب هذا الأمر، تعيين سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، رئيساً للدائرة الجديدة، وتم بعد ذلك تعيين الدكتور هانيمان مديراً عاماً للدائرة وكان طبيباً ماهراً، أدار الدائرة كأول مدير لها، إلى حين تعيين الدكتور جمعة خلفان بلهول مديراً عاماً. شهدت الخدمات الصحية في إمارة دبي، بفضل الدعم اللامحدود للمغفور له، الشيخ راشد بن سعيد، طيب الله ثراه، قفزة نوعية، بدأت بطبيب ومركز صحي، إلى أن وصلت إلى أكثر من 3500 مركز ومستشفى في وقتنا الحاضر، إضافة لأكثر من 30000 من مزاولي الخدمات الصحية.. كل ذلك كان عنوانه الأبرز، هو طموح حكامها واستشرافهم للمستقبل.. فمن مركز صحي ومخزن أدوية بسيط، وبميزانية بلغت في نهاية الأربعينيات ما يقرب من 350.000 جنيهاً إسترلينياً فقط، أضحت الإمارة من أغنى مدن المنطقة، وصارت مركزاً للسياحة العلاجية في الشرق الأوسط.

مشاركة :