استضافت العاصمة المغربية الرباط مؤخرًا أعمال المنتدى الدولي الأول حول "علوم الفضاء: أهميتها وتحدياتها، والفرص الجديدة في مجال صناعة الفضاء والعالم الإسلامي"، الذي تنظمه منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) بالشراكة مع مؤسسة الفضاء الأمريكية تحت شعار "تكوين مبتكري الغد"، حيث عقد المنتدى بمشاركة رفيعة المستوى بما يزيد على 34 من نخبة الخبراء في علوم الفضاء والصناعات المرتبطة بها، وعدد من رواد الفضاء، بالإضافة إلى ممثلين عن وكالات الفضاء و وزارات العلوم والتكنولوجيا في عدد من الدول الأعضاء بالمنظمة، وباحثين و رواد أعمال من العالم الإسلامي وخارجه. في افتتاحية المنتدى أكد المدير العام للإيسيسكو الدكتور سالم بن محمد المالك أن علوم وتكنولوجيا الفضاء توفر آفاقا واسعة للتغلب على التحديات التي يواجهها البشر على كوكب الأرض، ومن المهم أن تصبح جزءا رئيسا من الخطط والاستراتيجيات طويلة المدى لكافة الدول؛ وأضاف الدكتور المالك أن المعلومات المستمدة من علوم الفضاء يمكنها أن تسهم في تحسين الزراعة وزيادة إنتاجية المحاصيل، واكتشاف مصادر جديدة للطاقة، والإسهام في إعادة تدوير آمنة للنفايات، وحماية ومراقبة البيئة، والتأسيس لانطلاق ثورة صناعية جديدة في العالم عبر إحداث تغييرات هندسية وتكنولوجية ثورية تقود إلى خلق أسواق عمل لم تكن موجودة في السابق وبناء منظومات وتكنولوجيات فضائية جديدة. من جانبه قال الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية لعلوم الفضاء الدكتور محمد إبراهيم العسيري: "موضوع هذا المنتدى يؤكد على أهمية العناية بقطاع الفضاء وتوفير الدعم المناسب له واعتباره ضمن الأولويات الوطنية، وانه بات من الضروري إيلاء مجالات علوم الفضاء أولوية خاصة عند التخطيط للمستقبل"، مضيفا: "إن مشاركتي لتمثيل الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء في المنتدى أتاحت الفرصة لمناقشة وتبادل الآراء والمعارف حول الجديد في تكنولوجيا وعلوم الفضاء، والصناعات المرتبطة بها، وتعزيز توجه دول العالم الإسلامي إلى تطوير برامج الفضاء، واستخدام تكنولوجيا الفضاء في مجالات التربية والعلوم والابتكار، إنه على الرغم مــن التطورات السريعة التي شهدتها البشرية خلال العقود الأخيرة في مجال الفضاء، إلا أن أغلب الدول النامية مــا تزال متأخرة عــن مواكبة الركب الحضاري الرامي إلى تطويــر برامج الفضاء واستعمال تكنولوجيا الفضاء في مختلف مجالات الحياة المعاصرة، لذلك، يتعين على الجهات المعنية بعلــوم وتكنولوجيا الفضاء في الدول النامية عموما وفي عالمنا الإسلامي خصوصا أن تزيد من مستويات التعاون من أجل إيجاد سبل للاستفادة مــن مزايا التكنولوجيا المتاحة في مجال الفضاء لغرض تحقيق التنمية المستدامة." وأضاف الدكتور العسيري: "التجربة البحرينية في مجال استغلال تكنولوجيا الفضاء وتسخيرها لتحقيق أهداف التنمية هي بلا شك مدعاة للفخر، فقد حققت مملكة البحرين خلال سنوات قليلة الكثير من الأهداف التي هي محط اهتمام هذا المنتدى، بل إن المملكة قد قطعت شوطا كبيرا في الاتجاه الصحيح سابقة بذلك معظم الدول النامية والكثير من الدول الإسلامية". وقد استطرد الدكتور العسيري في عرضه لتجربة مملكة البحرين من خلال تقديم الأمثلة الواقعية، حيث قال: "على سبيل المثال وبشكل موجز، دشنت مملكة البحرين سياستها الوطنية للفضاء في نهاية 2018، وأطلقت استراتيجية واضحة الأهداف مع بداية 2019، وقامت الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء بتحقيق تلك الأهداف وفق خطط تنفيذية ذات مؤشرات أداء محددة، حيث تم تنفيذ حملات توعوية متنوعة استهدفت كافة فئات المجتمع ومختلف المراحل العمرية، كما استثمرت الهيئة في بناء القدرات الوطنية من خلال إطلاقها حملة (فريق البحرين للفضاء) والتي نتج عنها اختيار نخبة من الكفاءات الوطنية الشابة وابتعاثها للدراسة في التخصصات المطلوبة لخلق قطاع فضائي ولضمان تمكين الهيئة من القيام بأداء مهامها على الوجه الأمثل؛ كما دشنت الهيئة موقعها الالكتروني الخاص والذي يعتبر منصة تعريفية وتعليمية وخدمية في آن واحد، ولم تغفل عن التواجد في وسائل التواصل الاجتماعي. كما أطلقت الهيئة العديد من مبادرات التعاون مع مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي في داخل المملكة وخارجها لغرض بناء القدرات الوطنية ولتأسيس قطاع بحثي فضائي، وكان من أهم المخرجات لتلك المبادرات بناء أول قمر صناعي بأيدي بحرينية من المؤمل أن يطلق للفضاء قبل نهاية العام الجاري بمشيئة الله، ونشر العديد من الأبحاث العلمية المتخصصة في هندسة وعلوم الفضاء في مجلات علمية محكمة ومؤتمرات عالمية مرموقة؛ بالإضافة لذلك تعاونت الهيئة بشكل وثيق مع (تمكين) لتشجيع رواد الأعمال على الاستثمار في مجالات علوم الفضاء، وفي سبيل مساعيها لضمان تأسيس قطاع فضائي مستدام قادر على جذب الاستثمارات في قطاع الفضاء ومشجع لرواد الأعمال، و شرعت الهيئة في إعداد مسودة أول قانون فضائي وطني يعنى بتنظيم القطاع الفضائي وتحديد أدوار كافة الجهات ذات العلاقة وفق أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال." واستكمل الدكتور العسيري عرضه للنموذج البحريني في حسن استغلال الفضاء وعلومه وتطبيقاته بالقول: "الهيئة سعت منذ انطلاقتها لحصر الاحتياجات الوطنية والعمل على تلبيتها من خلال توفير صور فضائية عالية الدقة وبيانات فضائية حديثة، والقيام بتحليلها وإعداد الدراسات لمختلف الجهات الحكومية بما يسهم في دعم جهودهم في تقديم مختلف الخدمات للمواطنين بجودة عالية، كما وفرت المعلومات الداعمة لصناع القرار، وأبرمت العديد من مذكرات التفاهم مع مجموعة من الجهات لتأطير أوجه التعاون." واختتم العسيري عرضه بالتطرق للتعاون الدولي في ميدان الفضاء والذي أحسنت الهيئة استغلاله وبشكل متميز عبر دخولها في شراكات متنوعة استفادت منها في تحقيق أهدافها، من دون إغفال الدور الذي لعبته الهيئة في تأسيس المجموعة العربية للتعاون الفضائي ومساهماتها العديدة في فعاليات دولية مختلفة من أهمها عضويتها في مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي وعدد من اللجان المنبثقة عنه، وعضويتها في مجلس الفضاء التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي؛ كما ذكر دور الهيئة في دخول مملكة البحرين في عدد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية في مجال الفضاء. وأوضحت الهيئة أن جلسات المنتدى ناقشت عدة موضوعات من أبرزها "الوعي بالنظم البيئية الفضائية" و"أهمية تكنولوجيا الفضاء للبشرية"، و"التجارة الفضائية وفرص العمل المتاحة في مجال صناعة الفضاء"، و"سبل تأهيل وتطوير القوى العاملة المستقبلية للابتكار في مجال الفضاء"، كما تضمن المنتدى عقد مائدتين مستديرتين، الأولى حول "تطوير التفكير الريادي في مجالي العلوم والفضاء في أوساط الباحثين الجامعيين"، والثانية حول "أهمية العلاقات الاستراتيجية بين صناعة الفضاء والأوساط الأكاديمية في الدول النامية".
مشاركة :