أكاديمي أميركي: تغيير سلوك المعلمين شرط للانتقال من التعليم التقليدي للإلكتروني

  • 10/7/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

اعتبر الأستاذ في جامعة شمال فلوريدا بالولايات المتحدة الأميركية تيرنس كافانو، أن تغيير سلوك المعلمين، شرط أساسي للانتقال من التعليم التقليدي إلى الإلكتروني. جاء ذلك خلال لقاء «الوسط» بكافانو الذي قدم عرضا بعنوان «التمكين الرقمي من الكتابة والقراءة الرقمية إلى صانع النشاطات»، في المؤتمر التربوي السنوي بعنوان «نحو التمكين الرقمي في التعليم»، ونظمته وزارة التربية والتعليم يومي 4 و5 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري. وأكد كافانو، أن جزءاً مما ورد في خطة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بشأن التحول الرقمي في التعليم في البحرين، يراعي الفروقات الفردية بين الطلبة بشكل كبير، مشيرا إلى أن أحد أهم الموجهات للتحول الرقمي في مجال التعليم هي المهارات اللازمة لإدارة قطاع الأعمال اليوم. وفيما يأتي نص المقابلة مع كافانو: على ماذا تقوم فكرة العرض الذي قدمته في المؤتمر التربوي الذي نظمته وزارة التربية والتعليم قبل أيام، بشأن التمكين الرقمي في التعليم؟ - تطرقت في ورقتي إلى مفهوم اتخاذ القرارات بشأن الأمور الأساسية التي يجب توافرها للاعتماد على التقنية في التعليم، بما فيها الهواتف والمسجلات وكل الأمور ذات العلاقة. التغيير الكبير في التعليم الإلكتروني عن التعليم التقليدي، يقوم على إمكانية استخدام التصميم في خلق منتج، حتى وإن كان منتجا افتراضيا فقط، فالاعتماد على المطبوعات الثلاثية الأبعاد، يكون قابلا للتحول إلى منتج، إذ بمجرد تصميمها، يمكن تحويلها إلى منتج حقيقي. الجزء المهم من التمكين الرقمي، هو اللحاق بالعالم الذي اتخذ خطوات كبيرة في هذا الشأن، لأن الأمر لم يعد مقتصرا على نطاق محلي، فعلى سبيل المثال، يمكن تصميم المنتج هنا وإنتاجه في الصين. هل يمكن أن تعطينا لمحة عن التجربة الأميركية في مجال التعليم الإلكتروني؟ - جميع المعايير المعتمدة اليوم في المدارس الأميركية تتضمن جانبا من التعليم الإلكتروني. ففي ولاية فلوريدا مثلا، هناك متطلب أساسي يفرض على جميع الطلبة أن يأخذوا فصلا دراسيا إلكترونيا قبل تخرجهم من المرحلة الثانوية، وهذا ما يفرض أن يكون جميع الطلبة انخرطوا في تجربة التعليم الإلكتروني قبل تخرجهم. وبداية بأي مرحلة دراسية يتم تطبيق نظام التعليم الإلكتروني؟ - بداية بمرحلة ما قبل المدرسة، فجميع الطلبة الأميركيين الآن، بدأوا باستخدام جهاز الحاسب الآلي منذ بلوغهم العامين من عمرهم، لذلك فإن استخدام التعليم الإلكتروني يبدأ من مرحلة الروضة، وإن تفاوت مدى الاعتماد على التعليم الإلكتروني بين مدرسة وأخرى. ولكن هل ترى أن التعليم الإلكتروني يراعي الفروقات الفردية بين الأشخاص؟ - نعم، هذا جزء مما ورد أيضا في خطة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بشأن التحول الرقمي في التعليم في البحرين، والتعليم الإلكتروني يراعي هذه الفروقات الفردية بشكل كبير. وبالنسبة لي، فأنا ألتقي بنحو 200 طالب في اليوم، وهو ما يجعل من المستحيل بالنسبة لي أن أتذكر مستواهم الدراسي واحتياجاتهم التعليمية، ولكن باستخدام التعليم الإلكتروني يمكنني ذلك، لأنه يساعدني في متابعتهم بدقة، وإعطائهم واجبات منزلية فردية، وهذا تعزيز لفكرة الاختلاف في التعليمات الموجهة للطلبة، إذ يمكنني من معرفة مواقع الضعف لدى الطلبة والمساعدة التي يحتاجون مني تقديمها لهم. هل تعتقد أن التحول الرقمي في نظام التعليم يجب أن يتكامل مع القطاعات الأخرى لينجح؟ - أحد أهم الموجهات للتحول الرقمي في مجال التعليم هي المهارات اللازمة لإدارة قطاع الأعمال اليوم. فإذا كنت لا تعرف كيف ترسل بريدا إلكترونيا، فإنك قد لا تستطيع الانخراط في مجال الأعمال اليوم. أتذكر قبل 15 عاما، قال مديري انه لن يوظف أي معلم لا يستطيع استخدام البريد الإلكتروني؛ وذلك لأن جميع درجات الطلاب كانت تُرصد إلكترونيا، وكان لديه معلم لا يعرف استخدام البريد الإلكتروني ولا يعلم كيف نرصد الدرجات إلكترونيا آنذاك، وكان هذا بمثابة إنذار لنا. هذا يقودني لسؤالك، كيف يمكن تهيئة المعلمين، وخصوصا هنا في البحرين، الذين تعودوا على نظام التعليم التقليدي، للانخراط في التعليم الإلكتروني؟ - هذا أمر لا يتعلق بالبحرين فقط، وإنما هي مشكلة عالمية، فالمعلمون يدرسون الطلبة ما تعلموه، لذلك فإن عليهم ان يبذلوا جهدا لتقبل هذا التغيير، ولا شك في أن تعاطي المعلمين الجدد مع التعليم الإلكتروني سيكون أسهل من تعاطي المعلمين القدامى معه، الذين قد يكون بعضهم غير متعاطين مع التكنولوجيا حتى في حياتهم العادية. على سبيل المثال، حين تتعلم الرياضيات من دون استخدام التقنية، فإنك ستعلمها للطلبة من دون استخدام التقنية؛ لأن خلفيتك التعليمية لم تعتمد عليها. لذلك فإن الأمر يتطلب جهدا، ويمكن مساعدة المعلمين على بدء الانخراط في التعليم الإلكتروني من خلال جانب واحد يقودهم إليها، على سبيل المثال إعداد الرسوم البيانية عبر الحاسب الآلي، أو مقارنة الوقت الذي يستغرقه إعداد 20 عملية حسابية عبر الحاسب الآلي وبالطريقة التقليدية. حتى في تدريس النوتات الموسيقية نظريا، فإن التعليم الإلكتروني يسهل على الطلبة تعليمها عبر الحاسب الإلكتروني لأنه يمكنهم من سماعها. ماذا عن المواد الدراسية الأخرى، كيف يمكن للتعليم الإلكتروني أن يشكل فارقا بالنسبة للطلبة عن التعليم التقليدي؟ - التعليم الإلكتروني سيشكل فارقا للطلبة في جميع المواد الدراسية. على سبيل المثال، في الأسبوع الماضي، أشركت طلبتي في لعبة إلكترونية، يمكنهم من خلالها تحديد الخلية المصابة بفيروس الملاريا، وخلال 20 دقيقة، استوعب الطلبة الفرق بين الخلايا المصابة وغير المصابة، بينما حين كنت في المدرسة، كان علينا الاطلاع على 15 إلى 20 شريحة تعليمية لمعرفة الفرق بين الخلايا المصابة والخلايا السليمة من فيروس الملاريا، وبالكاد كنا نتذكر الفرق في فترة الامتحانات. وخلال المؤتمر، تحدثت عن خدمة إلكترونية اسمها «Future Me»، وهي تقدم خدمة إرسال بريد إلكتروني لنفسك في المستقبل، والنظام يحتفظ به إلى تاريخ اليوم الذي تود استقبال رسالتك فيه. ولذلك يمكن في حصص اللغة الإنجليزية على سبيل المثال، الطلب من الطلبة كتابة الأهداف التي يودون تحقيقها في هذا العام، وما الذي يتوقعون تحقيقه بعد 3 أشهر مثلا، ويمكن إبلاغ نظام البريد الإلكتروني إرسال رسالة للطالب بهذا الشأن بعد 3 اشهر. وفي مجال المكتبات، يمكن للطلبة الذين يواجهون مشكلات في القراءة، الاستعانة ببرنامج يتيح لهم القراءة بالاستماع «reading while listening»، يتم من خلاله تزويد الكتاب بقارئ صوتي لمساعدة الطلبة على سماع الكلمة الصحيحة بينما يقرأون الكتاب. هل ترى أن على كل طالب أن يمتلك جهازا إلكترونيا خاصا به؟ - بالتأكيد. ولكن ربما لا يتوافر لدى جميع الطلبة القدرة على شراء جهاز آلي، بما في ذلك هاتف ذكي، وأنا هنا أتحدث عن البحرين على سبيل المثال... - البعض يرى أن المدارس يجب أن توفر أجهزة حاسب آلي للطلبة، والبعض يرى أن هذا أمر غير ممكن لأن هذه الأجهزة يجب أن يتم تجديدها كل 3 إلى 4 أعوام. وبالتالي فإن الحل يكمن في أن يمتلك الطالب جهازه الخاص. وبالنسبة لنا في المدرسة التي أعمل بها، فإنه يتم الطلب من كل طالب أن يحضر جهاز الحاسب الآلي أو الهاتف الذكي الخاص به إلى المدرسة، ومن لا تتوافر لديه القدرة الشرائية لذلك، فإن المدرسة توفر له هذا الجهاز، وهذا يعني أن على المدرسة أن توفر أجهزة لما يقارب 20 في المئة فقط من طلبتها. هل قمتم بقياس مستوى نجاح التعليم الإلكتروني بالمقارنة بالتعليم التقليدي؟ - يمكن ذلك، ولكنه ليس أمرا مهما. وإنما يمكن تقييم الأمر من جانب قدرة الطلبة على الانخراط في العالم المتحول رقميا، ومدى استعدادهم للانخراط في مجال الأعمال بالمقارنة بين من لم يتلقوا تعليما الكترونيا. على سبيل المثال في بلادي، الذهاب إلى البنوك تراجع بنسبة 90 في المئة، وهذا يعني أن الغالبية الساحقة ينجزون أعمالهم المصرفية إلكترونيا، والأمر نفسه ينطبق على المملكة المتحدة. ولذلك فإن بعض الطلبة ربما يبدعون في حل المسائل الحسابية بالطرق التقليدية، في حين أن طلابا آخرين لا يبدعون في حلها إلا بطرق إلكترونية، ولذلك لا يمكن مقارنة نجاح التعليم الإلكتروني بالتقليدي. البعض يرى أن التعلم عن بعد أفضل من التعلم في فصول دراسية، وهو أمر غير صحيح، لأن كلا النظامين يماثلان بعضهما، ولكن بعض الطلبة يؤدون أفضل في التعلم عن بعد من الانتظام في فصول دراسية. على سبيل المثال لدي طلبة لا تُعتبر اللغة الانجليزية هي لغتهم الأم من بينهم 10 طلاب سعوديين، كما أن بعضهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، ولذلك هم يفضلون التعلم عن بعد. ما هي برأيك القيمة المضافة في التعليم الإلكتروني بدلا من التعليم التقليدي، بخلاف الاستغناء عن الكتب الورقية؟ - أن تحمل جهازا إلكترونيا يحوي نحو 200 كتاب، بغض النظر عن عدد صفحاتها، أفضل بكثير من أن تحمل كتابا واحدا يفوق وزنه هذا الجهاز، وهذا ما نراه بوضوح لدى الطلبة الذين يحملون على ظهرهم أثناء توجههم للمدرسة كتبا تعادل في وزنها نحو 20 في المئة من وزن الطالب. هل تعتقد أننا سنشهد قريبا اليوم الذي يستغني فيه الطلبة عن كتبهم الورقية؟ - قبل 20 عاما، توقعت أن يأتي هذا اليوم بعد 5 أعوام، ولكن هذا الأمر لم يحدث حتى الآن. بعض زملائي يرون أن هذا اليوم لن يأتي أبدا، لأنهم يحبون شعور الإمساك بالكتب، ويحبون رائحة الكتب، ولكني أرد عليهم بأن هذه الرائحة ما هي إلا بسبب البكتيريا في هذه الكتب. وحين أسألهم عن آخر كتاب قرأوه، فإنهم يتوقفون عند هذا السؤال، لأنهم لا يقرأون كثيرا؛ بسبب عدم توافر الكتب لهم بصورة دائمة مثلما تتوافر عبر الأجهزة الإلكترونية. ومن وجهة نظري، فإن الأشخاص الكبار في السن يفضلون الكتب الإلكترونية على المطبوعة، لأنها تتوافر بخط كبير وواضح مقارنة بالكتب العادية. ما هي النصائح التي تقدمها لوزارة التربية والتعليم في البحرين للانتقال من التعليم التقليدي إلى التعليم الإلكتروني؟ - الأمر المهم هو تغيير سلوك المعلمين، من السهل جدا تغيير سلوكيات الطلبة وانخراطهم في التعليم الإلكتروني، بينما هذا الأمر صعب بالنسبة للمعلمين. ويجب أن أقول هنا أن 99 في المئة من الطلبة الأميركيين يفضلون استخدام التقنية في إعداد واجباتهم المنزلية، ولكن المعلمين يحتاجون تغييرا جذريا ليتمكنوا من تقبل التحول الرقمي. على سبيل المثال، فأنا لا أخضع طلبتي لاختبارات، وإنما أعطيهم مشروعات يعدونها إلكترونيا، وهذا ما يتم تقييم الطلبة بموجبه. وأعتقد أن البحرين تعمل في هذا الاتجاه، كما أني سمعت عن تجهيز 5 مدارس لتطبيق مشروع التحول الرقمي، وأعتقد أنها معدة جيدا. وأنا هنا أود أن أشكر وزارة التربية على استضافتي في مؤتمرها بشأن التمكين الرقمي، الذي ضم اختصاصيين في مجال التحول الرقمي من عدة دول، وكان التركيز في المؤتمر على المعايير المعتمدة من الجمعية الدولية لتكنولوجيا التعليم لإدماج الأدوات التقنية في العملية التعليمية، وكان أمرا إيجابيا.

مشاركة :